أحمد السيد - القاهرة
أكد فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب أن أهم أولوياته عقب توليه منصب شيخ الازهر خلفا للشيخ الراحل محمد سيد طنطاوي، الحفاظ على المكاسب التي حققها الأزهر في عهد الإمام الأكبر الراحل والحفاظ على الوحدة الوطنية في مصر ودعم الحوار مع الآخر والثقافات والحضارات المختلفة لتحقيق الخير لكل البشرية.
laquo;القبسraquo; التقت فضيلة شيخ الأزهر الشريف في أول لقاء له مع جهة إعلامية عربية، فكان هذا الحوار:
bull; ما أهم الأمور التي ستركزون عليها خلال تولي فضيلتك لمنصب شيخ الأزهر الشريف؟
ــ أهم أولوياتي الحفاظ على المكاسب التي حققها الأزهر في عهد الإمام الأكبر الراحل فضيلة الدكتور محمد سيد طنطاوي، لأنه ظل مدافعا عن المسلمين والأزهر لآخر لحظة في حياته، وتحقق في عهده ــ بتوفيق الله تعالى ــ الكثير من التقدم للأزهر، مع الحفاظ على هويته التي يتسم بها دائما، وهي الوسطية والاعتدال، وهي أشياء أسعى جاهدا للحفاظ عليها أيضا، لأنها تعد المنهج laquo;الأزليraquo; للأزهر. واعرف جيدا أن هناك مهام كبيرة ملقاة على عاتقي، أولها أنني ملتزم بالبناء على المكاسب التي حققها الأزهر في عهد الإمام الراحل، لأنها تمثل شيئا مقدسا لا يجوز المساس به، وأركز أيضا وبشكل أساسي على الحفاظ على الوحدة الوطنية بين المسلمين والمسيحيين في مصر، لأننا جميعا نسيج واحد وإخوة متساوون في جميع الحقوق والواجبات، ولا فرق مطلقا عندنا بين المسلم والمسيحي.
أنا وlaquo;الإخوانraquo;
bull; بعض أعضاء ونواب جماعة الإخوان المسلمين اعترضوا على اختيار فضيلتك لمنصب شيخ الأزهر.. فلماذا في تقديرك؟
ــ لا أعرف سببا لذلك، ولا اعرف سبب رفض laquo;الإخوانraquo; لتعييني شيخاً للأزهر، وأرى أن فكر جماعة الإخوان لا يتفق مع فكر الأزهر، كما أنني أرفض بشدة تسييس جامعة الأزهر وإدارتها من خلال أعضاء الاخوان وتعليماتهم التي يوجهون طلبة الجامعة بها.
bull; هل هناك تعارض بين منصب شيخ الأزهر وعضوية فضيلتك في المكتب السياسي في الحزب الوطني؟
ــ أرى أنه لا يوجد اي لون من التعارض إطلاقا بين منصب شيخ الأزهر والانتماء للحزب الوطني، فالاثنان يتكاملان، ولماذا لا يكون شيخ الأزهر منتميا لحزب؟ فالمسألة تعتمد على شيخ الأزهر وإذا ما كان سيؤثر أم سيتأثر؟
bull; وهل تنوي -فضيلتك- الاستقالة من المكتب السياسي بالحزب الوطني؟
ــ لا أفكر مطلقا في الاستقالة من المكتب السياسي، لأنه لا يوجد تعارض مطلقا بين عضويتي في الحزب الوطني ومنصب شيخ الازهر، وما المانع ان يكون شيخ الأزهر عضوا في الحزب الوطني، فالحزب يحتاج إلى الأزهر في منحه الرأي الصحيح، وشيخ الأزهر يحتاج صوتا قويا يدعمه ويسانده مثل الحزب الوطني.
bull; لكن البعض يرى أن عضويتك في الحزب ستفرض عليك تنفيذ تعليمات الحزب ورغباته؟
ــ من يفكر أنني أنفذ رغبات الحزب الوطني يحتَج الى الرثاء، لأنني حريص كل الحرص على الحفاظ على الازهر ومصلحته، فما يتفق مع فكر الازهر واتجاهاته مرحبا به، وما يتعارض معهما نقف له بالمرصاد ونواجهه بكل قوة، ولن نسمح مطلقا بان تخترقنا احدى الجماعات، مثل laquo;الاخوان المسلمينraquo;.
