حسنين كروم

&&تتغير اهتمامات الأغلبية كل عدة أيام، فما أن تهتم بقضية حتى تتركها وتهتم بغيرها إذا وقع حادث ما. أما السياسة فإنها لا تزال بعيدة عنها وهو ما عكسته الصحف المصرية الصادرة أمس الاثنين 15 فبراير/شباط، إذ تواصل الاهتمام بقضية الأطباء وأمناء الشرطة، وسط حالة من الغضب الشعبي على الأطباء، بسبب إغلاق مستشفى المطرية التعليمي والتهديد بإضرابات جزئية، رغم استنكار ما حدث من اعتداءات من بعض أمناء الشرطة على بعضهم، خاصة أن الأيام الماضية شهدت حملات عنيفة حتى في الصحف الحكومية على الشرطة، واتهامها بالعودة لإساءة معاملة الناس بحجة مقاومة الإرهاب.

ننتقل إلى القضية الأخرى التي بدأت تخطف الأضواء، وهي ما قاله تيمور السبكي على قناة «سي. بي. سي» في برنامج «ممكن» الذي يقدمه زميلنا وصديقنا خيري رمضان، بأن نسبة كبيرة من النساء في الصعيد لديهن استعداد للخيانة، وهو ما أثار غضبا عاما كان أعنفه في الصعيد، وتقدم مئتان وعشرون من أعضاء مجلس النواب بمذكرة للمجلس بإحالة الأمر للنيابة العامة بعد أن ترددت دعوات للثأر من تيمور. وقال زميلنا وصديقنا وعضو مجلس النواب وهو صعيدي مصطفى بكري أمس في بوابة «الأسبوع»: «عندما شاهدت هذا الفيديو الذي انتشر بسرعة الصاروخ الأسبوع الماضي، لم أصدق، عدت إلى تاريخ إذاعته ففوجئت بأن الحلقة تمت إذاعتها في التاسع من ديسمبر/كانون الأول 2015، أي منذ أكثر من شهرين. أكثر من شهرين وسموم الطعن في شرف نسائنا تسري كما تسري النار في الهشيم، إلى أن بلغ الأمر مداه وبدأ البعض ينشر الفيديو على نطاق واسع، حتى وصل إلى العامة من الناس، وسجل أعلي معدلات للدخول، وبدأ الإحساس بالوجع يصل إلى أبناء الصعيد، رجالاً ونساء، شبابًا وأطفالاً، في داخل البلاد وخارجها. في هذا اليوم وجدت نفسي أصرخ، أشعر بالقهر بالألم الذي يجتاح أمي في قبرها وأختي في بيتها وابنتي في مدرستها، أكاد لا أصدق أن قناة فضائية تترك الجريمة تمر منذ أكثر من شهرين، من دون أن تقدم كلمة اعتذار واحدة، وكأن الأمر شيء عادي. كنت أظن أن مذيع الحلقة سوف يطرده على الفور، وكنت أظن أن رئيس ما يسمى بغرفة صناعة الإعلام مالك قناة سي. بي. سي سوف يخضع الأمر للتحقيق ويضع حدًا لهذه الاستهانة، لكن أحدًا لم يفعلها. قلنا ربما يكون الأمر «سهوا» أو لم يلفت انتباه رئيس الغرفة التي منعت المستشار مرتضى منصور من الظهور الإعلامي لأنه أساء لزميلة إعلامية، ولكن الأمر الآن أصبح على عينك يا تاجر».

والمعروف أن محمد الأمين مالك القناة أصدر أمرا بإيقاف برنامج خيري رمضان خمسة عشر يوما لحين انتهاء التحقيقات.

ومن الأخبار الأخرى التي نشرتها الصحف كانت عن اجتماع رئيس الوزراء شريف إسماعيل مع عدد من رؤساء تحرير الصحف، حدثهم عن خطة حكومته، وأكد أن التعديل الوزاري وارد، وأنه لابد من اتخاذ إجراءات مالية مؤلمة لن تمس محدودي الدخل، وهو يمهد بذلك للمزيد من إلغاء الدعم وزيادة سعر الخدمات الحكومية.

