صلاح الجودر

بعد أكثر من 46 سنة من الغياب تعود بريطانيا إلى دول الخليج العربي مع اختلاف الزمان والظروف، وقد احتفلت البحرين في شهر نوفمبر الماضي (2016م) بهذه العلاقات الوطيدة التي تربطها ببريطانيا، ودشنت حملة إعلامية تحت شعار (البحرين وبريطانيا 200 عام من الصداقة)، وقد جاءت تلك الحملة مع زيارة ولي عهد المملكة المتحدة الأمير تشارلز إلى البحرين بعد اختتام زيارته الخليجية إلى سلطنة عمان ودولة الإمارات العربية المتحدة، فزيارة الأمير تشارلز إلى البحرين تاتي مع الذكرى المئوية الثانية لأول اتفاقية بين البحرين والمملكة المتحدة، وكذلك بهدف تقوية العلاقات مع الدول الخليجية إثر قرار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، كما صرح متحدث حكومي بريطاني.
ففي الوقت الذي تسعى فيه المملكة المتحدة إلى تعزيز علاقاتها مع دول الخليج العربي بسبب خروجها من الاتحاد الأوروبي نجد أن دول الخليج هي الأخرى تسعى لنفس العلاقة لتعزيز أمنها واستقرارها بعد الاستفزازات الإيرانية والإرهابية على حد سواء، خاصة بعد تراجع دور الإدارة الأمريكية بالمنطقة، ولكن هذه الزيارة تأتي ودول الخليج قد اختلفت كثيرًا عما كانت عليه قبل مائتي عام، بالسابق كانت دولاً صغيرة لا تملك الموارد ولا الإمكانيات للدفاع عن نفسها، أما اليوم فهي كتلة خليجية موحدة، لذا يسعى الجميع للتعاون معها، خاصة وأن المملكة المتحدة لديها الإمكانيات الهائلة التي يمكن الاستفادة منها، سواء على المستوى الاقتصادي أو العسكري أو الأمني أو في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان وغيرها.
وفي الفترة (6-7 ديسمبر) شاركت رئيسة وزراء بريطانيا (تيريزا ماي) كضيف شرف في أعمال القمة الخليجية (37) بالبحرين، وكان لها حضورها المتميز، فقد ارتقى خطابها إلى مستوى تطلع دول مجلس التعاون الخليجي، ولاقى ترحيبًا كبيرًا، فقد أشارت إلى أن من أهم أسباب مشاركتها في أعمال القمة الخليجية هو تحضير بلادها (بريطانيا) إلى ما بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي، وتبحث عن البديل للسوق الأوروبية في مياه الخليج العربي.
لقد أكدت رئيسة وزراء بريطانيا (تيريزا ماي) بأن (دول الخليج تعد أكبر مستثمر في بريطانيا، وثاني أكبر سوق تصدير لدينا، خارج أوروبا)، وتذكر الحكومة البريطانية أن هناك فرصة لاستثمارات بريطانية قادمة في منطقة الخليج تقدر بـ 30 مليار جنية استرليني، هذا على الجانب الاقتصادي اما الدفاعي والعسكري والأمني فإن رئيسة الوزراء البريطانية (تيريزا ماي) قد ذكرت أن (أمن الخليج من أمن بريطانيا)، وقد ذكرتها وبصوت عال في قمة الصخير، وأنها (تعتزم رفع مستوى التعاون المشترك مع دول الخليج لمواجهة إيران في سوريا واليمن والخليج)، مؤكدة أن بريطانيا (ستكون في طليعة كل جهد للدفاع عن استقرار شركائنا).
لقد أكدت رئيسة وزراء بريطانيا العمة (تيريزا ماي) في مقابلة مع قناة العربية على أنها تشاطر البحرين ودول الخليج قلقلها من الأنشطة المؤذية التي تمارسها إيران وتدخلها في أرجاء كثيرة في المنطقة، لذا جاء بناء أول قاعدة بحرية بريطانية في البحرين منذ عام 1971م، وكذلك بناء مركز التدريب الأرضي في عمان، وهذا تأكيد على دعم ومساندة الحكومة البريطانية لدول الخليج العربي لتعزيز أمنها واستقرارها.
إن زيارة ولي العهد تشالرز ورئيسة الوزراء البريطانية (تيريزا ماي) إلى دول الخليج في هذا التوقيت بالتحديد له مدلولات كبيرة وأبرزها مواجهة التهديدات الإيرانية لدول الخليج العربية، وكذلك العمل على مواجهة الجماعات الإرهابية المتكاثرة اليوم في العراق وسوريا سواء تنظيم داعش أو حزب الله اللبناني أو المليشيات العراقية الطائفية، كل ذلك دفع بالحكومة الإيرانية للخروج عن اللياقة واللباقة الدبلوماسية حين صرح (بهرام قاسمي) المتحدث باسم الخارجية الإيرانية أن بريطانيا ليست أهلاً لاتهام إيران بالتدخل في شؤون المنطقة، متهما إياها بنشر الإرهاب وزعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط، من خلال تدخلها في شؤونها.
من هنا فإن مواجهة التدخلات الإيرانية في شؤون دول مجلس التعاون الخليجي أو احتلالها للجزر الإماراتية الثلاث (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى) يجب أن يدفع بالمجتمع الدولي للعمل من أجل التصدي لراعية الإرهاب الدولي (إيران)، وما تحرك دول مجلس التعاون في هذا الاتجاه إلا لمساعدة العالم للقضاء على الإرهاب وتجفيف منابعه في طهران!!.