سان بطرسبورغ: يقوم الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الخميس بزيارة إلى سان بطرسبورغ لاجراء محادثات مع نظيره فلاديمير بوتين حول مسائل مهمة ابرزها ملف ايران النووي والنزاع في سوريا واوكرانيا.

والزيارة هي الأولى له إلى روسيا وتأتي في اعقاب زيارة للمستشارة الألمانية انغيلا ميركل الاسبوع الماضي. وتسعى اوروبا وروسيا إلى تقارب دبلوماسي لانقاذ الملف النووي الايراني بعد انسحاب الولايات المتحدة منه مؤخرا.

وأكد قصر الاليزيه إن الرئيسين الفرنسي والروسي "سيجريان محادثات معمقة مباشرة". وسترافق بريجيت ماكرون زوجها الرئيس الفرنسي الذي سيلقي خلال الزيارة كلمة أمام المنتدى الاقتصادي الدولي الذي تنظمه سان بطرسبورغ.

ويأتي اللقاء بعد سنة تقريبا على استقبال ماكرون المنتخب حديثا نظيره الروسي في فرساي، واتهم حينها الرئيس الفرنسي وسائل اعلام روسية بنشر "دعاية كاذبة" خلال مؤتمر صحافي مشترك.

هذه المرة سيستقبل بوتين الرئيس الفرنسي في قصر كونستانتين، المقر السابق لبطرس الاكبر على بعد نحو 20 كلم عن سان بطرسبورغ.

وتاتي المحادثات بعد انسحاب الرئيس الاميركي دونالد ترامب في مايو من الاتفاق التاريخي المبرم في 2015 مع ايران، والذي يضع قيودا على برنامجها النووي مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية عنها.

وتهدد واشنطن بفرض عقوبات اضافية في حال عدم التزام طهران بمطالب جديدة مشددة.

وسيكون إنقاذ الاتفاق نقطة توافق نادرة بين موسكو والدول الاوروبية بعد تراجع العلاقات بينهما في السنوات الاخيرة على خلفية أزمتي اوكرانيا وسوريا، ووسط اتهامات بالتدخل في انتخابات خارجية وتسميم جاسوس روسي سابق في بريطانيا.

وقال الكسندر بونوف من مركز كارنيغي موسكو إن "روسيا تتفق مع موقف غالبية المجتمع الدولي ومنهم رؤساء دول غربية" عندما يتعلق الامر بالاتفاق الايراني. واضاف أن الغرب أدرك ان حوارا مع بوتين "لا بد منه" من اجل الحفاظ على الاتفاق.

ويزور رئيس الحكومة الياباني شينزو آبي روسيا في نهاية الاسبوع. وقال بونوف "بدأ ميركل وآبي تقاربا مع موسكو، وماكرون يخشى خسارة الافضلية التي دائما ما كانت لفرنسا مع روسيا".

نقاط شائكة

لكن هناك نقاط شائكة ستحول دون تقارب كامل بين باريس وموسكو. وأبرز تلك النقاط النزاع في سوريا حيث قتل 350 ألف شخص على الاقل منذ اندلاع الحرب في 2011.

وتدخلت موسكو عسكريا في 2015 دعما لحليفها الرئيس بشار الاسد، في خطوة اعتبرت على نطاق واسع تحولا لمسار الحرب المتعددة الاطراف، فيما شاركت فرنسا في شن ضربات على اهداف للنظام.

ومن المسائل الشائكة ايضا النزاع في شرق اوكرانيا الذي اندلع بعد ضم روسيا للقرم في 2014 واودى بحياة 10 آلف شخص على الاقل حتى الان. ووقعت باريس وموسكو إلى جانب برلين اتفاقيات سلام في مينسك عام 2015 بهدف انهاء القتال لكن لا يبدو في الافق اي وقف لاطلاق النار.

والاربعاء ناشدت منظمة هيومن رايتس ووتش الرئيس ماكرون اثارة مسألة انتهاكات حقوق الانسان مع نظيره الروسي في اعقاب اجراءات مشددة ضد معارضين، والضغط على اقليات في روسيا.

وقالت المنظمة في بيان إن على ماكرون أن يؤكد "بأن فرنسا لن تقبل على الاطلاق أن تكون الاجراءات القمعية المتزايدة في روسيا هي الوضع الطبيعي الجديد". ولن تكون محادثات الرئيسين النشاط المشترك الوحيد اليوم اذ من المقرر أن يوقعا عدد من الاتفاقيات التجارية خلال المنتدى الاقتصادي.

وقال بونوف إن حضور الرئيس الفرنسي المنتدى "يعطي شرعية" لزيارات من جانب رجال الاعمال. فالقلقون بشأن المخاطر او العقوبات او الانتقادات يغطيهم إلى حد ما الرئيس". واضاف "في حال حصول ذلك، توجه الانتقادات لهذا التقارب إلى القيادة السياسية وليس إلى قطاع الاعمال".