أحمد الجميعة

مسيرة دول مجلس التعاون الخليجي على مستوى التعاون والمشروعات والمواقف والتوجهات؛ وصلت إلى قناعة راسخة من أن المصير واحد مهما كانت التحديات، أو حجم التهديدات، وهو ما يعكسه البيان الختامي لقمة قادة الخليج من حجم المنجزات التي تحققت في سبيل ذلك المصير على أكثر من صعيد، وما يتبقى منها في طريق الوصول لتحقيقه، وتحديداً في القضايا التنموية، والمالية، والتنظيمية التي عادة ما تعكف عليها هيئات ولجان مشتركة.

كل التفاصيل الداخلية لعمل الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي مقدور عليه، وإن تأخرنا في الوصول إليه؛ لأن المسيرة متواصلة منذ أكثر من ثلاثة عقود، ولم تتوقف، ولن تعيقها وجهة نظر هنا أو هناك؛ فالجميع متفق على أن طموحات الشعوب الخليجية أكبر بكثير مما تحقق، والقادة مدركون لذلك، ويعملون عليه، ويشاركون شعوبهم تلك الطموحات، خاصة ما يتعلق منها بالسوق المشتركة، والسوق المالية، والعملة الموحدة، ومشروعات السكك الحديد، والربط الكهربائي، وغيرها من المشروعات التي هي في طريق الاستكمال، والإنجاز.

ولكن هناك مشروعات وقرارات وتوجهات لا تحتمل التأخير في إنجازها، وأهمها وحدة الصف الخليجي في مواجهة التدخلات الإيرانية في المنطقة، وتصدير ثورتها، وطائفيتها، حيث يعد هذا الملف الأكثر سخونة وخطورة على مصير الأمة الخليجية، وما تحقق فيه لا يزال دون الطموح، وهذه حقيقة؛ فلا يكفي الموقف السياسي من اتخاذ موقف منه، أو تدابير وقائية في الحد من تداعياته، ولا يكفي أن تكون الجاهزية الأمنية والتحالفات العسكرية مستعدة لاحتمال الأسوأ في أي وقت، ولكن مع كل ذلك وأهميته لا بد من المشاركة الشعبية في تكوين حائط الصد في المواجهة، وتحريك القوى الفاعلة في المحيط الخليجي ومنحها مساحة واسعة من الحراك الإعلامي والثقافي للتأثير في الجماهير وتوعيتهم، وتفعيل دور المؤسسات غير الرسمية وتمكينها من دورها في المواجهة والتصدي، من خلال فعاليات وملتقيات ومؤتمرات تكشف حجم الخطر الكبير الذي يهدد أمن الخليج واستقراره، وتعرّي التوجهات الإيرانية أمام العالم، وكل ذلك لن يتحقق إلاّ بإنشاء مركز أو هيئة خليجية تحت أي مسمى تستوعب الحراك الشعبي في المواجهة، وتكون سنداً للموقف السياسي، ومنسجمة معه.

قد نتحمّل كخليجيين تأخر مشروعات السكك الحديد، أو أي مشروع تنموي أو اقتصادي ما زال يدرس، ولكن لا نحتمل تمدد الطائفية البغيضة بيننا، ولا نقبل أن تكون إيران الضامن الإقليمي الجديد للمنطقة، ولا نرضى بأي حال من الأحوال أن يتخلى بعض العرب عن عروبتهم، ومرجعيتهم، ووحدتهم، ويسيرون في فلك الولي الفقيه، خاصة حين يكون هؤلاء العرب جيراناً لنا في الجغرافيا، ويجمعنا بهم تاريخ مشترك، وهوية عربية واحدة.

كما لا نقبل على أنفسنا ونحن أمام تطورات متسارعة اليوم في سورية بعد تراجع المعارضة في حلب أن نتوقف عن النضال السياسي والعسكري الذي بدأناه قبل ست سنوات؛ لأن ما بعد حلب هو أسوأ، وعلينا كخليجيين أن نسابق الزمن لتبقى معركتنا هناك، وليس قريبة من حدودنا لا قدر الله.

كذلك محاربة الإرهاب لها الأولوية في التحرك الخليجي المقبل؛ لأن الحرب على "داعش" في العراق لن تتوقف عند هزيمته، بل ربما يمتد الشرر إلى دولنا، وهو ما يجب التنبه له.

نحن ندرك أن قادة دول الخليج لديهم كل هذه الهواجس وأكثر، ويتحملون في سبيل حماية أوطانهم ومكتسباتهم ما يجعلهم أكثر تحوطاً وتحركاً مما يجب فعله، ونحن أيضاً على ثقة بهم، وعهداً أن نبقى معهم في منعطف المصير الواحد الذي لا نملك خياراً سواه.

تويترفيس بوكتكبيراستماعطباعةالمزيد

 مواضيع ذات علاقة