موقف مصر من إيران ينطلق من ضرورة نزع السلاح النووي ومنع انتشاره بهدف حماية الأمنين القوميين المصري والعربي
ينطلق الموقف المصري من العقوبات الدولية ضد ايران من نظرة شمولية لمعاهدة منع انتشار اسلحة الدمار الشامل . فمصر تسعى إلى تحقيق عالمية معاهدة منع الانتشار النووي لما تمثله من ضمانة لأمن جميع الدول , اذ أن استمرار امتلاك بعض الدول لأسلحة الدمار الشامل بعامة والأسلحة النووية بخاصة يؤدي إلى اختلال موازين القوى في مختلف مناطق العالم ويشجع الدول على معالجة هذا الخلل بالسعي إلى امتلاك هذه الأسلحة . و تطالب مصر بالتطبيق العادل لمعاهدة منع الانتشار وعدم التمييز عند مطالبة الدول بالامتثال لنصوصها والكف عن انتهاج المعايير المزدوجة في الضغط على الدول للتخلي عن برامجها النووية . وهي ترى أن تحقيق الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط يتطلب التطبيق العادل والشامل لمعاهدة منع الانتشار , بل ترى أن السياسات الغربية القائمة على الضغط على إيران للتخلي عن برنامجها النووي لن يُكتب لها النجاح بسبب تجاهلها للقدرات النووية الإسرائيلية التي تمثل التهديد الأول والأكبر للأمن في المنطقة. فالرؤية المصرية تستند الى أن السبيل الوحيد لمعالجة مشكلة أسلحة الدمار الشامل في المنطقة يتمثل في مطالبة إسرائيل بالانضمام إلى معاهدة منع الانتشار, اما الموقف المصري من برنامج ايران النووي , فمصر ترى ان من حق ايران الاستخدام السلمي للطاقة النووية ولكن يجب على ايران أن تؤكد في الوقت نفسه تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتعزز تعاونها في اطار من الشفافية مع الوكالة اذ إن مصر لن تقبل اطلاقا بانتقال البرنامج النووي الايراني الى الاستخدامات العسكرية.ولهذا كانت منطقية رؤية مصر التي عبر عنها السيد أحمد أبوالغيط وزيرالخارجية تعقيبا على اعتماد مجلس الأمن الدولي للقرار 1929 الذى يفرض عقوبات جديدة على إيران فمصر ترى ان العقوبات لا يجب أن تكون الخيار الوحيد للتعامل مع الأزمة بين إيران والمجتمع الدولي, انطلاقا من خبرة التجارب السابقة للعقوبات التي انتهت دائما إلى تصعيد التوتر والمواجهة وأن هذا الوضع لا يخدم التوجه الى تسوية الأزمة بشكل سلمي مع تأكيد مصر على أهمية استمرار العمل الديبلوماسي لإيجاد حل سلمي لأزمة الملف النووي الإيراني بشكل يتيح للمجتمع الدولي التأكد بلا أي لبس من سلمية نوايا إيران في هذا المجال في الوقت الذي لا يمس فيه بالحق الأصيل لاي دولة فى تطوير برامجها النووية السلمية وفقا لحقوقها المنصوص عليها فى المعاهدات الدولية المنضمه إليها.ولذا تشدد مصر على ضرورة قيام الحكومة الإيرانية والأمم المتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية وجميع الأطراف الدولية المعنية الأخرى بالعودة فورا إلى التفاوض الجاد والبناء لإيجاد مخرج سلمي للأزمة بما يتيح تفادي تصعيد العقوبات ويجنب المنطقة مخاطر التصعيد والتوتر والمواجهة بما يؤثر سلبا على مسيرة الاستقرار التي تحتاجها كل شعوب المنطقة. ذلك أن تحقيق الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط يتطلب التطبيق العادل والشامل لمعاهدة منع الانتشار, وهكذا فان لمصر مواقف واضحة تعمل بكل اخلاص وخصوصاً الدعوة الى انشاء منطقة خالية من السلاح النووي في الشرق الاوسط واهمية انضمام اسرائيل إلى معاهدة منع الانتشار النووي باعتبارها الدولة الوحيدة في المنطقة التي لم تنضم حتى الان الى المعاهدة وقد بلورت مصر سياستها في هذا المجال بصورة أكثر تكاملاً, من خلال مبادرة الرئيس حسني مبارك في أبريل عام 1990 بشأن إخلاء الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل, والتي تميزت بأنها لم تقتصر فقط على الأسلحة النووية, وإنما ركزت على جميع الأنواع من أسلحة الدمار الشامل, بما يخلق نوعاً من الربط بين تلك الأسلحة.
وقام المنطق الرئيس وراء مثل هذا الربط على أنه لا يجوز في سياق التعامل الدولي مع قضايا من نوع الأزمة النووية الإيرانية, أن يتم النظر إلى هذه القضايا باعتبارها جهداً دولياً منعزلاً عن القضايا الأوسع لضبط التسلح في الشرق الأوسط, ولاسيما مسألة امتناع إسرائيل عن التوقيع على معاهدة منع الانتشار النووي, وإنما لابد من المعالجة المتكاملة لتلك القضايا من منظور أكثر شمولاً يضع فى الاعتبار المصالح الأكثر إلحاحاً للدول .ومن هذا العرض نجد ان الموقف المصري من ايران ينطلق من رؤيتها لضرورة نزع السلاح ومنع الانتشار يهدف إلى حماية وصيانة الأمن القومي المصري والعربي والتصدي للتحديات والتهديدات التي تزعزع الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط في اطار شمولي .

عبدالعظيم محمود حنفي