في حوار شامل تحدث فيه عن مشروعه الفكري وخلفيات تكفيره والدولة الامنية
بيروت - ناظم السيد
لم تمضِ سنتان على حواري السابق مع المفكر الإسلامي نصر حامد أبي زيد والذي نشر في القسم الثقافي لصحيفة ' القدس العربي'. كان الحوار السابق حواراً في مناسبة قدومه إلى بيروت محاضراً عن ' الفن وخطاب التحريم'. لكن محاورة أبي زيد تتطلب أكثر من مناسبة مؤقتة أو محاضرة. الرجل الذي اتهم بالردة وصدر في حقه حكم بالتفريق بينه وبين زوجته الدكتورة ابتهال يونس، أقلق أكثر من مؤسسة في مصر، من المؤسسة الجامعية الراكدة حيناً والمستسلمة للتيارات الدينية المتشددة حيناً آخر أو الموالية للنظام في بعض الأحايين، إلى إحداث قلق لدى المؤسسات الدينية وصولاً إلى السلطة السياسية. هكذا يمكن أن نقرأ محاكمة نصر حامد أبي زيد على ضوء مسارات عديدة كانت تمر فيها مصر ولا تزال. على أن الحوار مع أبي زيد ينبغي ألا يتوقف عند المحاكمة التي جرت في منتصف التسعينات من القرن العشرين، وشكلت أبرز محاكمة يتعرض لها مفكر في النصف الثاني من القرن الفائت. لهذا كان لا بد من مناقشة الرجل في طروحاته الفكرية المثيرة للجدل. كان لا بدَّ من مناقشته في مساراته الفكرية بدءاً بمفهومه عن النص القرآني الذي اعتبره نصاً لغوياً وثقافياً وبيئياً، مروراً بحديثه عن الظاهرة النبوية غير الفوقية، وعن ظاهرة النص القرآني، ونفيه بأن القرآن أنزل على النبي محمد لغة وإنما وحي، ونفيه وجود جن وشياطين وملائكة وثواب وعقاب بالمعنى المتعارف عليه لدى المسلمين المؤمنين، وانتهاء بنقده الخطاب الديني والخطاب السياسي.
في هذا الحوار الذي ينشر في قسمين، أذهب مع نصر حامد أبي زيد من النقاش الفكري إلى النقاش السياسي، ومن نظم الدولة العربية الحديثة إلى الإسلام السياسي والتطرف الديني، ومن تاريخ الفقه إلى تاريخ المحاكمات والاستبداد، ومن التفسير إلى التأويل، معرّجين على المشروع النهضوي الذي لا يزال مستمراً إنما على صعيد بعض النخب. ويكشف أبو زيد في هذه المقابلة الساخنة كما أفترض الخلفيات التي كانت وراء محاكمته ولا سيما في ما يتعلق بالدكتور عبد الصبور شاهين، معرّجاً على قضية الفساد التي طالت إحدى شركات الاستثمار بغطاء شرعي، منطلقاً منها إلى الفساد العام الذي يتأكل مصر كلها. حوار مثير سينقسم حوله القرّاء ولا سيما أن أبا زيد، بجرأته وصراحته وعمقه، سيكون صادماً لأولئك الذين لا يرون في الدين إلا العقيدة. ومن نافل القول أن طريقة أبي زيد في الكلام تقوم على الاستطراد والجمل الاعتراضية، وهي طريقة تكشف عن شخصيته كمحاضر في الجامعة. لهذا حاولت أن أحافظ على هذه الصيغة أثناء تحويل هذا الحوار من نص شفهي إلى نص مكتوب. ولم أتردد في الإبقاء على بعض الألفاظ المحكية لما فيها من إصابة مباشرة للمعنى. لهذا قد يجد القارئ في صيغة النقاش الاستطرادية والاعتراضية صيغة تكاد أن تكون شفوية. وأغلب الظن أنها صيغة تحافظ على حرارة الكلام وتجنّبه ' الترجمة' أي إلباس الكلام لغة مغايرة. هنا نص الجزء الأول من الحوار:
مرتد في محكمة الأسرة
دعني أبدأ من قضية محاكمتك بتهمة الردة. قد تكون قضيتك هي إحدى أشهر قضايا التكفير في النصف الثاني من القرن العشرين. أنت طبعاً تضع تلك المحاكمة التي تعرضت لها في سياق عام، أي في سياق الأوضاع التي كانت سائدة في مصر في التسعينات، في محاولة أيضاً لإبعاد الصفة الشخصية للمحاكمة، وكأنك تحاول أن توجد لها مخرجاً...
( مقاطعاً) لأ، أنا أحاول أن أوجد لها تفسيراً. فرق كبير بين التفسير والتبرير.
نعم، سؤالي هو: أنت اتهمت بالردة وحوكمت بناء على دعوى الحسبة التي تقدم بها عبد الصمد حميدة، لماذا جرت المحاكمة أمام محكمة الأسرة؟ وما معنى محاكمتك أمام محكمة الأسرة ودلالة هذه المحاكمة والحكم الذي انتهى إليه القاضي بالتفريق بينك وبين زوجتك أستاذة الأدب الفرنسي الدكتورة ابتهال يونس؟
الذين أقاموا الدعوى هم مجموعة من المحامين والمستشارين القضائيين. رأس الدعوى كان رئيساً سابقاً لمجلس الدولة. ليس هناك في القانون المصري تهمة أو جريمة اسمها الردة. لهذا لا يستطيع القضاء محاكمة أحد بتهمة الردة. حيث لا جريمة لا توجد محكمة. المدخل الوحيد لإثبات الردة، وبالتالي لفصلي من الجامعة - وهذا كان الهدف الأول من وراء الدعوى - هو الدخول عبر الحسبة، أي عبر مسألة الزواج. كأن الذي رفع الدعوى يريد أن يقول إن تدخله باسم الفضيلة لإنقاذ الزوجة المسلمة من رجل مرتد عن الإسلام.
لإنقاذ زوجتك منك؟
( يضحك) لإنقاذ ما يُسمى حق الله. تزعم الدعوى أنها تريد إنقاذ المسلمة من براثن غير المسلم. طبعاً المقصود بالدعوى أمام محكمة الأحوال الشخصية ليس إثبات الردة وإنما التفريق بين الزوجين على اعتبار أن هذا الزواج أصبح من الناحية الشرعية باطلاً. لهذا رفضت المحكمة الابتدائية ( المحكمة الأولى) الدعوى لمخالفتها قانون الإجراءات القانونية المدنية، على اعتبار أن أصحاب الدعوى ليست لهم مصلحة في الدعوى، أي غير متضررين بشكل مباشر، وبالتالي لن يحققوا مصلحة مباشرة. بعد رفض المحكمة الابتدائية الدعوى ذهبوا إلى محكمة الاستئناف.
في القاهرة طبعاً؟
نعم في القاهرة. وهناك جرت تفاصيل فضائحية للمحاكمة. قاضي الاستئناف قبل الدعوى شكلاً. يعني أن هذه المحكمة مختصة بهذه الدعوى. هذا ما يُسمى في القانون قبول الدعوى شكلاً، وذلك قبل النظر في المضمون. إذاً، لم يكن يمكن للمتقاضين أن يدخلوا في هذه القضية إلا عبر محكمة الأسرة.
