السيسي يقزم مصر بتصريحاته الفانتازية… ومؤتمر الشباب لم يقدم حلولا جذرية للمشكلات

حسنين كروم

امتلأت الصحف المصرية الصادرة يومي السبت والأحد 29 و30 أكتوبر/تشرين الأول بالكثير من الأخبار والموضوعات التي يهم بعضها الغالبية العظمى وبعضها الآخر يهم الفئات أو المحافظات التي ستتأثر بها.
وقد أثارت كارثة السيول التي ضربت مدينة رأس غارب في محافظة البحر الأحمر وأسيوط وسوهاج وغيرها من المحافظات موجة غضب شديد بسبب عشرات القتلى وقطع الطرق وهدم المنازل، رغم أن الحكومة ومنذ شهر مضى وهي تؤكد اتخاذ الاستعدادات لمواجهتها، وقد ثبت عدم اتخاذ أي إجراءات جدية، ما أثار مخاوف أهالي محافظات أخرى قد تتعرض لكوارث مماثلة بسبب الأمطار، كما حدث لها من قبل مثل محافظتي كفر الشيخ والإسكندرية، ورغم مسارعة رئيس الوزراء وعدد من الوزراء بالتوجه إلى رأس غارب وتخصيص الرئيس مئة مليون جنيه للتعويضات وإصلاح التلفيات في المنازل والطرق، فإن هذا لم يوقف موجات الغضب، خاصة بعد الإعلان عن أن مدينة شرم الشيخ نفسها لا توجد فيها بالوعات لتصريف مياه الأمطار.
واهتمت الأغلبية أيضا بوقوع أعمال إرهابية داخل القاهرة في انفجار عبوة ناسفة بدائية الصنع بالقرب من كمين للشرطة في شارع جسر السويس أدت إلى مقتل مواطن كان يمر بالقرب من الكمين، وإصابة آخر بدون أن تلحق بأفراد الشرطة أي إصابات. كما اهتمت الأغلبية بحادثة تفجير عبوة ناسفة في مدرعة في شمال سيناء أدت إلى استشهاد المقدم رامي حسنين قائد الكتيبة مئة وثلاثة صاعقة وخطورة الحادثة أنها ثاني قيادة عسكرية كبيرة تسقط بعد اغتيال العميد أركان حرب عادل رجائي قائد الفرقة التاسعة المدرعة.
وفيما عدا ذلك فقد اهتمت كل فئة بما يخصها، فالذين يهتمون بالعلاقات مع السعودية لفت نظرهم إعلان في إحدى الصحف من الشركة السعودية المصرية للتعمير المملوكة للحكومتين مناصفة عن فتح الباب أمام تلقيها طلبات حجز الشقق والحملات التجارية، وهو ما اعتبره البعض دليلا على أن العلاقات الاقتصادية والاستثمارات لن تتعطل بين البلدين. واهتم المستوردون بالبيان الذي صدر عن اتحاد الغرف التجارية بمناشدة الشركات المتعاقدة على استيراد سلع غير أساسية ولم يتم نقلها للموانئ تأجيل شحنها لمدة ثلاثة أشهر لوقف المضاربات على الدولار. أما الباحثون عن السكر فيتابعون ما تؤكده الحكومة عن توافره في الأماكن التي تحددها. ومرضى فيروس الكبد يتابعون استمرار الدولة في علاجهم مجانا والاستعداد لإعلان مصر دولة خالية من هذا المرض اللعين، بعد أن تم شفاء ثمانمئة ألف مريض، وهي أعلى نسبة في العالم، والمستهدف علاج مليون مريض.
أما أصحاب شركات السياحة والعاملون فيها فيتابعون وصول أول رحلة طيران بلجيكية تابعة لمجموعة شركات تيوي إلى شرم الشيخ، وكذلك وصول طائرات ألمانية إليها ويأملون بتصريحات وزير الطيران الروسي بأنه سيتم استئناف الرحلات نهاية العام الحالي، بعد أن تتأكد بلاده أن كل الاشتراطات الأمنية التي طلبتها تم تنفيذها بالكامل. وأهالي حلوان اهتموا باتفاق وزارة البيئة مع اتحاد البنوك على تطوير خمس عشرة منطقة عشوائية. وواصلت الصحف الهجوم على إياد مدني أمين عام منظمة المؤتمر الإسلامي بسبب هجومه على الرئيس السيسي، وإعلان وزارة الخارجية أنها لا يمكن أن تتعامل معه، رغم اعتذاره. ومطالبة البعض بإبعاد العلاقات مع السعودية عن التأثر بهذا الموقف الفردي، خاصة بعد أن استنكره سعوديون كثيرون. وإلى بعض مما عندنا…