لم أتعرض لضغوط
bull; خلال عملك في منصب مفتي الديار المصرية وما تبعه من رئاسة جامعة الازهر، هل تعرضت لأي ضغوط في هذين المنصبين؟
ــ إطلاقا لم أتعرض أبدا لأي نوع من الضغوط، ولقد أمضيت عامين ونصف العام في دار الإفتاء مفتيا للديار المصرية، وكذلك طوال فترة رئاستي لجامعة الازهر، لم يرفع أي مسؤول يوما ما سماعة التلفون ليقول لي افعل كذا او لا تفعل كذا، وهذه حقيقة يحاسبني عليها المولى عز وجل.
bull; هل منصب شيخ الازهر يجعلك تعمل ألف حساب لكل كلمة تصدر عن فضيلتك؟
ــ تعرفون جيدا أنني أتحدث بعفوية، لأنني لا أخشى إلا الله تعالى في كل كلامي وتصرفاتي وسلوكياتي.
bull; هل ستعيد -فضيلتك- النظر في تدريس المذاهب الفقهية مثلما كانت في السابق في معاهد الازهر؟
ــ سنفتح ملف التعليم الازهري بشكل شامل وكامل وليس فقط من اجل مادة الفقه، وانما في كل المواد والمناهج التي يدرسها طلاب الازهر وطالباته، لأن تطوير المناهج ضرورة ملحة، ومن وجهة نظري يجب تطوير المناهج وتعديلها كل 5 سنوات.
bull; هل تؤيد اختيار شيخ الازهر بالانتخاب بدلا من التعيين؟
ــ اضمنوا لي الناخب المحايد النزيه أضمن لكم ان يتم تطبيق الانتخاب في هذا المنصب، ولكن ان نقول يتم الانتخاب مع عدم وجود الناخب المتجرد من اي هوى او مصالح خاصة فهذا أمر غير منطقي ويتعارض مع العقل.
الوفاق بين السنة والشيعة
bull; هل تسعى الى تفعيل التقريب بين المذاهب الإسلامية، خاصة بين السنة والشيعة؟
ــ هذه من أهم اهتمامات الأزهر في الفترة المقبلة، تحقيق التقريب بين المذاهب الإسلامية والعمل على تحقيق وحدة المسلمين في العالم، لأن الاختلاف بين السنة والشيعة في الفروع فقط وليس في الاسس والثوابت التي يقوم عليها الدين، لذلك علينا بالتركيز على نقاط الاتفاق وتبادل الآراء والنقاش في نواحي الاختلاف لتحقيق الوحدة بين المسلمين لمواجهة التحديات والمخاطر العظيمة التي تواجهنا في الوقت الراهن.
bull; هل ستسير على خطوات الإمام الأكبر الراحل نفسها في منع ارتداء laquo;النقابraquo; في المعاهد والمدن الجامعية للفتيات؟
ــ المنع ليس من سياستي، لأن منع الشيء يؤدي الى المزيد من الانتشار، وإنما أنوي التصدي لانتشار النقاب من خلال laquo;التصدي الفكريraquo; له والتعريف بموقف الإسلام منه، وهو ما قمت بتطبيقه فعليا في جامعة الازهر، وأدى بالفعل الى اقتناع العديد من الطالبات المنتقبات وقمن بخلع النقاب بإرادتهن ومن دون اي نوع من الضغوط او الاجبار.
