الياس الديري

ليس من مصلحة أيَّة فئة، أو أيّ فريق عرقلة تأليف الحكومة الأولى في العهد الجديد، والتي يتوقّف على انطلاقتها خروج لبنان من مأزق الفراغ الى الحياة الطبيعيَّة، أو كأنّنا يا بدرُ لا رحنا ولا جينا.

ليس هناك من أمرٍ يستحقُّ عرقلة عملية التأليف التي ينتظرها كل اللبنانيّين، وكل أصدقاء لبنان في المنطقة وعبر البحار. وقد يكون ما حصل من "نبشٍ" لذكرياتٍ قديمة بين الرئيس ميشال عون والرئيس نبيه برّي مجرَّد عبورٍ من الماضي "السحيق" إلى الحاضر المفتوح على بدايات وانطلاقات جديدة.


فلا كيْدَ في النفوس، ولا كيمياء عاجزة عن الاستكانة. انها مجرَّد كلمة وردّ غطاها. ولا شيء بهذا القدر من الهفوات يستطيع أن يفسد في الودِّ قضيَّة.


التأليف مستمرٌّ، على قدم وساقٍ وفخذ. والتعاون المباشر مستمرٌّ بين الرئيس المكلَّف سعد الحريري ورئيس الجمهوريَّة ميشال عون، بمعاونة مباشرة وفعَّالة من الرئيس نبيه برّي. الرؤساء الثلاثة يعلمون أن "التوليفة" الحكوميَّة لا تنضج طبختها بسلام ما لم يكونوا ثلاثتهم متفاهمين متآزرين، ومتعالين فوق كل الاعتبارات والزكزكات والكيديّات التي تهدُم ولا تعمّر.


لا يحتاج الرئيس عون، ولا الرئيس برّي، ولا الرئيس الحريري الى من يذكِّرهم أن "المرحلة الجديدة" بأشد الحاجة إلى تجاوز الكثير الكثير من ترسّبات الماضي، ومعها تفاصيل لا تستحقُّ التضحية بتأليف حكومة انقاذ العهد الجديد، وانقاذ لبنان من مأزق جديد.


سألتُ، وراجعت القريبين والمطَّلعين حول هذه النقطة بالذات. وقد جاء الجواب واحداً من الجهات المختلفة أن لا سجال حقيقيّاً بين قصر بعبدا ومقر عين التينة. ولن يطغى كلام في الهواء على التفاهمات الثابتة حول صياغة التوليفة الحكوميّة في موعد قريب.


الرؤساء الثلاثة، وسائر المعنيّين مباشرة بانطلاقة العهد العوني، يدركون أن رمز بداية العهد بنجاح يكمن بكليَّته في انضاج الطبخة الحكوميَّة، سواء قبل عيد الاستقلال أم بعده بقليل من الأيّام أو الساعات.


ومَنْ مِنَ الرؤساء الثلاثة لا يعلم حقَّ العلم أن لبنان استوى كاستواء طاب التين على أمّه، وأنه ليس بعيداً من المخاطر إذا لم يتداركوا أمراً "طارئاً"، لا يشكِّل بمضمونه وغايته "حفلة" تجاذب ليست على بال أو خاطر.


المطلوب لبنانيّاً من الحكومة الأولى في العهد العوني أن تتجاوز كل "الشهوات" التي تتدفق من كلِّ حدب وصوب، وأن تكون حكومة متآلفة، متعاونة، جادّة في مهمّتها والمسؤوليات الانقاذيَّة الموكولة إليها، والتي يفتقر إليها لبنان لكي ينهض من هذه الكبوة التاريخيَّة التي كادت أن تودي بصيغته ونظامه وأعجوبة انتظام ثماني عشرة طائفة تحت سقف نظام ديموقراطي برلماني... بالاسم لا بالفعل.
وليرضَ مَنْ يرضى، وليزعل من يزعل.