نايلة تويني

اما وقد انتخب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية، وكلف الرئيس سعد الحريري تأليف حكومة جديدة، فيما يستمر الرئيس نبيه بري على رأس مجلس النواب، فإن الاقوياء في طوائفهم، بالمفهوم اللبناني، باتوا شركاء في الحكم، بل انهم تسلموا السلطة، ما يؤسس لشركة حقيقية، بالمفهوم اللبناني أيضاً، فتتوازن السلطات، ولا تطغى واحدة على اخرى، كما حصل مع المسيحيين منذ اتفاق الطائف، ومع السنّة منذ اسقاط حكومة الحريري عام 2010. ويفترض ذلك ان تمضي الامور التي انطلقت بانتخاب الرئيس قبل اسبوع الى خواتيمها السعيدة، مع حكومة جديدة تتألف سريعاً، وربما تمكنت من اعداد قانون للانتخابات النيابية مطلع الصيف.


لكن الواقع المستنتج من كلام الامين العام في "حزب الله" السيد حسن نصرالله لا يوحي بالثقة، ولا يعبر عن ارادة صادقة لدفع مشروع الدولة قدماً. فالحزب الذي أحرج بعدما جاهر الحريري بتبنيه ترشيح عون، لم يجد مفراً من المضي سريعاً في عملية الانتخاب، لانه يدرك جيداً عواقب عدم انتخاب عون، وقد قالها الوزير جبران باسيل على الهواء مباشرة: "اذا لم يلتزم الحزب يكون خرج بنفسه من وثيقة التفاهم بين الطرفين". وتخلي عون عن "وثيقة التفاهم" تلك يعيد الحزب الى عزلته، ما يزيد شهيات الامم على اقتناصه.


والكلام الاخير، وان بدا في بعض ظاهره ايجابياً، لا يفتح كوة في عملية انطلاق العهد الجديد بقدر ما يرفع جداراً جديداً من التعطيل يضاف الى سنتين ونصف سنة من الشغور الرئاسي الذي سببه تعطيل الجلسات بتواطؤ الحزب و"التيار الوطني الحر".


فالحزب فوّض الى الرئيس بري كل تفاوض على الحكومة، ما يعني انه، في اطار ارضاء حليفه الشيعي، لا يسعى الى تسهيل مهمة عون - الحريري، لكونه يدرك التباعد بين عون وبري، وعدم قدرة الرجلين ومن يحوط بهما، على التواصل البناء، وحاجتهما ربما الى وساطة الحزب.


ثم ان "تحذير" الرئيس من الذهاب الى حكومة من دون "أمل" وتالياً من دون الحزب نفسه، وتذكيره برد الدين للطرفين الشيعيين اللذين كانا يقفان على خاطر عون ويتمسكان معه بمطالبه في الحكومات عهد الرئيس ميشال سليمان، يعني ان عدم ارضاء بري سيطيح التكليف، وسيطيل أمد الازمة، بل سيتسبّب بأزمة جديدة، تتخذ سريعاً بعدها المذهبي، إذ ان الحزب لم يسم الحريري، ولم يشأ التعاون معه، ولم يرد انطلاقة العهد الجديد الا في اطار "الثلث المعطل" الشيعي.
أما في موضوع الحقائب فحدث ولا حرج، اذ ان رفض الحزب تولّي "القوات اللبنانية" حقيبة سيادية، يعني فرض شروط الغائية، لان حزب "القوات" يتساوى وكل الاحزاب، بل هو أوسع انتشاراً من أحزاب أخرى يطالب نصرالله باعطائها حقائب وزارية أساسية.
وفي معرض اشادة السيد نصرالله بصبر الرئيس تمّام سلام، دعاه الى المزيد في زمن تصريف الاعمال، ما أوحى ان هذا الزمن قد يطول مجدداً، وهذا ما بات واضحاً، وان "حزب الله" ينذر بفصل جديد من التعطيل يظل هو بطله.