الدفاع عن القدس
bull; كيف نواجه الوضع الراهن في القدس وسعي إسرائيل الدائم لتهويدها؟
ــ أدعو جميع الفصائل الفلسطينية، خصوصا laquo;فتحraquo; وlaquo;حماسraquo;، الى توحيد صفوفهم، لأنه من غير المقبول مطلقا ان تقوم اسرائيل بكل هذه الاجراءات لتهويد القدس والفصائل تتصارع في ما بينها، ولا تطبق قول المولى عز وجل laquo;واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقواraquo;. ونحن في مصر والأزهر سنظل مساندين دائما لجميع حقوق الشعب الفلسطيني بكل ما أوتينا من وسائل وأساليب حتى يتم اعلان الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
bull; هل توافق على المشاركة في مؤتمرات حوار الأديان التي يحضرها إسرائيليون؟
ــ أرفض طبعا المشاركة في مؤتمرات يحضرها إسرائيليون، الا أنني اوافق على حضور المؤتمرات التي يحضرها اليهود، وهناك فرق كبير بين الإسرائيلي الذي يحتل أرضنا ويدنس مقدساتنا واليهودي الذي يسعى للتعاون معنا لتحقيق الحوار بين الأديان والحضارات ونفع البشرية.
bull; وهل اذا عرضت عليك مصافحة الرئيس الاسرائيلي شيمون بيريس فستقبل؟
ــ في البداية، أود ان أؤكد ان الإمام الاكبر فضيلة الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الازهر حينما صافح الرئيس الاسرائيلي لم يكن يعرفه مطلقا، وأكد لي أنه laquo;ما يعرفوشraquo; وأقسم لي بالله تعالى انه لم يكن يعرفه مطلقا، وانما laquo;شاف واحد بيمد يده ليصافحه ضمن شخصيات عديدة صافحتهraquo; فمد يده إليه من دون ان يعرفه مطلقا، وهذا خطأ الدبلوماسيين الذين كان يجب عليهم تنبيه فضيلة الإمام الى ذلك.
وفي ما يتعلق بي، فلا أوافق على مصافحة شيمون بيريس وغيره من المسؤولين الاسرائيليين، لأنه من غير المنطقي أن أصافح رئيس دولة تحتل مقدساتنا وتعتدي على إخواننا وأهلنا في فلسطين والقدس!
أزور القدس بعد تحريرها
في رده على سؤال حول الدعوات التي تم توجيهها اليه لزيارة القدس في الوقت الراهن، اجاب شيخ الازهر: لن أزور القدس والمسجد الأقصى إلا بعد تحريرهما تماما من الاحتلال الإسرائيلي، لأنني أرفض زيارتهما في الوقت الراهن، حيث ان ذلك يعد اعترافا بشرعية الاحتلال، كما أنني أدعو جميع المسلمين في مختلف أنحاء الأرض الى عدم زيارة القدس في الوقت الراهن او الانسياق وراء الدعوات التي تدفعهم الى ذلك، لأن هذا اعتراف بالاحتلال، ولا ينبغي مطلقا ان نزور القدس إلا بتأشيرات فلسطينية بعد ان يتم تحريرها ان شاء الله تعالى.
الأزهر بحاجة إلى قفزة نوعية
يرى شيخ الازهر الدكتور احمد الطيب أن الأزهر يحتاج إلى قفزة نوعية كبيرة وإلى علاقة قوية جدا مع المجتمعات الخارجية، وهو ما يتحقق من خلال تفعيل مجالات الحوار بين الاديان ومع مختلف الحضارات والثقافات لتحقيق الخير والنفع لكل البشرية.
ويشدد على ضرورة وضع الأزهر في مكانه الصحيح وأمام مسؤوليته التاريخية وهي الدفاع عن الإسلام والمسلمين laquo;لأن الأزهر القلعة الكبرى للثقافة الإسلامية والمرجعية الكبرى للعقل الإسلامي في كل مكان في العالم، فالازهر كما أرى كان ولا يزال سبب وحدة الثقافة بين المسلمينraquo;.
التعليقات