وكان زميلنا الرسام في «أخبار اليوم» قد أخبرنا يوم السبت، أنه شاهد رب أسرة وزوجته يلتفان حول الطبلية وأمامهم طبق فارغ من الطعام في انتظار بيان الحكومة.

وأشارت الصحف إلى استمرار الزيادة في أسعار السلع، بسبب قلة المستورد منها، وأزمة في الزيت والأرز في بعض المحافظات، ولا يزال الاهتمام كبيرا ببحث نادي الزمالك عن مدرب لفريقه واستمرار المعارك بين أصحاب المصانع وبين المستوردين، واتهام الأخيرين للبـــــنك المركــــزي بالانحياز لرجال الأعمال، بحجة حماية إنتاج المصانع من منافسة السلع الرديئة، وكذلك استقبال السيسي لوزيرة الخارجية الأمريكية السابقة مادلين أولبرايت واستمرار التحقيقات في مقتل الباحث الإيطالي ريجيتي، ونفي أي دور للأمن فيه. وإلى بعض مما عندنا..

وزير الصحة:

«لا يملك محاسبتي سوى البرلمان»

ونبدأ بقضية نقابة الأطباء والاحتجاج الذي قام به عدد كبير منهم يوم الجمعة أمام مقرها الرئيسي في شارع قصر العيني، احتجاجا على إهانة كرامتهم باعتداء أمناء شرطة على طبيبين في مستشفى المطرية التعليمي في شرق القاهرة، ومشاركة بعض الشخصيات السياسية في الوقفة تضامنا معهم. وكانت النقابة قد قررت وقف العمل في المستشفى ممار أثار ردود أفعال غاضبة من الناس، فأصدر النائب العام قرارا بسرعة فتحها، وردت النقابة بأنها ستقدم الخدمات للناس مجانا، أي ستصرف لهم الأدوية مجانا ولن تحصل منهم على رسوم كشف أو زيارة. وردت الحكومة بأن ذلك تعد من النقابة على سيادة الدولة وقوانينها، ومعناه أن النقابة قررت خصخصة المستشفيات الحكومية. وتضاربت الآراء بشدة حول ما حدث من النقابة وما حدث من وزارة الداخلية أيضا، وكان الرأي الغالب استنكار مواقف الأطباء والأمناء، والبعض التهب خياله فجأة متصورا أن بدايات ثورة جديدة ظهرت. وقد رد وزير الصحة الدكتور أحمد عماد الدين على الهجوم الذي تعرض له من مجلس النقابة، والذي طالبه بالاستقالة، وذلك في حديث له نشرته «الأخبار» أمس الاثنين وأجراه معه زميلنا هيثم النويهي وقال فيه: «أنا لم أقصر في مساندتهم، والدليل على ذلك أنني اتصلت بالنائب العام وتابعت معه سير التحقيقات، واتصلت بوزير الداخلية وقلت له « مينفعش تسيب الولاد بتوعك يعتدوا على الأطباء في المستشفيات» ووزير الداخلية مشكوراً قام بوقف الأمناء عن العمل، وإحالتهم إلى التحقيق بمعرفة الوزارة، لكن تحركات النقابة وأعضاء مجلس إدارتها الرافض لأي حل ودي للأزمة كان سبباً في إشعال الأزمة وزيادة الاحتقان لدى الأطباء، الغريب أن أعضاء نقابة الـ7٪ الذين حصلوا على عضوية مجلس النقابة بـ7٪ من أصوات أطباء مصر، هم من يطالبون باستقالة الوزير. النقابة ليس من سلطاتها إقالة الوزير، «لا يملك محاسبتي سوى البرلمان» بصراحة أنا عايز أسأل ما الأجندة اللي وراء مجلس النقابة؟».