المؤتمر الوطني للشباب

ونبدأ بأبرز ردود الأفعال على المؤتمر الوطني الأول، ورغم حضور رئيس تحرير «المقال» زميلنا وصديقنا إبراهيم عيسى المؤتمر ومهاجمته النظام على الهواء بحضور الرئيس فإن زميله هشام المياني لم تعجبه عبارات للرئيس وقال مهاجما له يوم السبت: «أؤكد لكل شباب مصر أننا لن نولي اهتماما لمجموعة من الشباب دون أخرى، لابد أن تتأكدوا أن الأب الحقيقي يحب كل أبنائه، وأتمنى أن يقف مكاني شاب من شباب مصر. كان هذا التصريح ضمن كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي التي ألقاها في ختام المؤتمر الوطني الأول للشباب الذي انعقد على مدى ثلاثة أيام في مدينة شرم الشيخ، واختتم أعماله (مساء أول من أمس) ولعلنا كتبنا مرارا وتكرارا مؤكدين أن المصريين قاموا بثورتين من أجل تحقيق الديمقراطية التي تمكنهم من انتخاب رئيس لا أبا، وبما أن الرئيس يصر على التحدث باعتباره والدا فنحن نقول له بمنطقه نفسه، إن الوالد لا يسمح بحبس أبنائه لمجرد أنهم عبروا عن آرائهم أو انتقدوا أفعاله، الأب لا يسمح أبدا مهما كانت الأسباب بأن يتعطل أبناؤه عن دراستهم ويضيع عمرهم في السجون لمجرد أنهم خالفوه الرأي. وبما أن الرئيس يقول عن نفسه أنه أب وأن الأب الحقيقي يحب كل أبنائه، فنحيطه علما بأنه برصد ما يحدث فهو ليس أبا حقيقيا لأن كل الوقائع تؤكد أنه يحب مجموعة من أبنائه ويفضلهم على بقية الأبناء دوما. ففي مؤتمر الشباب كان الحضور الغالب هم أولئك الشباب المنتمين للبرنامج الرئاسي للقيادة الذين أصبح الرئيس يفضلهم على جميع شباب مصر ويراهم النموذج الذي يجب أن يحاوره في كل الوقائع».

هل حدث ذلك من قبل؟

وما كاد هشام ينتهي من كلامه حتى ذكره زميلنا مجدي سرحان رئيس تحرير «الوفد» السابق في عموده «لله والوطن» بما تعمد إغفاله بالقول: «فاجأنا الرئيس بإصداره في خطاب ختام المؤتمر بقرارات وليس توصيات أو توجيهات، وقرارات رئيس الجمهورية لها قوة القوانين أعلنها الرئيس السيسي هكذا: «إيماناً مني بدوركم وما طرحتموه من أفكار ورؤى ومقترحات للنهوض بوطنكم وإيجاد مسار وطني ناجح يحقق آمالكم فإنني قــررت الآتي: ثمانية قرارات جمهورية صدرت من فوق منصة المؤتمر كلها تلبي مباشرة مطالب واقتراحات الشباب، والأكثر من ذلك أنها صدرت بصياغات تنفيذية وبتكليفات واضحة لجهات الاختصاص بالتنفيذ في نطاق زمني حدده أيضا كل قرار. لجنة وطنية لمراجعة موقف الشباب المحبوسين تنسيق الحكومــة مــع الجهــات المعنيــة بالدولــة لدراســة مقترحــــات ومشروعــات تعديــل قانــون التظاهـــر المقدمة مــن الشبــاب وعرضها على مجلس النواب… هل حدث ذلك من قبل؟
افتحوا صفحات التاريخ.. راجعوا صحائفكم.. وأتوا بمثله وادعوا شهداءكم إن كنتم صادقين. هل سبق لرئيس دولة في العالم أن تفرغ 3 أيام متتالية ليجلس في مقاعد المتلقين خلال 83 جلسة وندوة استغرقت 120 ساعة عمل يستمع ويتناقش ويتحاور مع الشباب، يشاركهم طعامهم ورياضتهم ويجري معهم في شوارع المدينة، ثم يصدر في النهاية «قرارات جمهورية» من داخل قاعة المؤتمر استجابة لهم؟».