ما هو أخطر من محاكمتك في محكمة الأسرة أن القاضي الذي قبل الدعوى سلم بأنك مرتد، أي أنه تصرّف على أساس أن التقارير والآراء والهجومات التي شنت ضدك هي شهادة على ارتدادك أياً كان مصدر هذه التقارير والآراء والهجومات؟ يعني من هو الشخص المخوّل نزع صفة الإيمان أو الإسلام عن شخص ما؟
طبعاً هذا هو الإشكال الفقهي والإشكال القانوني اللذان وقعت فيهما المحكمة. أنا أتكلم هنا فعلاً بشكل موضوعي. القاضي رأى أن العلماء الأفاضل - بناء على الأوراق - بنوا استنتاج الردة على أدلة ثابتة في كتابات نصر حامد أبي زيد. القاضي نفسه لم يقرأ شيئاً. هو اعتمد على شهادات أشخاص يمكن لأي شخص أن يشكك في شهادتهم. لهذا كان عندي تفسير آخر لما جرى. كان عليَّ أن أخرج من هذه التفاصيل وأرى الواقع في مصر في التسعينات من القرن العشرين. هذا الواقع بدأ من الجامعة. من عجز داخل اللجنة العلمية في النظر إلى المواد العلمية التي قدّمها المرشح للترقي ( أي نصر حامد أبو زيد هنا) نظرة أكاديمية ومن ثم تقرر إذا ما كانت هذه المواد لا يصح اعتبارها ولا يصح الأخذ بها أو العكس. ما الذي جعل مجمع أساتذة يُصاب بهذه الحالة من الهلع لمجرد وجود اتهام ديني؟ لو كان هذا الأمر حدث في أوائل السبعينات مثلاً لكان الموقف مختلفاً. لكن الحالة العامة في مصر التسعينات كانت تلقي نوعاً من الخوف على الجميع. الإرهاب وقتها كان وصل إلى القاهرة. الجامعة أيضاً كانت في نظر النظام فرّاخة الإرهاب والتطرف. هذه هي مشكلة العالم العربي المعاصر. أين المشكلة في التضحية بمثقف أو في عدم ترقية أستاذ جامعي؟ طيب ممكن يُرقى بعد سنة أو سنتين. المهم هو عدم إثارة الإسلاميين سواء من الأساتذة أم من الطلبة. إذاَ، المناخ عموماً كان'مناخاً مريباً. كان هناك فزع عام مما يتعلق بالنقاش الديني. طبعاً ثمة شواهد كثيرة تؤكد هذا الأمر. فتوى الخميني ضد سلمان رشدي. والعديد من النقاد العرب - باستثناء صادق جلال العظم - وأخص المصريين الذين كنت على معرفة بهم، لم يقرأوا الرواية ( يقصد ' آيات شيطانية'). مع ذلك كنت تقرأ مقالات تبدأ بهذه العبارة: ' صحيح أنني لم أقرأ الرواية لكن هذا الرجل كيت وكيت...'. المسألة هنا تتعلق باتهام ديني. أنا لم أدافع عن رواية سلمان رشدي لكني نقدت هذا الفزع من رواية. واخد بال حضرتك؟ ده المناخ العام. تصور أن أساتذة أفاضل وأجلاء كتبوا تقريراً علمياً إيجابياً حول كتابات نصر حامد أبي زيد ومع ذلك وقعوا التقرير العام الذي كفّر نصر حامد أبا زيد.
سأسألك حول مسألة وضع محاكمتك في سياق العنف الذي ساد مصر في التسعينات. لكن أولاً دعني أسألك عن اللجنة العلمية وعلى رأسها الدكتور عبد الصبور شاهين...
( مقاطعاً) لأ مش على رأسهم. هو كان عضواً في اللجنة.
ألم يكن رئيس اللجنة؟
لا لا لا إطلاقاً. هو عضو من بين ثلاثة أعضاء يُسمّون لجنة القراءة. اللجنة العامة تتألف من نحو 40 أستاذاً.
مفتي شركة الاستثمار
طيب، الدكتور عبد الصبور شاهين اعتبر أنك لا تستحق الترقية بناء على الدراسة التي تقدمت بها لترقيتك ( صدرت الدراسة لاحقاً ككتاب تحت عنوان 'نقد الخطاب الديني')، وبعد ذلك حوّلت مسألة أكاديمية إلى مسألة إعلامية؟
التقرير الذي اتهمت فيه بالردة منشور. هو رجل يتمتع بقدرة هائلة على التنصل. هو قال هذا الكلام لأنه افتضح.
كلام الدكتور شاهين نقلاً عن حوار أجري معه في صحيفة ' المصري اليوم' على ما أعتقد، وهو حوار حديث؟
أعرف ذلك. المقياس يبدأ بالتقرير نفسه ( تقرير الاتهام بالكفر). هذا التقرير ليس فيه من الأكاديمية واحد في المئة. هو مجموعة من الشتائم ومجموعة من الهجوم ومجموعة من الاتهامات. تقرير علمي صفر. تقرير اتهامي مية في المية. طبعاً هو يقول هذا الكلام لأنه كان يصاب بحرج شديد في كل مؤتمر يحضره. هذا الرجل - وأنا آسف جداً جداً جداً - لا يحترم الكلمة. لا يحترم تلميذه. هو ينكر- مثلاً - العبارات المنحطة التي قالها بعد الحكم عليّ. وهو لا يدري أن هذا الكلام منشور، ويمكن لأي شخص أن يجلب هذا الكلام ويضعه أمام وجهه كمرآة. قدرة بشر مثل عبد الصبور شاهين على محاولة تدمير النفس قدرة مذهلة. هو حاول الرجوع إلى اللجنة العامة لكشط بعض العبارات لكنهم لم ينجحوا في كشط هذه العبارات. وأنا قابلته...
بعد المحاكمة؟
لا، قبل المحاكمة وقبل التقرير. ذات مرة التقاني في حرم الجامعة فقال لي: يا دكتور نصر لو حبينا نرقيك نرقيك على أي تخصص؟ فقلت له: تخصصي (متخصص في الأدب العربي والدراسات الإسلامية). ما معنى هذا الكلام؟ تلامذته قالوا لي: لم تفهم الرسالة.
وما هي الرسالة؟
يريد أن أزوره في البيت وأحمل إليه هدية. كان هذا هو التقليد وقتها: أن تزور اللجنة وتقدّم هدايا. طبعاً أنا كنت أعرف هذه التفاصيل لأنني رجل أعيش في مجتمع وليس في برج عاجي. لكنني أحتقر مثل هذه الإشارات. لا أريد الإطالة في هذا الموضوع. لكن المجتمع المصري كله يعرف علاقة عبد الصبور شاهين بشركات توظيف الأموال. وحين تم الكشف عن فضيحة الشركة التي كان يعمل مستشاراً فيها خطب في الجماهير وقال لهم: ' رأيت الرسول في المنام، وهذا الرجل ( صاحب الشركة) رجل فاضل'. وهذا كله مسجل عبر الفيديو.
