أكد خبراء قانون ودستور مصريون أن قرار الحكومة المصرية بفرض حالة الطوارئ للمرة الرابعة في جميع أنحاء البلاد لمدة ثلاثة أشهر بدءًا من الساعة الواحدة من صباح السبت 14 أبريل يعد انتهاكًا صريحًا للدستور المصري.

إيلاف من القاهرة: رأى الخبراء أنه وفقًا لنص المادة 154 من الدستور لا يحق للحكومة مد الطوارئ لأكثر من مرتين متتاليتين، وما دون ذلك يجب عرض الأمر على الشعب من خلال استفتاء شعبي، وكان مجلس النواب برئاسة الدكتور علي عبد العال، قد وافق بغالبية أعضائه، وقوفًا، على قرار رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، رقم 168 لسنة 2018، بإعلان حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد لمدة 3 أشهر اعتبارًا من السبت 14 أبريل الجاري. 

الحريات محفوظة
وقال عبد العال: "إن هذا الإعلان من شأنه استقرار الوطن وتحقيق الأمن لكل المواطنين". مشيرًا إلى أن الإرهاب كما تلاحظون يلفظ أنفاسه الأخيرة؛ نظرًا إلى مجهود القوات المسلحة والداخلية في سيناء". 

من جانبه، أشار المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، خلال كلمته في الجلسة العامة للبرلمان، إلى أن مجلس الوزراء بكامل هيئته وافق على إعلان حالة الطوارئ على النحو الوارد في قرار رئيس الجمهورية رقم 168 لسنة 2018، كما تجدد الحكومة التزامها بألا يتم استخدام التدابير الاستثنائية بقانون الطوارئ إلا بالقدر الضروري، وبما يحفظ متطلبات الأمن القومي، وعدم استخدامها للنيل من الحريات العامة. 

منابع الإرهاب
في حين أكد اللواء كمال عامر، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي، أن اللجنة وافقت على قرار مد الطوارئ وفقًا للمواد 168 و154 و137 في الدستور. 

وأوضح أن اللجنة ترى أن عمل قوات الأمن في قانون الطوارئ سيجفف منابع الإرهاب، ويمكن قوات الأمن من محاصرة الإرهاب، لافتًا إلى أن اللجنة وافقت على الطوارئ؛ حفاظًا على الأمن العام، وذلك بعد استعراض تقرير الحكومة حول أسباب مد الطوارئ في البلاد لمدة ثلاثة أشهر، مشيرًا إلى أن قرار مد الطوارئ متوافق تمامًا مع الدستور، ولا توجد مخالفة، كما يدّعي البعض.

تعد هذه هي المرة الرابعة التي يتم فيها مد حالة الطوارئ المعلنة في مصر منذ أبريل 2017؛ ردًا على هجومين استهدفا آنذاك كنيستين في الأسكندرية والغربية، وأوقعا 45 قتيلًا على الأقل، وتبناهما تنظيم "داعش"، ووقتها قالت الحكومة في البرلمان: "إنها تريد مواجهة الإرهاب عبر فرض حالة الطوارئ"، ثم قررت مدها ثلاث مرات في أشهر يوليو وأكتوبر ويناير الماضية.