الفساد يساوي الإرهاب

ومع ذلك كان لزميلنا فهمي عنبة رئيس تحرير «الجمهورية» الحكومية رأي آخر قال فيه يوم السبت في عموده اليومي في الصفحة الأخيرة «على بركة الله»: «ربط الرئيس عبدالفتاح السيسي بين الشباب ودولتهم وعمل على بناء الثقة المفقودة. صحيح أن الطريق لذلك مازال طويلا ولكن على الأقل فإن المشاركين في مؤتمر شرم الشيخ والمتابعين لجلساته وورش العمل، غيروا رأيهم وانحازوا لمصر، وتلك هي البداية وسيتبعهم الآخرون لأنهم في حاجة لبلدهم، ومصر تحتاج لجهد كل من يعيش على أرضها. أهم ما يجعل الشباب ييأس ويزداد إحباطه ليس فقط الظروف الاقتصادية الصعبة، ولكن الأهم عندهم هو الفساد الذي استشري خلال الخمسين عاما الأخيرة وتغلغل في كل دواوين الحكومة وطال القطاعين العام والخاص على السواء، حتى أصبح دافعا لليأس من كل خطوة للأمام وهو الذي جعل الشباب الطاهر البريء المقبل على الحياة يتحول ليرى الأشياء سوداء، وأنه لا أمل في الغد. كلما استمرت الحرب على الفساد استعدنا الشباب فلابد من القضاء على الرشوة والمحسوبية و»الواسطة» وأن يدخل كل مواطن إلى أي مكان فتتم معاملته بصورة آدمية «ولا يدوخ السبع دوخات» لينهي أوراقه أو يحصل على خدمته بصراحة الفساد يساوي الإرهاب وربما كان أخطر منه».

مؤتمر الشباب عمل سياسي مقصود

وفي يوم السبت نفسه دخل زميلنا وصديقنا عبد الله السناوي حلبة النقاش بقوله في «الشروق»:
«كان «مؤتمر الشباب عملا سياسيا مقصودا في توقيته وأهدافه، ويظل الحكم الأخير عليه مرتهنا بمدى الالتزام بالتوصيات التي صدرت عنه والتعهدات التي أعلنها الرئيس من فوق منصته قبل إسدال الستائر على أعماله. وكان لافتا في مناقشات المؤتمر الموسع أنه لم تصدر كلمة واحدة تقريبا نالت من ثورة يناير/كانون الثاني بصورة مباشرة أو غير مباشرة ولا حاولت اصطناع خصومة بين ثورتين تصدَّرتهما الأجيال الجديدة».

الظهور في الصورة

وشارك في النقاش في اليوم ذاته زميلنا محمود مسلم رئيس تحرير «الوطن» بقوله: «لعل السلطة أدركت خلال المؤتمر أن الانفتاح والحوار أفضل بكثير من العتاب والشكوى، وأن الاستفادة القصوى من الجميع والتفاف الكل حول الرئيس ليتشاوروا ويطرحوا أفكارهم سيصب في مصلحة الدولة. والرئيس الذي يحتاج إلى مزيد من اللقاءات والحوارات المتخصصة المعلنة، خاصة أن مؤتمر الشباب وإن أحسن التعبير عن نبض الشارع لكنه لم يقدم حلولاً جذرية للمشكلات وهذا يحتاج إلى خبراء يتم اختيارهم بعناية وعلى نطاق واسع وأن تتم دعوة العقول المختلفة للاستفادة من خبراتهم وليس للظهور في الصور فقط».