القضية هي سرقة أموال مودعين أو مستثمرين؟
طبعاً. هذه فضيحة معروفة جداً وقد حدثت في الثمانينات. وقتها كانت تلك الشركة تعطي نسبة أرباح عالية تصل إلى 25 في المئة. المواطن المصري رأى في هذه النسبة مصدر دخل جيداً مقارنة مع الـ 6 في المئة التي تعطيها عادة البنوك. فما بالك إذا كانت هذه الشركة شرعية وبالتالي أموالها حلال؟ لكن بعد فترة ضاعت أموال المودعين ولم يستردوا أموالهم حتى هذه اللحظة. فساد. فساد. كلمة فساد أعم من الشخص. الفساد يسند بعضه بعضاً. إذا دخل وسط الفساد شخص نظيف يلبس جلابية بيضاء لا بد من تلويثه. إذاً، هذه فضيحة تتجاوز مسألة الترقية إلى بنية كاملة، مجتمع بكامله، بما فيه القيادة السياسية، يعرفون هذا الرجل، ومع ذلك وقفت هذه البنية معه ( صاحب الشركة آنفة الذكر). أنظر اليوم إلى النتائج في سنة 2010. إذا كنت تتابع أخبار مصر- لا أريد الكلام عن العالم العربي - ستعرف إلى أي حد وصل حجم الفساد. فيضان من الفساد.
تأصيل العنف والمحاكمات
قد تكون قضية الفساد أهم قضية في مصر إضافة إلى قضية التوريث. لكن دعني أعود بك إلى المحاكمة التي وضعتها في سياق عنف التسعينات كما ذكرنا قبل قليل. هناك محاكمة شبيهة جرت مع أبي زيد الأول نحو سنة 1918، حين رفعت دعوى تفريق بينه وبين زوجته على خلفية ما كتبه حول عدم تأكيد نبوة آدم لأنه اعتبر أن الأدلة حول هذه النبوة ظنية وليست قطعية. محكمة دمنهور الابتدائية أصدرت فعلاً حكماً بالتفريق لكن محكمة الاستئناف في الإسكندرية نقضت الحكم. سؤالي أولاً، ما مدى التشابه بينكما؟ ثانياً، نحن نتحدث عن مرحلة ما قبل نشوء الإسلام السياسي وما قبل العنف الإسلامي الذي شهدته مصر ودول عربية في مراحل مختلفة في النصف الثاني من القرن العشرين، هل ترى أن الإرهاب الفكري مسألة متأصلة في الثقافة الإسلامية على ضوء الأمثلة العديدة من قضية لويس عوض بسبب كتابه ' في فقه اللغة العربية' ومحمد أحمد خلف الله الذي تسببت أطروحته ' الفن القصصي في القرآن' في عدم قبوله أستاذاً في الجامعة إضافة إلى تنحية أستاذه أمين الخولي عن اللجنة التي تنظر في الترقيات ومن قبل نجيب محفوظ الذي أثار استياء الأزهر بسبب روايته ' أولاد حارتنا' وكذلك طه حسين في كتابه ' في الشعر الجاهلي'، إضافة إلى محاكمة علي عبد الرازق سنة 1926 بسبب كتابه ' الإسلام وأصول الحكم'، وربما تقودنا القائمة إلى زمن ابن رشد وبشار بن برد والحلاج، من غير أن نغفل أن تصفيات جسدية حدثت بناء على الأفكار؟ هل ترى أن الإرهاب الفكري في الإسلام أصيل في الممارسة وربما في النص الديني نفسه؟
لا أعتقد ذلك. إذا عدنا إلى عمق التاريخ، إذا عدنا إلى الحلاج وأمثاله كالجعد بن درهم...الذي قتل في عهد الأمويين وكذلك غيلان الدمشقي والجهني الذين قالوا بإرجاء مرتكب الكبيرة، أي ما يعرف باسم المرجئة في تاريخ المدارس الفكرية الإسلامية.
طبعاً هناك عنف، لكن هذا العنف تمارسه الدولة. مثلاً محاكمة الحلاج كانت سياسية من الطراز الأول. الحلاج كان على علاقة مع قوى معارضة للدولة العباسية. هذا ما يسمى التبرير الديني لمحاكمة سياسية. لا يمكن أن نسند مثل هذه المحاكمات إلى المنظومة الفكرية الإسلامية. الدولة العباسية حاولت أن تجمع في قبضتها القرار السياسي والقرار الديني. دعنا نخرج من فكرة أن المأمون كان عقلانياً وأنه أسس بيت الحكمة. أي حاكم مكانه كان سيؤسس بيت الحكمة. المأمون تبنى قضية المعتزلة في قولهم بخلق القرآن وحاكم على أساس هذا التبني القضاة والشعراء والمفكرين، وسعى إلى فرض هذه العقيدة بقوة الدولة. بعده بجيلين جاء المتوكل وفعل العكس، أي دعم الحنابلة ضد أصحاب الاتجاهات الأخرى. هناك شخصيات كثيرة تجاوزت مقولات الحلاج ولم تقتل. طبعاً السهروردي قتل على يد صلاح الدين الأيوبي. علينا أن نبحث عن السياسة في كل هذا.
الدولة الأموية أيضاً قتلت'بناء على الرأي، وقد ناقشت أنت هذه المسألة في كتابك ' الاتجاه العقلي في التفسير'، ومن قبل أفرد أدونيس جزءاً من كتابه الموسوم ' الثابت والمتحول' لهذا الأمر؟
طبعاً الدولة الأموية فعلت هذا.
أبعد من هذا، هل ترى أن الإرهاب الفكري أو الحجر على رأي الآخرين، بدأ مع عمر بن الخطاب في سقيفة بني ساعدة حين تم تعيين أبي بكر الصديق خليفة أول للمسلمين؟ وكيف تقرأ ما عرف باسم حرب الردة في عهد أبي بكر؟ هل فعلاً كانت حرباً ضد الارتداد أم صراعاً قبلياً على مسألة الخلافة من خلال رفض بعض القبائل دفع الجزية لحكم أبي بكر كما يرى الشيعة؟
أوافق طبعاً. كان هناك صراع سياسي، ولا سيما بين الأنصار والمهاجرين. كان هناك صراع حول الاستئثار بالسلطة والمشاركة في السلطة. كان الأنصار يرون أن من حقهم أن يكون الخليفة منهم على اعتبار أنهم ناصروا النبي والذين هاجروا معه في المدينة، ولولا مناصرتهم تلك كان من الممكن أن تتعرض هذه الجماعة للإفناء في مكة. حتى ان القرآن يمدحهم في أكثر من مكان. كان هناك خلاف على من يتولى السلطة بعد وفاة النبي، وهي - في المناسبة - سلطة مدنية وليست دينية. وقصة قتل سعد بن عبادة مشهورة، وقد قيل وقتها قتلته الجن.