انتهاك صريح
من جهته، أوضح الدكتور فؤاد عبد النبي، أستاذ القانون الدستوري في جامعة المنوفية، أن إعلان تمديد حالة الطوارئ 3 أشهر أخرى، يمثل انتهاكًا صريحًا للمادة 154 من الدستور، والتي نصت على أن: "يعلن رئيس الجمهورية، بعد أخذ رأي مجلس الوزراء، حالة الطوارئ على النحو الذي ينظمه القانون، ويجب عرض هذا الإعلان على مجلس النواب خلال الأيام السبعة التالية ليقرر ما يراه بشأنه، وإذا حدث الإعلان في غير دور الانعقاد العادي، وجبت دعوة المجلس إلى الانعقاد فورًا للعرض عليه، وفي جميع الأحوال تجب موافقة غالبية عدد أعضاء المجلس على إعلان حالة الطوارئ، ويكون إعلانها لمدة محددة لا تتجاوز ثلاثة أشهر، ولا تمد لمدة أخرى مماثلة إلا بعد موافقة ثلثي عدد أعضاء المجلس، وإذا كان المجلس غير قائم يعرض الأمر على مجلس الوزراء للموافقة، على أن يعرض على مجلس النواب الجديد في أول اجتماع له، ولا يجوز حل مجلس النواب أثناء سريان حالة الطوارئ، وبالتالي لا يجوز مد الطوارئ لفترة ثالثة أو رابعة، كما حدث أخيرًا، وأقصى مدة لفرض الطوارئ هي 6 أشهر متواصلة.

وطالب بضرورة طرح قرار مد الطوارئ عبر استفتاء شعبي؛ ليتم التصويت على تمديدها من عدمه. أما موافقة البرلمان فمخالف للدستور، ويجوز الطعن على القرار أمام المحكمة الدستورية أو القضاء الإداري؛ لإلغاء قرار الحكومة بفرض الطوارئ مجددًا.

وقال الفقهيه الدستوري، لـ"إيلاف": إن "مواجهة الإرهاب ليست مبررًا للحكومة لانتهاك الدستور، كما إن الطوارئ لم تحدّ من العمليات الإرهابية، كما يدّعي رئيس الوزراء في كل مرة يطالب فيها بتجديد مد فرض الطوارئ".

ضوابط قانونية
في السياق نفسه، قال الدكتور رجب عبد المنعم، أستاذ القانون الدستوري في جامعة الأزهر، لـ"إيلاف": إنه "لا يجوز مد حالة الطوارئ لأكثر من مدتين طبقًا للمادة 154 من الدستور"، مضيفًا إن أقصى فترة قد تمد فيها حالة الطوارئ في البلاد هي 6 أشهر متتالية، وبالتالي فإن الدستور نص صراحة على ضوابط العمل بقانون الطوارئ، ولا يوجد سبب قانوني لإقرار الطوارئ لثلاثة أشهر جديدة.

ولفت إلى أن قرار الحكومة بفرض حالة الطوارئ مجددًا باطل دستوريًا، وسيطعن عليه في حالة رفع دعوى قضائية أمام المحكمة الدستورية، خاصة وأن المادة 154 حددت حالات فرض الطوارئ، بفترتين متتاليتين؛ لمنع ما كان يحدث في عهد حكم مبارك بفرض الطوارئ لفترات مفتوحة، ولكن الحكومة حاليًا تكرر ما كان يفعله مبارك بانتهاكها للدستور بشكل صريح.

مخرج دستوري
وأكد المستشار محمد الرفاعي، الفقيه القانوني، لـ"إيلاف"، أن رئيس الوزراء والبرلمان ليس من حقهما مد حالة الطوارئ لمدة إضافية رابعة، باعتبار أن الدستور حدد ذلك مسبقًا بتجديد الطوارئ لمدة مماثلة فقط.

تابع قائلًا: "إذا اقتضت ظروف البلاد بضرورة العمل بقانون الطوارئ، يكون أمام الحكومة سبيل وحيد للخروج من مأزق المادة 154 من الدستور، وهو إلغاء العمل بالقانون لفترة وجيزة، ثم يعود ويصدر قرارًا بفرض حالة الطوارئ من جديد، بموافقة ثلثي نواب البرلمان، وكون هذا لم يحدث، فإن القرار الأخير بمد الطوارئ في أنحاء البلاد لمدة ثلاثة أشهر باطل".

وأشار الفقيه القانوني إلى أن طرح مد حالة الطوارئ من خلال استفتاء شعبي لم ينص عليه الدستور، ولم يذكر ذلك صراحة في المادة 154 من الدستور، وبالتالي فإن اللجوء إلى الاستفتاء لمد الطوارئ مخالف للدستور أيضًا.