الكفاءة هي المعيار

كما شارك في النقاش في يوم السبت ذاته صلاح دياب رجل الأعمال وصاحب جريدة «المصري اليوم» في عموده «وجدتها» الذي يوقعه باسم نيوتن، حيث أشار إلى نجاح هذا المؤتمر وفشل المؤتمر الاقتصادي السابق في شرم الشيخ وقال: «بداية جديدة نعم أراها على هذا النحو، المؤتمر الأول للشباب الذي انعقد في شرم الشيخ تحت شعار «أبدِع انطلِق» ليس مؤتمرا للشباب، إنما مؤتمر لمصر كلها، جميع أطياف المجتمع كانت ممثلة، ضم الشباب وغير الشباب، كانت هناك حالة من السعادة الحقيقية لا يمكن اصطناع ذلك أو تزييفه، أو كما قال الرئيس عبدالفتاح السيسي في نهاية جلسات المؤتمر: «الـ3 أيام اللي فاتوا كانوا في تقديري من أفضل 3 أيام مروا على الشعب من سنين كتير». هذا المؤتمر الجامع أعاد لنا الثقة التي فقدناها بعد إخفاق المؤتمر الاقتصادي الذي انعقد في المكان نفسه. كان المفترض للاقتصاد المصري أن ينطلق بعدها لكنه تعثر أكثر، يشهد نكسة كبرى الآن يحتاج إلى توحد الجهود من أجل إنقاذه في أسرع وقت ممكن حتى لا يتحول الأمر إلى كابوس لا نستطيع الخروج منه، هذا يفرض تحديا كبيرا ويطرح تساؤلا أكبر: هل ننقل حالة المؤتمر للواقع العملي؟ هل نفوض بالتنفيذ للكفاءات الحقيقية؟ أم سنظل نستعين بفئات محددة تندرج تحت مفهوم أهل الثقة ولتذهب الخبرة إلى الجحيم؟ بدون إقصاء عنصرى لا بالهوية ولا بالدين ولا بالسن فالكفاءة هي المعيار الوحيد».

أبو لمعة المطبلاتي

لكن زميلنا الرسام أنور في مجلة «روز اليوسف» الحكومية التي تصدر كل سبت فاجأنا بأنه شاهد شخصين حضرا المؤتمر أحدهما أبو لمعة المطبلاتي وكان يربط يديه بالقطن والشاش ويقول لصديقه: لسه راجع من شرم الشيخ صحيح مفهمتش حاجة من اللي كانوا بيقولوه بس أيدي ورمت من كتر التصفيق».

الحرية لها معايير

وبالإضافة إلى صاحبنا الذي تورمت يداه من التصفيق من دون أن يفهم شيئا فقد شن زميلنا محمد عبد اللطيف في «البوابة» أمس هجوما ضد فئة أخرى قال عنها: «الأخطر هو ظهور الوجه القبيح لفئة فاشية يسعى أفرادها لفرض سطوتهم على المجتمع والدولة بكل الطرق لتحقيق ما يريدون ولو على حساب استقرار هذا البلد، فهؤلاء هم أنفسهم الذين تجاهلوا الشعب وراحوا يتحدثون باسمه في 25 يناير/كانون الثاني والفترة التي أعقبتها فتضخمت ذواتهم بفعل انصياع مؤسسات الدولة لرغباتهم عبر رفضهم لكل ما يحدث من إجراءات ضد المتجاوزين للقانون، متجاهلين الفروق الجوهرية بين حرية الرأي وإثارة الفوضى، يصفقون لكل ما يتصورون أنه حقوق ومكتسبات ثورية بدون دراية بأن الحرية لها معايير تضمن سلامة المجتمع من العبث. إن أفراد هذه الفئة يظنون أنهم احتكروا الحقيقة والرؤية الصائبة ولهم وحدهم دون غيرهم الحق في توجيه سياسة الدولة على هواهم، رغم عدم امتلاكهم أي مقومات حقيقية تجعل المجتمع ينحاز إليهم وإلى رغباتهم ويتغاضى عن الانتفاخ وتضخم الذوات والاستعلاء البغيض الذي يمارسونه».