الدولة عاجزة عن فهم شعبها

أما في «المقال» عدد يوم السبت فقد قال رئيس تحريرها زميلنا وصديقنا إبراهيم عيسى: «هذا تحذير شديد الأهمية يأتي من دار الحكمة، الآلاف احتشدوا أمس في دار الحكمة حيث مقر نقابة الأطباء، في مشهد قاطع الدلالة على أن الدولة عاجزة عن فهم شعبها، الذين اقنعوا أجهزتنا أن الشعب يرضى بالإهانة والسكوت عن إهدار الكرامة، مقابل الأمن هم واهمون، بل مجرمون في حق بلدهم وحكومتهم، الذين يعتقدون أن الشعب منح تفويضا لإطلاق السلطة لقمع الحريات والدوس على الكرامة مقابل استعادة ما يعتقدون أنه الاستقرار واهمون ومخطئون ومجرمون في حق بلدهم وشعبهم وحكومتهم. ليس الأطباء فقط من يستشعرون الاستخفاف بكرامتهم، قطاعات كثيرة من الشعب المصري بدأت تقلق من تمدد التجاوزات ومن تبريرها ومن تطنيشها ومن إضفاء الحماية عليها والتواطؤ معها، هنا خطر ينمو لا يمكن لأي كائن من كان أن يدلس على جرائم الاعتداء على المواطنين، التي بدأت تتكاثر وتتخذ شكلا مكررا تحت مظلة التبرير الحكومي، الذي يعطي دافعا لانتهاك حقوق الإنسان تحت دعاوى الحفاظ على الأمن أو مواجهة الإرهاب».

الجماهير متمسكة بحقوقها ومطالبها

وسوف نبيت في «المقال» حتى يوم الأحد لنقرأ لزميلنا حسام مؤنس قوله: «رغم الحرص الشديد والالتزام من جانب نقابة الأطباء ومجلسها وأعضائها على عدم تسييس موقفهم من واقعة اعتداء أمناء شرطة على أطباء في مستشفى المطرية، فإن موقف الجمعية العمومية الأخير باحتشاد أكثر من عشرة آلاف من أعضائها في دار الحكمة في منتصف شارع قصر العيني، يوم الجمعة الماضي، في مشهد نادر في تاريخ الجمعيات العمومية لنقابة، يبدو مشهدا سياسيا بامتياز، في وقت تعاني فيه مصر من قتل عمدي للسياسة ومنابعها ونهرها، التي تؤكد بوضوح أن ما جرى في يناير/كانون الثاني 2011، ورغم كل ما يجري من تشويه للثورة، ورغم الردة الواضحة على ما تحقق من حريات بفضلها لا يمكن إهداره أو الانتقاص عليه بسهولة، فعلى مدار الشهور الماضية تتابعت وتوالت مشاهد متصاعدة، تؤكد استمرار روح الحركة الجماهيرية المتمسكة بحقوقها ومطالبها المشروعة والممارسة لحقها في التعبير عن الرأي والاحتجاج ضد سياسات وممارسات تنتمي للماضي وتسعى لإعادة إحيائه، وبغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف مع مواقف ومطالب كل منها، فإن هناك رابطين رئيسيين يجمعان بين هذه التحركات، خلال الفترة السابقة، أولها هو كونها تعبيرا عن تجمعات وكتل اجتماعية متفاوتة أكثر منها سياسية. والثاني هو أنها استخدمت أسلوب التظاهر البائس الذي سلط سيفه ضد مظاهرات سليمة لشباب وقوى سياسية».