خلفيات ونتائج
تقصد زعيم الأوس؟
نعم، وحتى عمر بن الخطاب قال عن تولية أبي بكر ' كانت فتنة وقى الله شرها'. وبعد ذلك اقترح أبو بكر عمر للخلافة، وكذلك فعل عمر حين شكل مجلساً من ستة أشخاص لاختيار الخليفة من بعده. بعيداً عن التفسير الشيعي للأمر، فإن كل ما حدث بعد وفاة الرسول كان قرارات سياسية. ما تسمى حرب الردة كانت حرباً سياسية. كانت ثورة من بعض القبائل ضد سلطة أبي بكر. لم تكن ثورة هؤلاء ردة عن الإسلام وإنما ردة عن الولاء السياسي. ولهذا رفضت هذه القبائل دفع الجزية، لأن الجزية في عرف القبائل العربية كانت نوعاً من جزية الرأس وليست جزية دينية. والقرآن يحدد نوعاً آخر من الجزية من خلال الآية ' خذ من أموالهم صدقة تطهّرهم وتزكيهم بها وصلِّ عليهم إن صلاتك سكن لهم'. الناس في القبائل قالوا طيب الرسول يستطيع أن يصلي علينا ويطهرنا لكنَّ أبا بكر لا يملك السلطة الروحية التي يملكها الرسول، لماذا إذاً نعطيه أموالاً؟ أضف إلى ذلك أنه كان من الصعب وقتئذ إحداث ثورة من دون أبعاد دينية، لهذا ظهر ما يسمى الأنبياء الكذّابون كمسيلمة. هكذا ترى أن ذلك التاريخ كان تاريخاً سياسياً. حتى المحاكمات التي تحدثنا عنها إذا نظرت في عمقها ستجد أنها محاكمات سياسية كمحاكمة علي عبد الرازق الذي ' لخبط' المسألة على الملك فؤاد، وقد يكون فعل هذا الأمر بغير قصد. سؤال عبد الرازق المحوري هو هل الخلافة كنظام سياسي نظام إسلامي أم أنه نظام اختاره المسلمون. وكان علماء في أنقرة قد أصدروا كتاباً بعنوان ' الخلافة وسلطة الأمة' يرى أن الخلافة مسألة اختيار، وذلك قبل كتاب عبد الرازق ' الإسلام وأصول الحكم'. كذلك محاكمة أبي زيد الأول تتضمن بعداً سياسياً. السبب المباشر للمحاكمة كما قلت أن الأدلة على نبوة آدم ظنية وليست قطعية. لكنه كان قد كتب كتاباً بعنوان ' الهداية والعرفان في تفسير القرآن' يتضمن مناطق سياسية من بينها أن حكم الفرد لا يتفق مع الإسلام في تفسيره للآية ' وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم'، معتبراً أن الطاعة هنا لأولي الأمر، أي بالجمع وليس بالمفرد. إذاً، في رأي أبي زيد أن السلطة يجب أن تكون جماعية. هذا التفسير بدا كأنه طعن في محاولة الملك فؤاد إلغاء الدستور والتفرد بالحكم. الأمر نفسه أيضاً ينطبق على طه حسين وصولاً إليَّ. نصر أبو زيد حوكم لا لأنه قال بأن القرآن نص تاريخي أو سوى ذلك. هذه كانت مبررات للمحاكمة. نصر أبو زيد حوكم لأنه جمع في ' نقد الخطاب الديني' الخطاب السياسي والخطاب الديني المعتدل والتطرف من أجل شرح الأسس التي أدّت إلى الإرهاب. في عمق التحليل، فإن الخطاب السياسي، سواء كان خطاب رئيس الجمهورية أو الوزراء، هو خطاب امتلاك الحقيقة. الخطاب الديني المعتدل أيضاً هو خطاب امتلاك الحقيقة. أما الخطاب المتطرف فهو خطاب امتلاك الحقيقة ومحاولة فرضها على الواقع بالقوة. زي ما قال لي زميلي الدكتور جابر عصفور: في الكتاب ده لم تترك فرصة لأحد كي يدافع عنك. عمق المسألة هنا أن أي خطاب نقدي حقيقي، غير متحيز أيديولوجياً - بمعنى أنني كنت قادراً على نقد الإرهاب تأييداً للحكومة، وهنا ح أبقى سكر وعسل - أي خطاب نقدي حقيقي سيتعرض لما تعرضت له، لأن المطلوب أن يكون المرء منحازاً. وهذه محنة العالم العربي عموماً. أن تكون مفكراً مستقلاً وقادراً على النقد بشكل حيادي قدر المستطاع مسألة غير مقبولة. الناس دائماً تسأل: إنت إيه بالضبط؟ لونك إيه؟ لازم يكون لك انتماء. هو إنت شيوعي؟ إنت علماني؟ إنت إسلامي؟ وحين لا تكون منحازاً - كما يفترض الناس- تكون أقرب إلى اللعنة. حين تقول: أنا رجل أحاول، أحاول يعني أن أمتلك معرفة - ولا توجد معرفة حيادية في المطلق طبعاً - أحاول قدر الإمكان ألا أكون منحازاً. هذا لا يعني أنني غير منحاز. أنا منحاز لكن ليس انحيازاً سياسياً أو حزبياً. من المؤكد أنني مع التقدم وضد الظلم وضد كل ما يخلُّ بالإنسان سواء في مصر أم خارجها. لهذا تجد أن المصريين ضاعوا في حرب لبنان ( يقصد حرب تموز/ يوليو 2006). أنا مثلاً مع المقاومة، لكن لا يمنع أن أنتقد الأيديولوجيا الدينية التي تنتهجها هذه المقاومة. لكن إذا كنا في عصر لم يعد أمامنا إلا أن نقاوم إلا بهذه اليافطات، ينبغي ألا أؤيد اليافطة. حين قلت هذا الكلام غضب مني البعض. حماس زعلت مني زعلاً فظيعاً. وهوجمت من قبلها. حتى إنهم أوشكوا أن يقولوا عني صهيوني. لماذا؟ لأن ليس هناك قوى تتحمل النقد.
عفواً على المقاطعة، لكن بما أنك تطرقت بنفسك لهذا الموضوع، لماذا انتقدت وصول حماس إلى السلطة، في حين أثنيت على حزب الله؟
أنا لم أنتقد وجود حماس في السلطة، لكن قلت كان من الأفضل لها أن تظل في المعارضة.
وماذا عن حزب الله؟
حزب الله ليس في السلطة.
لكنه يساهم فيها. لديه وزراء في الحكومة ونواب في البرلمان؟
لم يكن الأمر هجاء أو ثناء. أنا مواطن مصري عربي يؤيد فعل المقاومة خصوصاً إذا كانت هذه المقاومة غير ملوثة بقتل الأبرياء والمدنيين وتوجيه البندقية إلى الآخر داخل الواطن. من حق المقاومة أن تقوم بعمليات. الخلاف اللبناني - اللبناني خلاف أحاول فهمه لكن ليس من حقي التدخل فيه. وأنا لا أرى أن هناك رفضاً للمقاومة في لبنان. ربما هناك اعتراضات على وسائل إدارة المقاومة أو هواجس تجاه المستقبل، وهي اعتراضات ومخاوف مشروعة في رأيي، ويجب التعامل معها بدل حجبها. مخاوف الناس في مصر من وصول الإخوان المسلمين إلى السلطة وما الذي يمكن أن يترتب على هذا الوصول مخاوف مشروعة لكن لا ينبغي أن يتم إقفال الباب أمام الإخوان المسلمين وغيرهم من القوى السياسية. هذا لا يعني أنني أقف مع الإخوان المسلمين وإنما مع حرية أي تجمّع في أن يجد مساحة للفعل السياسي داخل المجتمع. يجب عدم التصرف على قاعدة أنا سعيد لأنني أقصيتك. لما يتم إقصاء ناظم اليوم وسعد غداً وعباس بعد غد، سأكون أنا التالي.