معارك وردود

وإلى المعارك والردود المتنوعة وأولها سيكون لزميلنا في «أخبار اليوم» حسين عبد القادر في عموده «على صفيح ساخن» عن انتشار أفكار التكفيرين قال: «لنكن صرحاء مع أنفسنا فأفكار التكفيريين تنمو وتنتشر اليوم في محافظات كثيرة حيث تتشبع هذه الأجيال الجديدة بها عبر هذه المواقع المنتشرة على الإنترنت، وكذلك بواسطة أعضاء هذه الخلايا التي تستغل الظروف والأوضاع القاسية ويغسلون بها عقول شباب وصبية بالمئات والآلاف، هؤلاء هم الخطر الداهم والمنتظر، حيث سهولة استقطابهم لتنفيذ ما يطلب منهم للتخريب والتدمير. سيقومون ويرتكبون تلك الجرائم بصدر رحب وسعادة، يعتقدون أنهم يخدمون عقيدتهم ويستشهدون من أجلها. ما حدث ويحدث ليس مسؤولية أجهزة الأمن فدورها فقط هو المواجهة والتصدي لمن يحمل السلاح فيخرب ويدمر ويزهق الأرواح البريئة، ولكن من تقع عليهم المسؤولية الحقيقية تقاعسوا وذهبوا في سبات عميق. مطلوب كتائب من العلماء الحقيقيين الذين يمتلكون العلم ويستطيعون مقارعة الحجة بالحجة مع معتنقي أفكار التكفير ولا يغادرونهم حتى يقنعوهم».

التغيير الوزاري المنتظر

ومن التكفيرين إلى ما يقال عن التغيير الوزاري الذي سيحدث وقال عنه زميلنا وصديقنا عماد الدين حسين رئيس تحرير «الشروق»: «حتى هذه اللحظة ما تزال هناك حيرة بشأن التغيير الوزاري المرتقب. كان هناك قبل أسبوعين اتجاه لتعديل حكومي يتراوح ما بين ستة وعشرة وزراء لمحاولة بعث رسالة إلى الرأي العام خلاصتها أن الحكومة والرئاسة مهتمون بالاستجابة للرأي العام، خصوصا بشأن الوزراء الذين كان أداؤهم ضعيفا وغير ملموس، لكن كانت هناك وجهة نظر أخرى خلاصتها أن التغيير الآن قد لا يكون ذا جدوى، خصوصا أن هناك توقعا قريبا بتخفيض قيمة الجنيه ورفع الدعم عن منتجات الوقود».

الشعب اتسرطن

ومن معركة التغيير الوزاري إلى معركة ضد ثورة يناير/كانون الثاني خاضها في «اليوم السابع» أحد أكبر المدافعين عن الرئيس الأسبق حسني مبارك وهو تامر عبد المنعم الذي قال في بروازه اليومي « كلام في الجول» مع صورة لمبارك: «منذ اندلاع 25 يناير 2011 في البلاد أصبحت الشائعات هي المسيطرة على الأحوال. والمزايدات أصبحت أسلوب حياة. والشعارات الوهمية أصبحت حيلة المرتزقة أصحاب البطولات الوهمية. والشعب معظمه تحول إلى ساسة ومنظرين. لقد تسرطنا منذ هذا التاريخ ولم يعد تقريبا 90٪ من عددنا الإجمالي يعمل، لذلك أصبح التدهور أحد أبرز سماتنا على كل الأصعدة. إذن لابد من حل أو بمعنى أدق لابد من وقفة مع النفس وقرار سريع لعلاج هذه الحالة المسرطنة التي أصابتنا والعياذ بالله، ونتج عنها حالة تدهور شديد بشكل يومي. والعلاج كما نعلم جميعا في حالات السرطنة يكون بالكيماوي والإشعاع. والكيماوي والإشعاع في حالتنا يكمنان في الإعلام والثقافة والفنون المختلفة من مسرح وسينما وغناء وقبل كل ذلك التربية والتعليم «وأنا هنا تعمدت ذكر التربية وتقديمها على التعليم».

الثلاجة الفارغة

أما زميلتنا الجميلة في «المقال» رنا ممدوح فقد هاجمت الرئيس السيسي أمس وهي تتحدث عن واقعة سخرية الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي إياد مدني من قول الرئيس إن ثلاجته كانت خالية إلا من زجاجات المياه ثم اعتذاره لكن رنا حملت الرئيس المسؤولية عن ذلك بقولها عن تراجع إياد: «أعتبر أن خطأه في ذكر اسم الرئيس التونسي قائد السبسي وذكر السيسي محل السبسي خطأ فاحش وهذا تطاول يتجاوز السخرية من مسألة الثلاجة الفارغة. بالطبع دعاية مدني السخيفة كاشفة عن الأثر السلبي لكلمات الرئيس التي لا يصدقها لا الداخل ولا الخارج، ولكن يبقى أن تلك النكتة المبكية على مكانة مصر التي يقزمها الرئيس بتصريحاته الفانتازية لا تخلو من فوائد عدة، أولها ضرورة مراجعة الرئيس لطريقته في الحديث مع الشعب المصري فربما يبحث الرئيس من الآن عن كاتب لخطاباته الرئاسية لضمان عدم تكرار واقعة الثلاجة مرة أخرى».