لا مزايدة على الأطباء

ونترك «المقال» ونذهب إلى «الجمهورية» (حكومية) يوم الأحد نفسه ونقرأ لزميلنا السيد البابلي قوله في بابه اليومي «رأي»: «الأطباء على حق في أن يحتجوا وأن يجتمعوا وأن يعرضوا مطالبهم بأعلى صوت، ولكن من دون أن يمتد ذلك إلى التأثير على الخدمات الصحية المقدمة لملايين الغلابة من المرضى، الذين يبحثون أيضا عن حقهم في رعاية صحية أفضل، ولأن الاعتداء على بعض الأطباء هو ما فجر هذه الأزمة، فإن الاعتداء على حقوق المرضى بالإضراب أو التقاعس عن أداء الواجب هو الأزمة الأكبر، التي ستضر بحقوق الأطباء وتفقدهم التعاطف الشعبي. ولهذا فإننا ندعو الإعلام إلى الترفق أيضا بالأطباء وتجنب الوقيعة بينهم وبين المجتمع، وعدم الخلط بين مطالبهم المشروعة وأي اعتبارات أو تدخلات سياسية أخرى، فلا يعني وجود بعض الناشطين في وقفتهم أن الأطباء قد تبنوا خطا سياسيا معينا، فالأطباء يحاولون إيصال صوتهم وغيرهم يحاول استغلال هذا الصوت، وفي النهاية فإن القضية واضحة ولا مزايدة على الأطباء».

خالد إمام: مؤامرة ضد البلد

ووجود بعض الناشطين بين الأطباء في وقفتهم أمام النقابة أصاب أعصاب زميله في «المساء» التي تصدر عن الدار نفسها ورئيس تحريرها الأسبق خالد إمام فصاح في عموده اليومي «وماذا بعد»: «مهما حاول المرجفون توصيف الجمعية العمومية للأطباء أمس الأول بأنها «جمعية غضب» بسبب تعدي أمناء شرطة على أطباء مستشفى المطرية و«انتفاضة كرامة» نتيجة تدني دخل الأطباء، فإن المشهد على الأرض داخل وخارج دار الحكمة، يؤكد أنها كانت مؤامرة ضد البلد، وإن حملت عنواناً مهنياً. المشهد يحتوي على 8 أدلة دامغة تثبت أن هذا الاجتماع مؤامرة مكتملة الأركان، أولاً حضور كل من حمدين صباحي وممدوح حمزة وخالد علي وخالد داود اجتماع الجمعية، فما هي صفاتهم المهنية للمشاركة في جمعية عمومية للأطباء؟ ثم انظروا إلى قائمة المتضامنين مع الأطباء لتتأكدوا أن الاجتماع مؤامرة، فإلى جانب الأربعة الذين ذكرتهم، هناك أيضا أسماء محفوظ «بتاعة ابقى هات لي ملفي من مقر أمن الدولة» وإسراء عبد الفتاح «المتدربة في الخارج على إسقاط الأوطان» وعلاء الأسواني «المتلون» وعبد المنعم أبو الفتوح «الإخواني» ومصطفى النجار «أحد أعمدة الفوضى الخلاقة» وعبد الرحمن القرضاوي «ابن مفتي الإرهاب» والإعلامية ليليان داود «الكارهة لمصر» وحزب الدستور «البردعاوي»، وحركة 6 إبليس «العميلة رقم 2 للأمريكان بعد الإخوان».. وكلهم شاركوا في مؤامرة يناير/كانون الثاني وخطفوا الانتفاضة من الشباب لحساب أمريكا.. مفيش مؤامرة.. هه..؟».