أكلت يوم أكل الثور الأسود.
بالضبط. خلاصة القول إنه يجب أن نقبل بشروط الديمقراطية، بهذه ' الحاجات' الجميلة.
الرعب من التأويل
دكتور سأعود بك إلى النقاش الفكري قبل أن أعود مجدداً إلى السياسة. كان صلب عملك الفكري الشغل على فكرة التأويل. على منهج التأويل. لماذا يخشى البعض هذا المصطلح رغم أن التأويل استخدم تاريخياً لدى علماء دين ولغة كبار من بينهم الطبري صاحب كتاب ' جامع البيان عن تأويل آي القرآن'. كما أن تعريفات اللغويين والفقهاء للتأويل لا تؤدي إلى التكفير كتعريف الزركشي ' التأويل صرف الآية إلى معنى موافق لما قبلها وما بعدها، تحتمله الآية، غير مخالف للكتاب والسنة من طريق الاستنباط' أو هذا التعريف ' التأويل كشف ما انغلق من المعنى'، وتعريف البجلي ' التفسير يتعلق بالرواية، والتأويل يتعلق بالدراية'، وتعريف الآمدي ' التأويل حمل اللفظ على غير مدلوله الظاهر منه مع احتمال له'، وصولاً إلى سيد قطب في كتابه ' التصوير الفني في القرآن' إذ يختم إهداءه إلى والدته بهذه العبارة التي يتحدث فيها عن ولعه بالقرآن بسبب الوالدة منذ كان طفلاً: ' ولئن كان قد فاته جمال الترتيل، فعسى ألا يكون قد فاته جمال التأويل'. ما الفرق ما بين التفسير والتأويل في رأيك؟
جذرياً ودلالياً وفي الممارسة الفعلية في تاريخ التفسير المبكر، ارتبط التفسير بشرح المفردات، بشرح الألفاظ الصعبة والغريبة وليس بحثاً عن المعنى بشكل واضح. التفسير عنى التوضيح لأن التعبيرات اللغوية لا تنتج المعنى من خلال الألفاظ وإنما من خلال الوحدة الأولى، أي الجملة. في النصوص، فإن الجملة هي أصغر وحدة وليس اللفظ، لكن الجملة لا ينكشف معناها إلا في سياق أوسع من خلال علاقتها بالجملة التي سبقتها والجملة التي تلتها. وهنا نكون انتقلنا إذاً من الجملة إلى الخطاب. وأدنى أنواع الخطاب هو مجموعة من الجمل تتناول مجالاً معنوياً واحداً. عبد القادر الجرجاني طرح هذه المسألة في شكل رائع. لكن ما الذي جعل مصطلح التأويل مكروهاً؟ هنا سنعود إلى السياسة وألاعيبها. في القرن الرابع الهجري بدأت الإسماعيلية تنشط بشكل تهديد فيزيقي. وقد حدثت اغتيالات من بينها اغتيال نظام الملك الذي أدى إلى أزمة فكرية لدى الغزالي. المعروف أن الشيعة يفضلون هذا المصطلح وكذلك المتصوفة لأنهم كانوا يتماشون مع التراث. مثلاً يبدأ الطبري كلامه بهذا العبارة ' بسم الله، تأويل قوله تعالى...'. وليس صحيحاً تعريف الآمدي للتأويل كما ذكرته قبل قليل. قد يكون هذا التعريف أحد أدوات التأويل الذي يشمل التعبير الاستعاري والتعبير المجازي وغير ذلك. التأويل هو محاولة اكتشاف المعنى الذي يقصد إليه المتكلم أو من المسار المفترض الذي يقصد إليه المتكلم. ومن هنا يقال: آل، يؤول، أي رجع. أي الرجوع إلى اكتشاف المعنى: القصد. طبعاً هذا بناء على المفهوم الكلاسيكي. وهو أن المتكلم لديه قصد، وأن هذا المتكلم يستخدم اللغة للتعبير عن هذا القصد، وأن من المهم حين تقرأ تعبيراً ما أن تصل إلى القصد من هذا التعبير. نظرية ' الهيومينتكس' التأويلية المعاصرة تعطي أفقاً أوسع من النظريات الكلاسيكية. إذا كان مصطلح التأويل لم يتعرض لأي اعتراض حتى وفاة الطبري في بدايات ( 310 هجرية) القرن الرابع الهجري، وإذا كان مصطلح التفسير محدود الدلالة حتى ذلك العصر، وإذا كانت لفظة ' تفسير' وردت في النطاق القرآني مرة واحدة، في حين أن لفظة ' تأويل' وردت 17 مرة، وهي مرتبطة بتأويل الأحاديث والأحلام والطعام، والقرآن نص مهم جداً في تاريخ الثقافة العربية، لماذا إذاً الخوف من هذه المفردة؟ الأسباب أن لفظة ' تأويل' حُمّلت دلالات سلبية بسبب الصراعات السياسية على اعتبار أن التأويل هو فرض لمفهوم المفسِّر على النص. ومن هنا جاء اتهام بعض الجماعات الدينية في الإسلام بالباطنية ( كالشيعة والإسماعيلية والعلوية والزيدية وسواهم من الطوائف الإسلامية)، كأن الباطنية هي رفض للمعنى الظاهر وتسليم بالمعنى الباطن. لكن حقيقة الأمر أن المسألة كانت رفضاً للإسماعيلية. كان رفضاً سياسياً استخدمت فيه آليات إجرائية ولغوية ولاهوتية وتصوف. لقد أسس الحلاج والسهروردي والغزالي وغيرهم التصوف السني كرد على الحركات الفكرية والسياسية الباطنية أو التأويلية. إذاً، الألفاظ أو المصطلحات تكتسب دلالات إيجابية أو سلبية في ظل صراع البشر.
زمنية القرآن
تحدثت عن الخوف تاريخياً من قراءة النص الديني قراءة فردية، لكنك أنت ذهبت أبعد من هذا في قراءتك النص الديني، جعلت النص الديني خاضعاً لعلاقة جدلية ما بينه، أي النص، وبين القارئ. هكذا جعلت النص ليس خاضعاً للمفسِّر فحسب وإنما للقارئ. هكذا جعلت قراءة النص قراءة زمنية، وبالتالي حوّلت النص من نص إلهي- كما يفترضه المؤمنون - إلى نص بشري. هذا من جهة. من جهة أخرى أنت أخضعت النص القرآني للمناهج الغربية كما أخذ عليك البعض؟
الحقيقة أن يوضع البحث اللغوي وتطور المعرفة اللغوية وتطور معرفة تحليل النص باعتبارها منقسمة ما بين شرق وغرب، فهذا ما لا ينبغي القبول به، بل يجب الوقوف ضده. مثلاً عبد القادر الجرجاني أو الفارابي أو الزمخشري أو ابن جني، ما كانوا قد وجدوا بهذا الشكل لولا التفاعل مع الدراسات اللغوية، ليس فقط اليونانية وإنما الهندية والإيرانية.
حتى إن المدرسة اللغوية البصرية اعتمدت على منطق أرسطو في تقعيد اللغة.