الإساءة بالاستظراف وخفة الدم

لكن «الأهرام» في تعليقها أمس الأحد رفضت ذلك التبرير وحذرت من تسيب البعض في الإساءة للعلاقات بين الدول العربية وقالت: «ولعل ما صدر عن أمين عام المنظمة الإسلامية يكون درسا لكل مسؤولينا العرب، نظرا لأن العلاقات العربية ـ العربية لا ينقصها المزيد من التعقيد وسوء الفهم، وعلى هؤلاء المسؤولين الكبار أن يكونوا «لسان خير» ومصدر توحيد لصفوف العرب، وإذا كان مبررا أحيانا لجوء الصبية والمغرضين للسخافة والاستظراف وخفة الدم المزعومة، فإن هذا الاستظراف من المسؤولين الدوليين يكون فيه خطر جسيم. أما بالنسبة لمصر فإن موقعها في قلب كل عربي معروف بالضبط، كما يحترم المصريون بقية الشعوب والدول والحكام العرب، وإذا كان يحدث أحيانا اختلاف في وجهات النظر بين مصر وشقيقاتها العربيات فإن هذا لا يعني أن ننسى وشائجنا وروابطنا الممتدة عبر مئات السنين».

مصر مستهدفة

وفي عدد «الأهرام» نفسه نشرت مقالا للكاتب الكويتي الدكتور محمد الرميحي دافع فيه عن مصر قائلا: «لماذا مصر مستهدفة؟ إنه سؤال حيوي للغاية لانها ببساطة يمكن أن تتعافى وفي وقت قصير، ولأن لديها مؤسسات ما زالت قائمة، ولأن وقوفها صلب على الأرض، وأنها قاعدة الإقليم العربي، في الوقت الذي يراد لهذا الإقليم العربي الركوع. نعم هناك صعوبات اقتصادية وهي ليست مصرية فقط، بل عالمية. الاقتصاد العالمي يعاني الركود الكبير، الولايات المتحدة بكل قواها وقدراتها هي الآن تلجأ إلى الاستدانة من الداخل، وإصدار السندات. دول النفط بسبب تراجع أسعار النفط تضطر إلى الاستدانة من الداخل والخارج وبدائل النفط تزداد انتعاشا وتقدما. منذ أسابيع فقط استعرض في ألمانيا قطار يسير بالهيدروجين مستغنيا عن المحروقات التقليدية والتجارة العالمية تبطئ من نموها أيضا من الصين حتى أوروبا».

تعويم الجنيه

وإذا تركنا الأهرام إلى «الأخبار» سنجد رجل الأعمال خفيف الظل نجيب ساويرس يخوض في مقاله الأسبوعي معركة اقتصادية لحل المشاكل بين الدولة والمستثمرين قال: «اتصل السيد أحمد الوكيل رئيس اتحاد الغرف التجارية بي وبمجموعة من رجال الأعمال في مختلف التخصصات من صناعة وزراعة وسياحة، لمقابلة السيد رئيس الوزراء بحضور وزيري المالية والتموين والتجارة الداخلية، للحديث عن المشاكل والمعوقات التي تقابلنا وتؤخر الاستثمارات. كان الاجتماع ساخنا أفرغ فيه الحاضرون شحنات الغضب التي في داخلهم وأشهد على سعة صدر السيد رئيس الوزراء، الذي استطاع بهدوئه وأدبه أن يحتوي الجميع ويرد على كل ما دار في الجلسة. وقد أجمع الحاضرون على ضرورة سرعة تعويم الجنيه وعدم تأخير القرار أكثر من ذلك، وأن يتم ذلك على سعر السوق، وتتم تلبية طلبات الاستثمار في الوقت نفسه، وبالتالي يستقر السعر ويتجه للانخفاض أو الثبات. كما أجمع الجميع بمن فيهم وزير التموين على ضرورة تعديل سياسة دعم السلع الغذائية الذي يصب في جيوب السماسرة والدلالات. تكلمنا أيضا عن ضرورة تنفيذ توصيات الشركات العاملة في السياحة التي صدرت عن ندوة انعقدت مؤخرا ولكن كان أهم شيء في هذا اللقاء هو ضرورة التواصل بين مؤسسات رجال الاستثمار والأعمال ورئيس الوزراء».