خصخصة المستشفيات الحكومية

وبعد أن أكد خالد بالأدلة وجود مؤامرة تقدم في العدد نفسه زميلنا وصديقنا محمد أبو الحديد رئيس مجلس إدارة مؤسسة دار التحرير الأسبق التي تصدر عنها «الجمهورية» و«المساء» ليثير قضية أخرى في عموده اليومي «مناوشات»: «قررت نقابة الأطباء خصخصة المستشفيات الحكومية.. ونقل ملكيتها إليها. المعروف انه لا أحد لديه الحق في غلق منشأة خدمية أو إنتاجية أو رفع أو خفض تكلفة الخدمة التي تقدمها، إلا من يملك هذه المنشأة. وهو ـ في حالة المستشفيات ـ الحكومة، لكن النقابة انتزعت هذا الحق لنفسه وقررت ـ ضمن حزمة قرارات أخرى ـ أن تغلق أي مستشفى حكومي يتعرض فيه الأطباء للاعتداء، وأن تقدم المستشفيات الحكومية خدماتها بالمجان لروادها، فيدخلون المستشفى للعلاج أو للزيارة من دون تذاكر أو دفع رسوم ويحصلون على العلاج مجانا، بما يتطلبه من تحاليل وأشعات وأدوية إلى آخره. وقد أصدرت النقابة هذه القرارات من جانب واحد. ومن دون التشاور مع المالك الحقيقي، وكل ذلك رداً على موقعتي أمناء الشرطة مع الأطباء في مستشفي المطرية في القاهرة. وفي أحد مستشفيات محافظة البحيرة واتهام النقابة للحكومة بعدم توفير الحماية اللازمة للأطباء أثناء مزاولتهم لعملهم داخل المستشفيات، وتقاعسها عن معاقبة أمناء الشرطة أبطال الواقعتين. حسناً هناك قرار منطقي ومهم يكمل هذه القرارات، وعلى النقابة أن تتخذه، وهو أن تعلن تحملها مسؤولية دفع رواتب الأطباء والعاملين في جميع المستشفيات الحكومية في نهاية الشهر».

إضراب الأطباء

إعلان الحرب على المرضى

لا.. لا هذا إحراج شديد من أبو الحديد للنقابة والمخيف أن تستجيب الحكومة له، أما زميلنا في «الوفد» ورئيس تحريرها التنفيذي وجدي زينالدين فقال في عموده اليومي «حكاوي»: «من حق الأطباء أن يعلنوا رفضهم الشديد لكل المواقف السلبية التي ارتكبتها الشرطة في حقهم خلال الفترة الماضية، من حقهم أن يطلبوا عزل وزير الصحة الذي وقف متفرجاً على أزمة الأطباء ولم يفعل شيئاً، ومن حق الأطباء أن يحيلوا الوزير إلى لجنة تحقيق داخل النقابة، بصفته طبيباً، ومن حق الأطباء أن يرفضوا وبشدة الاعتداء الغاشم الذي حدث لأطباء مستشفى المطرية، ومن حق الأطباء أن يرفضوا أي إهانة من أي شخص، حتى لو كانت وزارة الداخلية، لكن يبقى شيء مهم لا يمكن القبول به أو الموافقة عليه، وهو الرفض بشدة إضراب الأطباء لأن ذلك يعنى بالدرجة الأولى إعلان الحرب على المرضى وتسهيل عملية وفاتهم، وهذا ما لا يقبله عقل ولا دين ولا أخلاق. فكرة إضراب الأطباء شيطانية والهدف منها هو إحراج الدولة المصرية، وأتمنى ألا تكون نقابة الأطباء جادة في مسألة الإضراب وأن يكون ذلك من باب التلويح فقط».

