عنف الانتخابات يحصد ضحاياه بالمغربوجدل حول الاصالة والمعاصرة


محمود معروف

01/06/2009


الرباط ـ القدس العربي

بينما لا يزال سحب حزب يتزعمه صديق للملك تأييده لحكومة عباس الفاسي على خلفية التعاطي مع الانتخابات البلدية الحدث الابرز في المغرب، سقط في مدينة قلعة السراغنة القريبة من مراكش اول ضحية لهذه الانتخابات اثر مشادة بين انصار مرشحين متنافسين.
وقالت تقارير صحافية ان شابا لقي حتفه بطعنة سكين أردته قتيلا بعد مشاداة كلامية عن الانتخابات الجماعية بعد انطلاق الحملة الانتخابية لاستحقاق الجماعات المحلية المقرر يوم 12 حزيران/يونيو المقبل.
واوضحت نفس المصادر أن الشاب الملقب بـ'الراضي' والبالغ من العمر 30 سنة لفظ أنفاسه الأخيرة قبل وصوله إلى المستشفى فيما لا زالت السلطات تبحث عن الجاني.
وضمن الملك محمد السادس باتصال هاتفي دعمه لحكومة عباس الفاسي واستمرارها رغم فقدانها للاغلبية البرلمانية بعد اعلان حزب الاصالة والمعاصرة الذي يتزعمه فؤاد عالي الهمة الوزير السابق في الداخلية وصديق الملك انتقاله الى موقع المعارضة احتجاجا على ما يصفه بضغوطات تمارسها الحكومة واغلبيتها على مرشحيه في هذه الانتخابات من خلال منعها اي برلماني من الترشيح باسم حزب غير الحزب الذي انتدب باسمه الى غرفتي البرلمان (مجلس النواب ومجلس المستشارين).
وأعرب عباس الفاسي عن 'اعتزازه بالثقة الملكية التي وضعها فيه الملك محمد السادس مجددا، وفي حكومته، لمواصلة ومضاعفة الجهود، للنهوض بالإصلاحات والأوراش الكبرى، والانكباب على حسن خدمة المصالح العليا للوطن والمواطنين.
وقال عباس الفاسي ان تجديد هذه الثقة 'رسالة موجهة إلى الوزير الأول وللحكومة وللمشهد السياسي، وبكيفية غير مباشرة للشعب المغربي قاطبة'.
كما أعرب عن اعتزازه بالاتصال الهاتفي الذي تلقاه من الملك، والذي جدد فيه توجيهاته لإجراء العمليات الانتخابية في نطاق من النزاهة وسيادة القانون.
وقال إن توجيهات الملك تؤكد على الحياد المطلق للسلطة من أجل تحقيق انتخابات جماعية نزيهة، لكونها تكتسي أهمية قصوى بالنسبة للحياة اليومية للمواطن ولمستقبله، اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا.
وأكد حرص الحكومة على 'تنفيذ تعليمات الملك'، مشيرا إلى أن موضوع الانتخابات تم التطرق إليه باسهاب في إطار الحكومة، وفي لقاءات ثنائية مع وزيري الداخلية والعدل، حيث تم التأكيد على 'تطبيق القانون بكيفية صارمة'.
وانتقد ميل 'بعض الأحزاب' إلى إضفاء صبغة 'التشريعية' على الانتخابات الجماعية المقبلة، التي هي مناسبة لمحاسبة أداء المجالس الجماعية على حصيلة عملها، مبرزا أن الانتخابات التشريعية لـ2012، ستكون موعدا لتقييم أداء الحكومة.
وفي اشارة الى حزب الاصالة والمعاصرة عبر عباس الفاسي عن استغرابه لانتقال حزب جديد كان ضمن الأغلبية الحكومية إلى صفوف المعارضة رغم ترضيته وقال 'حزب جديد، القضاء أنصفه والحكومة كذلك، ووزير الداخلية أنصفه وترك له الحق في عدم تطبيق الفصل الخامس من قانون الأحزاب، وبذلك استطاع النواب الذين التحقوا بهذا الحزب أن يترشحوا (للانتخابات المقبلة)، وبينما أغلبية الأحزاب تريد تطبيق الفصل الخامس من قانون الأحزاب، ومع ذلك كانت الترضية لهذا الحزب'.