السيول

وإلى أبرز ردود الأفعال على كارثة السيول وكان أولها أمس الأحد لزميلنا وصديقنا في «الأخبار» رئيس تحريرها الأسبق جلال دويدار الذي قال غاضبا وساخرا من حكومة كهذه في عموده اليومي «خواطر»: «رغم تعالي الأصوات حول التحذير من أزمة المياه التي تواجهها مصر فإننا ما زلنا عاجزين عن استثمار واستخدام الخير الذي يبعث به إلينا المولى عز وجل متمثلا في هذه السيول الغزيرة التي تهطل على أرض سيناء، خاصة المناطق الواقعة في جنوبها إلى جانب مدن وقرى محافظة البحر الأحمر، وكذلك بعض مدن الصعيد. يحدث هذا وللأسف في الوقت الذي تشكو فيه مساحات هائلة من أراضي سيناء والبحر الأحمر من الجدب نتيجة نقص وشح المياه. ليس من وصف لهذا العجز الذي ما زلنا في حالة استسلام له سوى أنه «خيبة بالويبة»‬ كما يقولون بالمثل الشعبي. إن ما سمعناه وقرأناه من تصريحات على مدى الشهور الماضية أوهمتنا بأن هذه المشكلة الزمنية قد تم حلها، وهو الأمر الذي تكذبه المشاهد التي تابعناها جميعا وتسببت في سقوط ضحايا في هذه المناطق المنكوبة. هذه السقطات غير المبررة شاهدتها وشاهدها معي آلاف الشباب المشاركين في المؤتمر الأول للشباب في شرم الشيخ. من المؤكد أن رد الفعل على هذه المشاهدات يزيد من أزمة عدم الثقة في أداء الحكومة».

الكارثة وحدتنا

لكن زميلنا في «الوفد» علاء عريبي التمس العذر للحكومة بقوله أمس أيضا في عموده اليومي «رؤى»: «رغم المأساة التي تعيشها رأس غارب لكن هناك بعض الحكايات التي تطمئننا وتسعدنا، وهي تكاتف الجميع خلال الكارثة، الجيش والشرطة وشباب المدينة حيث كان ضباط وأفراد الجيش والشرطة يربطون أنفسهم بالحبال ويسبحون تحت الأمطار في اتجاه السيل ويدخلون المنازل الغارقة ويقومون بإنقاذ الأطفال والسيدات والمسنين. شباب المدينة شكلوا مجموعات وقاموا بتقليد رجال الجيش والشرطة. لطفي الدمرانى أكد لي (حسب رواية ابنه له) أن الجميع كانوا على قلب واحد. العاملون في مجلس المدينة من كبيرهم إلى أصغر عامل وفي قسم الشرطة وأفراد الجيش والأهالي والأطباء والممرضات».

