&عبد العلي حامي الدين&

اليوم يقرر المغاربة في مستقبل بلدهم، اليوم يختارون من يمثلهم في مجلس النواب، اليوم يقررون مواصلة الإصلاح أو النكوص والتراجع إلى ما قبل سنة 2011..المغاربة سيساهمون في الحفاظ على صورة المغرب الذي يشق طريقه بإصرار نحو الديمقراطية أو سيمنحون الفرصة لخصوم الديمقراطية للعودة بالبلاد إلى الوراء..

أصبحت الصورة واضحة الآن ولم يعد بالإمكان خلط الأوراق أمام المواطنين، هناك تقاطب واضح بين تيارين في الساحة، تيار مواصلة الإصلاح وتيار التحكم والفساد، ليس هناك خط ثالث..جميع مشاريع النضال الديمقراطي في خندق واحد حتى ولو اختلفت مشاربهم..دعونا ننظف الملعب أولا ثم نختلف على أساس البرامج والمشاريع الفكرية والمذهبية..

بطبيعة الحال، الإصلاح مسار تراكمي وليس عبارة عن مجموعة حلول سحرية تتخذ في ولاية واحدة، و من المؤكد أن عبد الإله بنكيران حافظ على شعلة الإصلاح مرتفعة من خلال مجموعة من الإصلاحات الهيكلية التي بفضلها استعاد الاقتصاد الوطني عافيته كإصلاح صندوق المقاصة وإصلاح نظام التقاعد بالإضافة إلى مجموعة من الإجراءات ذات الطبيعة الاجتماعية التي همت فئات مختلفة، لكن الأهم هو المحافظة على الاستقرار السياسي والاجتماعي واسترجاع هدوء الشارع بعد مرحلة سياسية صعبة مطبوعة بحراك شبابي قوي على إيقاع ما سمي بالربيع العربي، ومن شأن استمرار هذه التجربة أَن تحقق الكثير من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين التي لم يكن من الممكن تحقيقها خلال الولاية الأولى نظرا لصعوبة الظرفية الاقتصادية والسياسية.

تيار الإصلاح يريد مواصلة مسيرة النضال من أجل التنمية والديمقراطية وهو يضم جميع الشرفاء من الأحزاب السياسية الوطنية، وهو مسنود من طرف فئات عريضة من الشعب المغربي، يظهر ذلك بشكل واضح من خلال عشرات الآلاف من المواطنين والمواطنات الذين حضروا للتجمعات الخطابية الناجحة للأستاذ عبد الإله بنكيران على سبيل المثال ولأعضاء الأمانة العامة للحزب، ومن خلال التجاوب الكبير الذي لقيته حملة مواصلة الإصلاح في جميع الجهات والأقاليم، وهي حملة انتخابية نظيفة وناجحة بجميع المقاييس، كشفت بالملموس عن المكانة التي يحتلها خيار الإصلاح في قلوب المواطنين والمواطنات، والتي لم ينل منها حجم الحملات الإعلامية المسعورة وحجم الدعايات الرخيصة المليئة بالافتراءات والأكاذيب واستهداف الحياة الشخصية لرموز هذا التيار ومناضليه..

على الجانب الآخر من الصورة هناك تيار مشبوه لا يملك أي مشروع للإصلاح ولا تؤطره رؤية فكرية واضحة، تحركه أموال مشبوهة، وهو عاجز عن مواجهة الجماهير ومخاطبتها بواسطة لغة الإقناع السياسي، ولذلك فإنه يلجأ إلى المال والأعيان لاستمالة الناخبين، مستغلا أحوال الفقر والبؤس الذي تعاني منه بعض الفئات المحرومة، زاده الوحيد هو تكرار ما تردده المواقع المشبوهة والصحف الصفراء الموالية له.

هذا التيار الذي «يقود» المعسكر الثاني يمثل ظاهرة حزبية استثنائية بالنظر لظروف نشأته الملتبسة وبالنظر لأساليبه المنحرفة في استقطاب الأعيان وفي الضغط على المخالفين..هو حزب إداري مشوه برأس يساري متطرف وبجسد من الأعيان الموالين له خوفا وطمعا، جرى تأسيسه ليتولى زمام الأمور ولذلك فهو يجد نفسه مطالبا بإثبات قوته السياسية وانتزاع «شرعية انتخابية « ولو باستخدام الكثير من الأساليب المنحرفة والمشبوهة.

لكن مؤشرات سقوطه بدأت في الظهور منذ دخول بعض أعوان السلطة في الدعاية له بوجه مكشوف، وهو مؤشر دال على الارتباك الواضح الذي يمس هذا الحزب ومن يقف وراءه، ومؤشر هام على صحة منطق التحكم المرفوض من طرف الأحزاب الجادة، لكن ردود فعل عدد كبير من المواطنين والمواطنات وارتفاع منسوب الوعي في البوادي كما في المدن، تؤشر اليوم على بداية نهاية عمليات النصب والاحتيال على المواطنين باسم الدولة…

الكلمة اليوم للشعب المغربي لإفشال السيناريو التراجعي عبر المشاركة المكثفة اليوم، وعبر تحصين أصواته من التلاعب والانحراف..

المشاركة المكثفة وحماية الصناديق هي الخيار الوحيد الذي يضمن اليوم تحصين الاستثناء المغربي والاستمرار في مسار الإصلاح وتجنب عودة شبح التحكم والفساد..أصواتكم يوم 7 أكتوبر هي الخيار الوحيد لمقاومة تيار الفساد، ومشاركتكم المكثفة هي سلاحكم الفعّال للوقوف في وجه ناهبي المال العام..

التصويت المفيد لفائدة خيار مواصلة الإصلاح، هو الاختيار الصحيح لتقرير المستقبل..

لقد دقت ساعة الحقيقة والمسؤولية اليوم ملقاة على عاتق الناخبين والناخبات..

الأمور واضحة فليتحمل كل واحد مسؤوليته في الاختيار…