محمود معروف

دخلت موريتانيا، علناً، على خط أزمة الكركرات بين المغرب وجبهة البوليساريو وبدأت الأوساط المغربية تحملها مسؤولية انتشار دوريات للجبهة في المنطقة التي تعرف توتراً منذ آب/ أغسطس الماضي، وتدعو لردع «موريتانيا». وقالت تقارير مغربية ان المغرب خطا خطوة عسكرية في أزمته الصامتة مع موريتانيا، وقامت دوريات من الجيش المغربي بتمشيط مناطق تقع على الحدود مع موريتانيا، بعد أن أرسلت الرباط حشوداً وعتاداً عسكرياً إلى حدوده الجنوبية.
وأكدت المصادر نفسها ان حافلات عسكرية مغربية عدة تقل أعداداً من الجنود وعتاداً عسكرياً توجهت نحو الحدود مع موريتانيا لتعزيز القوات المرابطة قرب منطقة قندهار، في ظل تحركات «مريبة» للجيشين الموريتاني وجبهة البوليساريو في المنطقة.
وتعرف منطقة الكركرات الواقعة بين نقطتي الحدود المغربية والموريتانية، خارج الجدار الأمني الذي شيده المغرب المغربي منتصف ثمانينات القرن الماضي على حدود الصحراء مع الجزائر شرقاً وموريتانيا شرقاً وجنوباً، لصد هجمات جبهة البوليساريو ومنع اتصالها مع سكان المنطقة.
واعتبر الجدار خطاً لوقف اطلاق النار وفق اتفاقية 1991 التي ترعاها الأمم المتحدة وتنشر قوات لمراقبة تنفيذ الاتفاقية (مينورسيو)، الا ان جبهة البوليساريو اعتبرت المناطق خارج الحزام مناطق محررة لدولتها التي تزمع تأسيسها بعد انفصال الصحراء عن المغرب.
وقام المغرب في آب/ اغسطس الماضي بعملية تطهير واسعة للمنطقة من المهربين وتجار المخدرات وبدأ تعبيد الطريق الرابط (3 كلم ونصف) بين نقطتي الحدود المغربية والموريتانية وقالت جبهة البوليساريو ان المغرب انتهك اتفاقية وقف اطلاق النار وسير ت دوريات غير مسلحة بالقرب من الطريق ثم دوريات مسلحة كانت تراقبها قوات الأمم المتحدة لمنع الاحتكاك مع المغرب.
وصعدت جبهة البوليساريو بقيام زعيمها ابراهيم غالي بزيارة للمنطقة وايضا لشاطئها على المحيط الاطلسي ونشر صوره كما قررت الجبهة اقامة نقاط عسكرية ثابتة تراقب الداخلين والخارجين بين نقطتي الحدود وختم جوازات سفرهم قبل الإعلان عن نقل لاجئين صحراويين من مخيمات تندوف بالجزائر إلى منطقة الكركرات، وبحكم ضرورة سماح موريتانيا باي تحرك للجبهة لمرورها بالاراضي الموريتانية، حملت الأوساط المغربية موريتانيا مسؤولية التوتر السائد. 
وقال موقع الايام 24 المغربي ان تحركات الجيش المغربي تاتي بعد «سماح موريتانيا لجبهة البوليساريو بدخول التراب المغربي وتساهلها، حيث انتشرت صور لمجندين ضمن الجبهة ولإبراهيم غالي نفسه قرب المحيط الأطلسي وهو ما يشكل استفزازاً غير مقبول».
واضاف ان الخطوة المغربية جاءت «رد فعل على رفض موريتانيا لمساعي العرقلة التي تخوضها مع خصوم الرباط لعرقلة عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي واستقبال الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز مؤخراً مبعوثاً من جبهة البوليساريو يحمل رسالة من زعيمها إبراهيم الغالي».
وقال عبد الرحمان مكاوي، الخبير المغربي في الدراسات العسكرية والاستراتيجية، إن محاولات جبهة البوليساريو استفزاز المغرب، في منطقة «الكركرات»، تظهر تخبط النظام الجزائري الذي ينعكس على الأذرع الاستخباراتية الجزائرية ومن بينها الجبهة.
وأوضـح أن هذه الاسـتفزازات محاولة للتشـويش على الزيارات الناجحة التي قام بها العاهل المغـربي الملك محمـد السادس في مدغشقر أو أثيوبيا أو نيجيريا مؤخراً، وعقب فشل المنتدى الإفريقي لرجال الأعمال الذي كان عبارة عن مسرحية مرت مباشرة في التلفزيون الجزائري وأظهرت صراعات الأجنحة داخل النظام الجزائري.
واعتبر الخبير المغربي أن إقامة جبهة البوليساريو نقط مراقبة في منطقة «الكركرات»، بين المغرب وموريتانيا هو نتيجة الغموض الكبير الذي أصبح يميز السياسة الموريتانية تجاه المغرب، وهذا الغموض قد تكون له انعكاسات خطيرة على أمننا القومي، خاصة في الجنوب.
وأشار إلى أن المغرب له مجموعة من الأوراق قد يستعملها لردع موريتانيا التي تنحاز شيئاً فشيئاً للسقوط في أحضان المخابرات الجزائرية، التي أصبح نفوذها يتزايد بشكل خطير وأصبحت تملي بعض السياسات على القادة الموريتانيين.