مهاجمة نقابة الأطباء

وأعضائها بلا موضوعية

ومن «الوفد» إلى «اليوم السابع» وزميلنا وصديقنا أكرم القصاص رئيس التحرير التنفيذي وقوله: «عبرت الجمعية العمومية للأطباء عن مطالب أعضائها وتجاوزت بعض الفخاخ من أفراد أو اتجاهات سعت لركوب الموجة. مجلس النقابة نجح بدرجة كبيرة في تجاوز المطبات، ومحاولات دفع الجمعية نحو التعميم والسير في معارك فرعية تستنفد الجهد ولا تنتهي لنتائج. التراجع عن فكرة الإضراب الفوري كانت نزولا عند آراء اعتبرت الإضراب عقابا للمرضى الفقراء، على الجانب الآخر في ما يخص الحكومة ووزارة الصحة والداخلية، فقد اتسمت بالبطء والتجاهل أو الارتباك من البداية، ولم يظهر تصريح لرئيس الوزراء إلا بعد انعقاد الجمعية والقرارات، يضاف إلى ذلك بعض الأصوات التي ظهرت في الإعلام وهاجمت النقابة وأعضاءها بلا موضوعية، وإنما بخليط من الجهل والبذاءة وبلا تمييز، وبعض هؤلاء المنافقين يضرون كل الأطراف ويتحدثون بلا وعى ولا دراية، وفى المقابل فإن بعضا ممن ظهروا بدعوى التضامن دخلوا لأهداف لا علاقة لها بالأطباء، كالعادة مزايدين ومحترفي توريط، وهم مثل المنافقين يفسدون كل موقف ولا تهمهم غير صورهم. نجاح الجمعية خطوة والقرارات بحاجة إلى مراجعة لكي لا تكون مجرد كلام مجاني غير قابل للتنفيذ حتى لا تتكرر أخطاء الانسحاب لفرعيات تضيع الأهداف».

رسالة الأطباء

أما زميله سعيد الشحات، والاثنان ناصريان، فقال: «احتشد الأطباء في جمعيتهم العمومية بعد حالة التراخي التي قوبلت بها شكواهم، من اعتداءات أمناء شرطة على أطباء مستشفى المطرية، بالطبع كان يمكن محاسبة الذين أقدموا على ذلك وفقا للقانون وينتهى الأمر، غير أن التسويف والمماطلة أحدث حالة الغضب التي أدت بمجلس النقابة إلى أن يدعو إلى عقد الجمعية العمومية الطارئة، فاستجاب الأطباء بالحشد الكبير الذي حدث يوم الجمعة. في تقديري أن حشد الأطباء ارتفع ليس بسبب اعتداءات أمناء الشرطة وفقط، وإنما جاء أيضا ردا على حالة الانفلات الإعلامي من بعض وسائل الإعلام في معالجتها للحدث، فبدلا من الحوار الراقي والمحترم والعاقل، وجدنا من يكيل الاتهامات الباطلة لمجلس النقابة، ويضع الأطباء في قفص الاتهام، ويستكبر عليهم الحفاظ على كرامتهم. هناك من يستخف بالعقول فيتحدث وكما قلت عن «منى مينا» الإخوانية، وهناك من لم يلتفت إلى أن على رأس النقابة طبيب محترم هو الدكتور خيري حسين، يحظى بشعبية هائلة بين الأطباء لكونه نموذجا للطبيب، كما ينبغي أن يكون، وأنه بضميره الوطني لا يرغب أبدا فى أن يضع الأطباء فى مواجهة مع الدولة، هو يريد الحفاظ على كرامة الطبيب فتلك مسؤوليته النقابية المؤتمن عليها من الأطباء الذين انتخبوه، واختاروه رمزهم الذي يعبر عن محنهم ومواقفهم، ولو أراد أحد أن يعرف قيمة هذا الرجل فعليه أن يسأل عنه جمهور الأطباء، طبيب لم يفتح عيادة خاصة على الرغم من أنه من أمهر الجراحين، وأعطى وقته كله للتدريس والتعليم والانتصار لمهنة الطب في جانبها الإنساني. امتدت هذه اللغة البائسة إلى أشياء أخرى خارج السياق، فهناك من تحدث عن غلاء أجر الأطباء في العيادات الخارجية، وهناك من تحدث عن فوطة ينساها جراح في بطن المريض أثناء العملية الجراحية، وهناك من تحدث عن إهمال الأطباء للمستشفيات العامة التي يعملون فيها، وبالطبع فإن هذه مسائل هي بالفعل تحدث ولا يقر أحد بصحتها، لكنها تخضع في المقام الأول إلى نظام دولة بتطبيق القانون على كل من لا يقوم بعمله على أكمل وجه. حشود الأطباء يوم الجمعة رسالة مهمة من أجل المستقبل، غير أن رسالتها، يجب أبدا أن لا يتم وضعها خارج سياقها، وسياقها الصحيح هو أنه لا أحد فوق المحاسبة، ومن يخطئ فلابد من وضعه أمام القانون ليكون عبرة للآخرين، وينطبق هذا على الطبيب والشرطي، وكل من يحاول أن ينسى واجبات وظيفته، فحين يتحقق ذلك سنكون أمام دولة تدخل إلى المستقبل بكل ثقة واطمئنان. تجاهل قراءة الجمعية العمومية للأطباء والاستعلاء في التعامل معها سيكون هو النهج نفسه الذي اتبعه نظام مبارك، وهو النهج الذي أدى إلى الكوارث التي تمكنت في كل شيء من أركان الدولة».