هناك خلافات في نظريات النحو ما بين المدرسة البصرية والمدرسة الكوفية. لكن ما أود قوله إن البحث اللغوي العربي تطور عن كونه مجرد إرهاصات وتعليقات. حين تقرأ مثلاً كتاب ' العين' للخليل بن أحمد الفراهيدي، ستجد أنه رتّب الأحرف بناء على مخارجها من الفم. ترتيبه الأفعال إلى ثلاثية ورباعية كان شكلاً من أشكال المنطق. كذلك القياس في اللغة، كأن تقيس صيغة غير موجودة في اللغة على صيغة سابقة وكذلك القياس في الفقه، هذا القياس هو جزء من بنية المنطق عند أرسطو. هذا القياس تم استخدامه عندنا في اللغة والفقه وعلم الكلام وغير ذلك. تصوّر أن هناك منهجاً إسلامياً غير مرتبط بالمعرفة الإنسانية خارجه هو تصوّر من أوهام السوق. أنا أنطلق من معرفة بالتراث ليست هيّنة. دراستي اللغوية في التراث ومناهج البحث اللغوي التراثي ليست هينة. لكن من واجبي كباحث ألا أبقى رهين القرن الخامس الهجري لأنني أعيش اليوم في القرن العشرين والقرن الحادي والعشرين. وقد تم تطوير علم اللغة تطويراً كبيراً، لا بل إن علم اللغة الحديث يمكنني من قراءة علم اللغة القديم بشكل أكثر كفاءة. لهذا عندما نقول مناهج غربية فهذا يشير إلى محاولة من محاولات التلويث. مثل هذا الكلام يثير ضحكي ويدعوني إلى الطلب ممن يقوله: إذهب وفتش عن مناهج صافية. أين الإضافة؟ الإضافة أن ابن عربي - بعيداً عن علم اللغة الحديث والهرمنيوطيقيا وتاريخ الهرمنيوطيقيا يقول إن المعنى المستنبط يعتمد على درجة التجربة. كما أن دعوة المتصوفة هي في قراءة القرآن كأنه أنزل إليك، وإن مستويات المعنى فيه بلا ضفاف. ثم إن أي مؤمن عادي غير متشبع بمفهوم الشرق والغرب سيقول لك إن بحر المعاني في القرآن لا ساحل له. ما هي العلاقة إذاً بين المفسّر والنص؟ من أين يأتي المعنى؟ هل المعاني قارة في النصوص؟ إذا كانت المعاني قارة في النصوص فهذا يعني أنها معانٍ ثابتة، تكتشف للمرة الأولى والأخيرة في اللحظة نفسها. إذا نظرت إلى تاريخ التفسير من ابن عباس حتى سيد قطب، فما هي مجالات المعنى التي تمَّ الكشف عنها؟ قبل المعتزلة وقبل الحسن البصري، لم يجد أحد من المسلمين أن هناك مشكلات يجب حلها. لكن فجأة ظهرت أسئلة من مثل خلق الأفعال ومسؤولية الإنسان عن الفعل والظلم وغير ذلك...
أي المدارس الفكرية الإسلامية كالقدرية والجبرية والمرجئة.
كذلك الإحساس بأن النص القرآني يحتوي على متشابه ومحكم وغامض وغير ذلك. الحراك الإنساني هو الذي وجد في النص ضرورة لحل المتشابه في ضوء المحكم على سبيل المثال. نحن نعرف أن المسلمين اتفقوا على المبدأ لكنهم لم يتفقوا على المتشابهات أو المحكمات. مثلاً المحكمات عند المعتزلة خصوصاً في قضايا مثل الصفات وخلق الأفعال باتت متشابهات عند خصومهم. ما أود قوله إنه لم يسبق لنص أن أنتج المعنى بمفرده. كل نص يحتاج إلى قارئ لإنتاج معنى. والقارئ ليس فرداً. إنه فرد ينتمي إلى جماعة وله موقف ودرجة من المعرفة. صحيح أنه - أي الفرد - من ينتج المعنى، لكن قبول المعنى أو رفضه مرتبط بالجماعة. عبارة الإمام علي المشهورة والتي قالها في سياق النزاع حول هذا المعنى أثناء حرب صفين مع معاوية، وكان قتالاً منهكاً للطرفين كما أظهره كتاب نصر بن مزاحم، طبعاً كان واضحاً أن معسكر علي على وشك الغلبة لهذا رُفعت المصاحف على أسنة الرماح في معسكر معاوية، ولم يكن الناس على دراية من هو المحق بالخلافة علي أم معاوية لأن القرآن لا يطرح مثل هذا السؤال، لهذا قال نصر بن مزاحم إن الخلاف يجب أن ينتهي باستشارة السنة العادلة المرضية. انتبه لم يقل سنة النبي عليه الصلاة والسلام. لهذا لم تكن حكاية أبي موسى الأشعري الذي قال إني أخلع علياً من الحكم كما أخلع هذا الخاتم من يدي، في حين قال مروان بن العاص إنني أثبّت معاوية في الحكم كما أثبّت هذا الخاتم في يدي، لم تكن خدعة كما يقول الشيعة. كان التحكيم بهذه الطريقة تعبيراً عن إنهاك الناس. لهذا قال نصر بن مزاحم الذي توفي سنة 150 للهجرة، أي هو من المصادر المبكرة: ' حتى لا يحكمنا مضري إلى يوم الساعة' ( أي من قريش). أي إن العبارة تعني أن هناك من يرفض حكم علي الذي هو هاشمي وحكم معاوية الذي هو أموي وكلاهما من قريش. طبعاً علي أدرك هذا الأمر حين قال: ' القرآن بين درفتي المصحف لا ينطق إنما ينطق به الرجال'. وحين فشل التحكيم، وذهب بعد ذلك ابن عباس لمفاوضة الخوارج قال له علي: ' لا تحاججهم بالقرآن فإن القرآن حمّال أوجه ولكن حاججهم بالسنة'. والمقصود'بالسنة هنا ليس سنة الرسول وإنما التقاليد. إذاً، إنتاج معنى النصوص - بعيداً عن التفسير والتأويل - مرتبط بمجتمعات تقرأ هذه النصوص. افترض - والافتراض جائز في التاريخ - أن قريش استطاعت الإجهاز على المجتمع الإسلامي الأول، وأننا في القرن العشرين اكتشفنا صحائف ( أي القرآن) كما نجد بعض اللوحات والآثار الأخرى. كنا عندها سنحلل هذه النصوص التاريخية كما يحلل أي باحث مواد تاريخية. وبعد ذلك كنا سنضع هذه الكتابات ( القرآنية) في المتحف. إذاً، لا يوجد معنى هنا. ما الذي يجعل كتاباً ينتج معنى؟ العلاقة الجدلية ما بين النص والقارئ هي التي تنتج المعنى. لا أقول بإخضاع النص للقارئ. حين يخضع النص للقارئ يقع في الأيديولوجيا. وهذا ما علمنا إياه أشخاص غربيون مثل بول ريكور وآلتوسير ورولان بارت ومن قبلهم الألماني شلارماخر. هناك حوار ما بين القارئ والنص. هناك أفق القارئ وهناك أفق النص.'والمعنى هو نتيجة انصهار الآفاق.
