سعيد الحمد 

 هل نُعيد النظر في كل ما قرأنا وما سمعنا من نتائج استطلاعات لشركات ومؤسسات أمريكية عملاقة طبقت شهرتها الآفاق بوصفها مؤسسات استطلاع للرأي معتمدة وموثوقة ويُعتد بها ويحسب حساب لنتائجها؟؟
فبعدما جرى وما ظهر من نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية والتي جاءت مخالفة تمامًا للنتائج التي بشرت بها شركات ومؤسسات الاستطلاع الأمريكية بات واضحًا انها تضع أرقامًا «أي كلام» كما يقول اخواننا المصريون ولا تبذل جهدًا علميًا استقصائيًا حقيقيًا سيكون مكلفًا لها ماديًا، وأنها تعتمد المزاج السائد حسب مقاييس ما يسمع موظفوها داخل مكاتبهم فتسجل ما يتسرب لها من كلام بوصفه استطلاعًا وبوصف الأرقام «نتائج» ميدانية كشفت نتائج ترامب وفوزه عدم صحتها، وأنها مجرد تجميع حاصل ضرب أرقام غير صحيحة من حيث علمية العمليات الاستطلاعية.
ما جرى يضعنا أمام حقيقة الأوهام التي تسوقها لنا شركات ومؤسسات تجارية خائبة وفاشلة وغير مسؤولة في أمانة ما تفرضه وما تتطلبه الاستطلاعات من جهود ومن متابعات وتحليلات للأرقام وقراءة لخرائط المكان وفق معادلات رياضية وحسابية معروفة.


يبدو أن كل شيء «مضروب» في واشنطن وكل شيء «تجاري» كما نقول في تعبيرنا اليومي السائد عن قطع الغيار للسيارات والتي نفرق فيها بين الجيد والرديء، فنقول عن الأول «أصلي» ونقول عن الثاني «تجاري» ومؤسسات الاستطلاع الأمريكية من النوع الثاني الرديء والمغشوش.
نفهم أن العرف التجاري العام يؤمن بأن «كل شيء قابل للبيع وكل شيء قابل للشراء» لكنهم هناك باعونا ثم باعوا مواطنهم الأمريكي، بل وباعوا المرشحة هيلاري كلينتون نتائج استطلاعتهم المغشوشة فصدقتها هي وفريق حملتها الضخم فاسترخوا واستسلموا منتشين بنتائج استطلاعات ليست فوق مستوى الشبهات.
فهل نقول ان «الفبركة» أصبحت ظاهرة عالمية تسري في كل شيء وعلى كل شيء، أم أن ترامب «التاجر» الذي «يشتري كل شيء» اشترى شركات ومؤسسات الاستطلاع الامريكية ولعبها معهم لعبة جهنمية فبلعت هيلاري الطعم وهي تضحك!!؟؟
كل شيء جائز هناك وكل شيء وارد ومحتمل، فالشاطر من يبيع وقت البيع ويشتري وقت الشراء وهي «لعبة» ترامب «التاجر» المحترف الذي ظهر بشخصية المتهور للجمهور، فهل اختار له مساعدوه وخبراء دعايته الانتخابية هذه الشخصية بتعمّد مقصود ليكون لافتًا وليكون محل جدال ونقاش فيسرق الاضواء من هيلاري المعروفة سلفًا بشخصيتها النمطية ذات الايقاع الذي يتكرر حدّ الملل، وحتى لباسها واحد وإن تغيرت الألوان فقط بما يعكس شخصية مؤطرة بفكرة واحدة وبأسلوب واحد، على عكس ترامب الذي لعب دور المقتحم للمواجهات بلا تردد وهو ما يبحث عنه المواطن الأمريكي بعد ثمانٍ عجاف من السنوات سيطر فيها رئيس متردد ومتذبذب فلم يستطع «أوباما» ان يملأ الفراغ بقوة شخصيته.
في كل الاحوال سنفرد لهذا الموضوع اعمدة من مساحتنا هذه في القادم من أيام، ولكننا اليوم ما زلنا نطرح سؤال مؤسسات الاستطلاع الامريكية وكيف فشلت وخابت مجمل ان لم يكن معظم نتائجها التي بشرت بها الأمريكيين، ولماذا كانت نسبة الخطأ في نتائجها بهذه الدرجة الكبيرة التي لا تقع فيها شركات ومكاتب استطلاع مبتدئة، فكيف وقعت مثل هذه الشركات والمؤسسات العملاقة في هذا الخطأ الفادح في نتائج ما زالت محل سؤال كبير، وكبير جدًا.