ويتزعم عباس الفاسي حزب الاستقلال ويقود حكومة تتكون من 4 احزاب كانت قبل يوم الجمعة الماضي تحظى باغلبية برلمانية الا ان اعلان حزب الاصالة والمعاصرة تحوله نحو المعارضة افقد الحكومة هذه الاغلبية.
واتهم الفاسي حزب الاصالة بالتشويش على الحكومة والانتخابات وقال 'في الوقت الذي تمت ترضية هذا الحزب، يعلن عن التحاقه بالمعارضة، هذا تشويش. لم أعرف سابقة لا في المغرب ولا في الخارج، حزب يكون في الأغلبية ويلتحق بالمعارضة أثناء الانتخابات. هذا تشويش كذلك'.
وسرت خلال الاسبوع الماضي، مع الاعلان سحب حزب الاصالة تأييده لعباس الفاسي انباء عن انسحاب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية من الحكومة وهو ما نفاه عبد الواحد الراضي الامين الاول للحزب ووزير العدل ووصف هذه الانباء بالكاذبة والإشاعات المغرضة التي اتضح أن أصحابها لهم نية مبيتة خاصة في هذه المرحلة التي تعرف انطلاق الحملة الانتخابية، وقال إن الاتحاد الاشتراكي حزب مسؤول ولا يتخذ قرارات مرتجلة ومتسرعة، وليس لدينا شخص هو الذي ينفرد بالقرارات.
ولا زالت خطوة فؤاد الهمة بالانسحاب نحو المعارضة محل نقاش في الاوساط السياسية المغربية حيث شكك فيها قيادي في حزب 'العدالة والتنمية' وقال أنها لا تعدو كونها محاولة تكتيكية لإثارة الانتباه عشية انطلاق حملة الانتخابات الجماعية. واستبعد مصطفى الرميد رئيس الفريق البرلماني لحزب العدالة والتنمية أن يكون تكون خطوة حزب الأصالة تجاه حكومة الفاسي والتحاقه بالمعارضة مدخلاً للتقارب مع الحزب، وقال: 'لا يمكن أن نكون حلفاء لحزب له أجندة غير معروفة، وإذا عرف من هذه الأجندة شيء فلن يكون سوى الارباك، ولذلك ليس بالامكان الحديث عن أي تحالف أو تنسيق بين حزبي العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة'.
وأشار الرميد إلى أن ما أتاه حزب الأصالة والمعاصرة الذي أعلن سحب تأييده لحكومة عباس الفاسي، لا يعدو أن يكون تكتيكاً انتخابياً لإثارة الانتباه وقنبلة صوتية، وقال: 'لا أعتقد أن حزب الأصالة والمعاصرة من حيث مكوناته جاهز لأن يكون في أي معارضة، وأعتقد أن جهات نافذة في الدولة هي التي تدعم هذا الحزب، وما كان له أن يمتد ليشمل أعيان المغرب لو لم يتم دعمه من طرف رجال الداخلية في كل المناطق المغربية، فقد كثف هؤلاء نشاطهم لدعمه والترويج له'.
وانتقدت مواقع مغربية على الانترنت اتصال الملك محمد السادس بعباس الفاسي وتزكية بقائه رئيسا للحكومة وتساءلت 'أي معنى يبقى للحياة السياسية إذا كان الملك هو من يوجه العمل البرلماني والسلوك الحزبي؟ أي تشويق سياسي أو حركية ديمقراطية ينتظرها الشعب إذا كان الملك هو من يحيي ويميت الحكومات حتى في الشق المتعلق بمساندة أو معارضة الحكومة؟'.