دكتور سأعود بك إلى النقاش الفكري قبل أن أعود مجدداً إلى السياسة. كان صلب عملك الفكري الشغل على فكرة التأويل. على منهج التأويل. لماذا يخشى البعض هذا المصطلح رغم أن التأويل استخدم تاريخياً لدى علماء دين ولغة كبار من بينهم الطبري صاحب كتاب ' جامع البيان عن تأويل آي القرآن'. كما أن تعريفات اللغويين والفقهاء للتأويل لا تؤدي إلى التكفير كتعريف الزركشي ' التأويل صرف الآية إلى معنى موافق لما قبلها وما بعدها، تحتمله الآية، غير مخالف للكتاب والسنة من طريق الاستنباط' أو هذا التعريف ' التأويل كشف ما انغلق من المعنى'، وتعريف البجلي ' التفسير يتعلق بالرواية، والتأويل يتعلق بالدراية'، وتعريف الآمدي ' التأويل حمل اللفظ على غير مدلوله الظاهر منه مع احتمال له'، وصولاً إلى سيد قطب في كتابه ' التصوير الفني في القرآن' إذ يختم إهداءه إلى والدته بهذه العبارة التي يتحدث فيها عن ولعه بالقرآن بسبب الوالدة منذ كان طفلاً: ' ولئن كان قد فاته جمال الترتيل، فعسى ألا يكون قد فاته جمال التأويل'. ما الفرق ما بين التفسير والتأويل في رأيك؟
جذرياً ودلالياً وفي الممارسة الفعلية في تاريخ التفسير المبكر، ارتبط التفسير بشرح المفردات، بشرح الألفاظ الصعبة والغريبة وليس بحثاً عن المعنى بشكل واضح. التفسير عنى التوضيح لأن التعبيرات اللغوية لا تنتج المعنى من خلال الألفاظ وإنما من خلال الوحدة الأولى، أي الجملة. في النصوص، فإن الجملة هي أصغر وحدة وليس اللفظ، لكن الجملة لا ينكشف معناها إلا في سياق أوسع من خلال علاقتها بالجملة التي سبقتها والجملة التي تلتها. وهنا نكون انتقلنا إذاً من الجملة إلى الخطاب. وأدنى أنواع الخطاب هو مجموعة من الجمل تتناول مجالاً معنوياً واحداً. عبد القادر الجرجاني طرح هذه المسألة في شكل رائع. لكن ما الذي جعل مصطلح التأويل مكروهاً؟ هنا سنعود إلى السياسة وألاعيبها. في القرن الرابع الهجري بدأت الإسماعيلية تنشط بشكل تهديد فيزيقي. وقد حدثت اغتيالات من بينها اغتيال نظام الملك الذي أدى إلى أزمة فكرية لدى الغزالي. المعروف أن الشيعة يفضلون هذا المصطلح وكذلك المتصوفة لأنهم كانوا يتماشون مع التراث. مثلاً يبدأ الطبري كلامه بهذا العبارة ' بسم الله، تأويل قوله تعالى...'. وليس صحيحاً تعريف الآمدي للتأويل كما ذكرته قبل قليل. قد يكون هذا التعريف أحد أدوات التأويل الذي يشمل التعبير الاستعاري والتعبير المجازي وغير ذلك. التأويل هو محاولة اكتشاف المعنى الذي يقصد إليه المتكلم أو من المسار المفترض الذي يقصد إليه المتكلم. ومن هنا يقال: آل، يؤول، أي رجع. أي الرجوع إلى اكتشاف المعنى: القصد. طبعاً هذا بناء على المفهوم الكلاسيكي. وهو'أن المتكلم لديه قصد، وأن هذا المتكلم يستخدم اللغة للتعبير عن هذا القصد، وأن من المهم حين تقرأ تعبيراً ما أن تصل إلى القصد من هذا التعبير. نظرية ' الهيومينتكس' التأويلية المعاصرة تعطي أفقاً أوسع من النظريات الكلاسيكية. إذا كان مصطلح التأويل لم يتعرض لأي اعتراض حتى وفاة الطبري في بدايات ( 310 هجرية) القرن الرابع الهجري، وإذا كان مصطلح التفسير محدود الدلالة حتى ذلك العصر، وإذا كانت لفظة ' تفسير' وردت في النطاق القرآني مرة واحدة، في حين أن لفظة ' تأويل' وردت 17 مرة، وهي مرتبطة بتأويل الأحاديث والأحلام والطعام، والقرآن نص مهم جداً في تاريخ الثقافة العربية، لماذا إذاً الخوف من هذه المفردة؟ الأسباب أن لفظة ' تأويل' حُمّلت دلالات سلبية بسبب الصراعات السياسية على اعتبار أن التأويل هو فرض لمفهوم المفسِّر على النص. ومن هنا جاء اتهام بعض الجماعات الدينية في الإسلام بالباطنية ( كالشيعة والإسماعيلية والعلوية والزيدية وسواهم من الطوائف الإسلامية)، كأن الباطنية هي رفض للمعنى الظاهر وتسليم بالمعنى الباطن. لكن حقيقة الأمر أن المسألة كانت رفضاً للإسماعيلية. كان رفضاً سياسياً استخدمت فيه آليات إجرائية ولغوية ولاهوتية وتصوف. لقد أسس الحلاج والسهروردي والغزالي وغيرهم التصوف السني كرد على الحركات الفكرية والسياسية الباطنية أو التأويلية. إذاً، الألفاظ أو المصطلحات تكتسب دلالات إيجابية أو سلبية في ظل صراع البشر.
زمنية القرآن
تحدثت عن الخوف تاريخياً من قراءة النص الديني قراءة فردية، لكنك أنت ذهبت أبعد من هذا في قراءتك النص الديني، جعلت النص الديني خاضعاً لعلاقة جدلية ما بينه، أي النص، وبين القارئ. هكذا جعلت النص ليس خاضعاً للمفسِّر فحسب وإنما للقارئ. هكذا جعلت قراءة النص قراءة زمنية، وبالتالي حوّلت النص من نص إلهي- كما يفترضه المؤمنون - إلى نص بشري. هذا من جهة. من جهة أخرى أنت أخضعت النص القرآني للمناهج الغربية كما أخذ عليك البعض؟
الحقيقة أن يوضع البحث اللغوي وتطور المعرفة اللغوية وتطور معرفة تحليل النص باعتبارها منقسمة ما بين شرق وغرب، فهذا ما لا ينبغي القبول به، بل يجب الوقوف ضده. مثلاً عبد القادر الجرجاني أو الفارابي أو الزمخشري أو ابن جني، ما كانوا قد وجدوا بهذا الشكل لولا التفاعل مع الدراسات اللغوية، ليس فقط اليونانية وإنما الهندية والإيرانية.
حتى إن المدرسة اللغوية البصرية اعتمدت على منطق أرسطو في تقعيد اللغة.
