وليد الرجيب

انتهت قبل أيام أعمال القمة الخليجية الـ37، التي عقدت في العاصمة البحرينية المنامة، في ظل التحديات والأزمات التي تواجه الدول الخليجية والعربية، وقد كان أمام قادة دول مجلس التعاون ملفات عدة، ومنها ما تتعرض له المنطقة من نشاط إرهابي منظم، اتسع واستفحل رغم الجهود الدولية، والدول الكبيرة التي يبدو أنها لا ترغب في التخلص من هذه التنظيمات الإرهابية.

كما أنها تواجه أخطاراً إقليمية بسبب المصالح السياسية المتعارضة، التي اتخذت من الطائفية ستاراً لها، وكذلك الأزمة في سورية واليمن وليبيا والتدخلات في شؤونها الداخلية، التي تزيد النار أواراً تبعاً لمصالح الدول الكبرى، وللاستمرار في سيطرتها على دول المنطقة، وضمان تبعيتها لها.

وقد ركزت القمة الخليجية على نقطتين رئيسيتين، الأمن والاستقرار في الخليج والدفاع المشترك بين دوله، وركزت من ناحية أخرى على التحديات الاقتصادية، التي تواجه هذه الدول في ظل الأزمة الاقتصادية الرأسمالية العالمية، وانخفاض سعر برميل النفط في العالم.

والنزاعات بين الشعوب وأنظمتها العربية، وبين دول الخليج ومحيطها الإقليمي، لا تُحل بالإجراءات الأمنية والعسكرية فقط، ولكنها تحل بالحوار السياسي، بناءً على المصلحة المشتركة والمنفعة المتبادلة، وإتاحة الفرصة للشعوب لاختيار مصيرها ومستقبلها، بينما التهديدات والتدخل في شؤون الدول الداخلية، تؤجج الطائفية المدمرة للمجتمعات العربية ودول الخليج بشكل خاص، وتزيد من حدة التوتر في المنطقة، وتعرض استقرار الشعوب للخطر بدلاً من البحث عن العدو المشترك، والالتفات إلى البناء والتنمية.

أما التحديات الاقتصادية التي تواجه دول الخليج، فتكمن في أنها تعتمد في اقتصادها على الثروة النفطية، وهي ثروة كما يعلم الجميع آيلة إلى النضوب وغير متجددة، وربما قد آن الأوان لدولنا أن تعيد النظر في مصدر مداخيلها، وتعمد إلى تنويع مصادر الدخل، والبدء في تنمية اقتصادية تحفظ بقاء شعوب المنطقة في حالة تقدم، من خلال تنمية منتجة يكون الإنسان محورها، وليس من خلال إجراءات تقشفية، تسبب صعوبات معيشية للمواطنين.

أما تكرار الرغبة في وحدة خليجية، فقد قلنا سابقاً إن ذلك يواجه تحديات، تتعلق باختلاف دولنا في أنظمتها السياسية والاجتماعية واختلاف ثقافاتها، وكذلك الأنظمة الإدارية والمحاسبية المختلفة، وهو ما يشكل صعوبات عملية أمام الوحدة المنشودة، فحتى الآن وبعد مرور 37 عاماً على قيام مجلس التعاون الخليجي، لم تتحقق الكثير من المشروعات التي تم طرحها، مثل السوق الخليجية المشتركة والعملة المشتركة، ومشروعات ضخمة مثل مد خطوط السكك الحديدية بين دول الخليج، وهي خطوات عملية في اتجاه هذه الوحدة.