وسائل الإعلام تدق ناقوس الخطر

لكن هذا الكلام لم يعجب زميلنا فهمي عنبة رئيس تحرير «الجمهورية» الحكومية فقال أمس الأحد في عموده «على بركة الله» ساخرا مما حدث: «في كل الدنيا تعتبر الأمطار خيراً إلا عندنا حيث تتحول إلى مصيبة يسقط عشرات الضحايا ما بين قتلى ومصابين، وتغرق الشوارع وتدخل المياه للمنازل وتفسد السيارات وتتوقف الطرق ويتعطل المرور. موسم هطول الأمطار معلوم للجميع، وموعد اجتياح السيول متوقع، والأرصاد الجوية تحدد الأوقات بدقة وتطلق التحذيرات وتنشر الأيام المحتملة للنوات السنوية، وتدق الصحف ووسائل الإعلام ناقوس الخطر لتنبه المسؤولين إلى ضرورة الاستعداد لمواجهة الأخطار، ولكن للأسف كل عام تتكرر المشاهد نفسها وكأننا عدنا بالذاكرة «فلاش باك» لنشاهد السيناريو نفسه هل يتخيل أحد أن شوارع شرم الشيخ لا توجد فيها «بلاعات» لصرف مياه الأمطار في الشوارع الرئيسية ومازالوا عندما تأتي السيول يستخدمون سيارات شفط المياه المتجمعة في الشوارع، وإذا كان هذا هو حال مدينة السلام السياحية، فما بالنا بمدن وقرى البحر الأحمر والصعيد؟ ولأن المياه دائما تكذب الغطاس وتكشف حقيقته، وهل يستطيع العوم وإنقاذ الآخرين، أم أنه يغرق في «شبر ميه» ولا ينفع حتى نفسه فإنه في مثل هذه الأيام من العام الماضي تسبب هطول الأمطار لعدة ساعات في إقالة هاني المسيري محافظ الإسكندرية بعد وفاة عدد من أهالي العاصمة الثانية وغرق شوارعها واكتشاف وجود تقصير في متابعة كفاءة بلاعات الصرف والتحرك السريع لإنقاذ المواطنين واحتواء الأزمة، بالتأكيد لا نريد إقالة محافظين، خاصة أن منهم من جاء منذ عدة أشهر فقط. كما أن المسألة أكبر من ذلك لأن منظومة مواجهة الأزمات والكوارث مازالت قاصرة ولا يتم التحرك إلا في إطار رد الفعل وليس بفكر من يقوم بالوقاية لأنها خير من العلاج وتجنبنا الكثير من السلبيات أو على الأقل تقلل من الخسائر البشرية والمادية».

فرحة الدولة بالسيول

وفي «المصري اليوم» أمس الأحد أشار زميلنا وصديقنا الرسام الموهوب عمرو سليم إلى فرحة الدولة بالسيول لأنها غطت على أزمة السكر حيث أخبرنا أنه سمع السيول وهي تغني: ـ ولو ولو ولو أنا اللي أكلت الجو بينما كيس سكر صغير مسكين توارى.

عدم الاستعداد لموسم السيول

أما ما تكشف عن أن مدينة شرم الشيخ نفسها ليس فيها بالوعات لتصريف الأمطار فكان العجب العجاب ونشرت «الجمهورية» أمس تحقيقا لزميلنا أشرف عبد الظاهر: «وقال المهندس وجدي سعد المستثمر والخبير السياحي إن من الأخطاء الكبيرة التي وقع فيها كثير من المستثمرين والاستشاريين في إقامة منشآتهم عدم عزلها والاستعداد لمثل هذه الأمطار المفاجئة، وقد فوجئنا بتغير الطبيعة وهطلت أمطار غزيرة أثرت بالسلب وكبدتنا خسائر فادحة في السقوف والديكورات وخطوط الإنذار والحريق والتكييفات المركزية، ولكن على الرغم من تصنيف شرم الشيخ على أنها مدينة عالمية، فإنها تفتقد الكثير من العوامل والإمكانيات لتصل إلى هذه المرتبة، وهو ما تم اكتشافه مع أول اختبار جاد وحقيقي لها، والذي بين أن معظم تصاميم فنادقها عارية من المواصفات الفنية للفنادق التي تقر بها منظمة السياحة العالمية والتي تشترط أن تكون سقوف الفنادق عازلة للمياه والحرارة وهو ما لم يتوافر في فنادق شرم. ولهذا تجمعت المياه فوق سطوح الفندق وسقوف الغرف، ما أدي إلى سقوط العديد منها لتأكل المياه طبقة الجبس وديكورات الغرف كما فوجئ السائحون بتساقط المياه عليهم من سقوف المطاعم الموجودة في الأدوار الأرضية. كما يشترط أن تكون فوق سطوح الفنادق مواسير مخصصة لصرف المياه المجمعة على السطوح لشبكة الصرف الصحي. والحقيقة أن المشكلة لا تقتصر على شرم الشيخ وحدها فمنذ ثلاث سنوات تقريبا هطلت أمطار على طابا ومنع تجمع المياه أمام الفنادق السائحين من الخروج أو الدخول إليها إلا بعد شفط المياه».