هناك خلافات في نظريات النحو ما بين المدرسة البصرية والمدرسة الكوفية. لكن ما أود قوله إن البحث اللغوي العربي تطور عن كونه مجرد إرهاصات وتعليقات. حين تقرأ مثلاً كتاب ' العين' للخليل بن أحمد الفراهيدي، ستجد أنه رتّب الأحرف بناء على مخارجها من الفم. ترتيبه الأفعال إلى ثلاثية ورباعية كان شكلاً من أشكال المنطق. كذلك القياس في اللغة، كأن تقيس صيغة غير موجودة في اللغة على صيغة سابقة وكذلك القياس في الفقه، هذا القياس هو جزء من بنية المنطق عند أرسطو. هذا القياس تم استخدامه عندنا في اللغة والفقه وعلم الكلام وغير ذلك. تصوّر أن هناك منهجاً إسلامياً غير مرتبط بالمعرفة الإنسانية خارجه هو تصوّر من أوهام السوق. أنا أنطلق من معرفة بالتراث ليست هيّنة. دراستي اللغوية في التراث ومناهج البحث اللغوي التراثي ليست هينة. لكن من واجبي كباحث ألا أبقى رهين القرن الخامس الهجري لأنني أعيش اليوم في القرن العشرين والقرن الحادي والعشرين. وقد تم تطوير علم اللغة تطويراً كبيراً، لا بل إن علم اللغة الحديث يمكنني من قراءة علم اللغة القديم بشكل أكثر كفاءة. لهذا عندما نقول مناهج غربية فهذا يشير إلى محاولة من محاولات التلويث. مثل هذا الكلام يثير ضحكي ويدعوني إلى الطلب ممن يقوله: إذهب وفتش عن مناهج صافية. أين الإضافة؟ الإضافة أن ابن عربي - بعيداً عن علم اللغة الحديث والهرمنيوطيقيا وتاريخ الهرمنيوطيقيا يقول إن المعنى المستنبط يعتمد على درجة التجربة. كما أن دعوة المتصوفة هي في قراءة القرآن كأنه أنزل إليك، وإن مستويات المعنى فيه بلا ضفاف. ثم إن أي مؤمن عادي غير متشبع بمفهوم الشرق والغرب سيقول لك إن بحر المعاني في القرآن لا ساحل له. ما هي العلاقة إذاً بين المفسّر والنص؟ من أين يأتي المعنى؟ هل المعاني قارة في النصوص؟ إذا كانت المعاني قارة في النصوص فهذا يعني أنها معانٍ ثابتة، تكتشف للمرة الأولى والأخيرة في اللحظة نفسها. إذا نظرت إلى تاريخ التفسير من ابن عباس حتى سيد قطب، فما هي مجالات المعنى التي تمَّ الكشف عنها؟ قبل المعتزلة وقبل الحسن البصري، لم يجد أحد من المسلمين أن هناك مشكلات يجب حلها. لكن فجأة ظهرت أسئلة من مثل خلق الأفعال ومسؤولية الإنسان عن الفعل والظلم وغير ذلك... أي المدارس الفكرية الإسلامية كالقدرية والجبرية والمرجئة.
كذلك الإحساس بأن النص القرآني يحتوي على متشابه ومحكم وغامض وغير ذلك. الحراك الإنساني هو الذي وجد في النص ضرورة لحل المتشابه في ضوء المحكم على سبيل المثال. نحن نعرف أن المسلمين اتفقوا على المبدأ لكنهم لم يتفقوا على المتشابهات أو المحكمات. مثلاً المحكمات عند المعتزلة خصوصاً في قضايا مثل الصفات وخلق الأفعال باتت متشابهات عند خصومهم. ما أود قوله إنه لم يسبق لنص أن أنتج المعنى بمفرده. كل نص يحتاج إلى قارئ لإنتاج معنى. والقارئ ليس فرداً. إنه فرد ينتمي إلى جماعة وله موقف ودرجة من المعرفة. صحيح أنه - أي الفرد - من ينتج المعنى، لكن قبول المعنى أو رفضه مرتبط بالجماعة. عبارة الإمام علي المشهورة والتي قالها في سياق النزاع حول هذا المعنى أثناء حرب صفين مع معاوية، وكان قتالاً منهكاً للطرفين كما أظهره كتاب نصر بن مزاحم، طبعاً كان واضحاً أن معسكر علي على وشك الغلبة لهذا رُفعت المصاحف على أسنة الرماح في معسكر معاوية، ولم يكن الناس على دراية من هو المحق بالخلافة علي أم معاوية لأن القرآن لا يطرح مثل هذا السؤال، لهذا قال نصر بن مزاحم إن الخلاف يجب أن ينتهي باستشارة السنة العادلة المرضية. انتبه لم يقل سنة النبي عليه الصلاة والسلام. لهذا لم تكن حكاية أبي موسى الأشعري الذي قال إني أخلع علياً من الحكم كما أخلع هذا الخاتم من يدي، في حين قال مروان بن العاص إنني أثبّت معاوية في الحكم كما أثبّت هذا الخاتم في يدي، لم تكن خدعة كما يقول الشيعة. كان التحكيم بهذه الطريقة تعبيراً عن إنهاك الناس. لهذا قال نصر بن مزاحم الذي توفي سنة 150 للهجرة، أي هو من المصادر المبكرة: ' حتى لا يحكمنا مضري إلى يوم الساعة' ( أي من قريش). أي إن العبارة تعني أن هناك من يرفض حكم علي الذي هو هاشمي وحكم معاوية الذي هو أموي وكلاهما من قريش. طبعاً علي أدرك هذا الأمر حين قال: ' القرآن بين درفتي المصحف لا ينطق إنما ينطق به الرجال'. وحين فشل التحكيم، وذهب بعد ذلك ابن عباس لمفاوضة الخوارج قال له علي: ' لا تحاججهم بالقرآن فإن القرآن حمّال أوجه ولكن حاججهم بالسنة'. والمقصود بالسنة هنا ليس سنة الرسول وإنما التقاليد. إذاً، إنتاج معنى النصوص - بعيداً عن التفسير والتأويل - مرتبط بمجتمعات تقرأ هذه النصوص. افترض - والافتراض جائز في التاريخ - أن قريش استطاعت الإجهاز على المجتمع الإسلامي الأول، وأننا في القرن العشرين اكتشفنا صحائف ( أي القرآن) كما نجد بعض اللوحات والآثار الأخرى. كنا عندها سنحلل هذه النصوص التاريخية كما يحلل أي باحث مواد تاريخية. وبعد ذلك كنا سنضع هذه الكتابات ( القرآنية) في المتحف. إذاً، لا يوجد معنى هنا. ما الذي يجعل كتاباً ينتج معنى؟ العلاقة الجدلية ما بين النص والقارئ هي التي تنتج المعنى. لا أقول بإخضاع النص للقارئ. حين يخضع النص للقارئ يقع في الأيديولوجيا. وهذا ما علمنا إياه أشخاص غربيون مثل بول ريكور وآلتوسير ورولان بارت ومن قبلهم الألماني شلارماخر. هناك حوار ما بين القارئ والنص. هناك أفق القارئ وهناك أفق النص. والمعنى هو نتيجة انصهار الآفاق.
خالفت المذاهب السنية الأربعة إلى حد ما في اجتهاداتك، ولا سيما الإمام الشافعي الذي كان يقول ' من استحسن فقد شرّع'، بعكس أبي حنيفة الذي غالباً ما لجأ إلى الاستحسان والاستصلاح ( الاستحسان هو أن تخالف الإجماع لاستحسانك فعل شيء بينما الاستصلاح هو فعل شيء مخالف للإجماع لكنه
التعليقات