البهارات الحريفة ضررها

على الصحة العامة كارثي

لكن زميلهما دندراوي الهواري الكاره لثورة يناير/كانون الثاني والمتشكك في الكثيرين ممن شاركوا فيها ضرب كفا بكف وتساءل: « يتمتع الدكتور ممدوح حمزة بقدرة عجيبة على توظيف أي حدث لصالحه، وعاشق للأضواء والشهرة، ولتحقيق هذا الأمر لا بد له من إثارة القضايا الخلافية، ووضع كل أنواع البهارات الحريفة، لزوم «الشطشطة» وفتح شهية من يخاطبهم، من دون إدراك أن البهارات الحريفة ضررها على الصحة العامة كارثيا. سهل جدا أن تعارض بقوة، وتسير عكس اتجاه الأنظمة والحكومات، وتتبنى رؤى مختلفة ومتناقضة مع الرؤى الرسمية المطروحة، وتحمل في جعبتك جرابا ممتلئا بسهام النقد السامة، وتصبح نجما تلهث وراءك وسائل الإعلام في الداخل والخارج، والمنظمات والجهات الدولية التي تعمل ليل نهار على زعزعة الاستقرار، وإثارة الفوضى، لكن من الصعب أن تكون موضوعيا، ولا تتقلب في مواقفك كتقلب حبة الذرة فوق النار. ممدوح حمزة رجل عاشق لتوظيف أي حدث، أو تجمع لينفث غضبه الشخصي من النظام، رجل ظهر في عصر مبارك… وبعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني، بدأ في الصدام مع المجلس العسكري، وظهر فى تسريب «فيديو« شهير له، وهو يضع خطة الإضراب العام وتعطيل العمل فى كل المصالح الحكومية لإجبار المجلس العسكري على الرحيل.. حقيقة الدكتور ممدوح حمزة، وخروجه أمس الأول الجمعة، ليطالب من أمام نقابة الأطباء بإجراء انتخابات مبكرة، واتهامه بأن الجيش يحكم، ويردد الشعارات نفسها والقصص والأفلام التي تجرع منها الشعب المصري «كاسات» المرار على مدار 5 سنوات كاملة. ممدوح حمزة، لا نعرف بأي صفة يتحدث باسم الشعب المصري، وبأى صفة يطالب بانتخابات مبكرة، وهل حرمان مكتبه الهندسي من الإشراف على بعض المشروعات القومية يعد السبب الجوهري لشن هجومه العنيف ضد نظام السيسى؟ ونقولها بأعلى الأصوات إن ممدوح حمزة ورفاقه خالد علي وعبدالمنعم أبوالفتوح وحمدين صباحي، لم يعودوا يؤثرون في تحريك أسرة واحدة أو يقنعونها بالنزول في الشارع… ممدوح حمزة، يعد المحرض الأعظم لإثارة القلاقل في مصر قبل وبعد 25 يناير وحتى الآن، ولم يجنح يوما إلى السير في موكب الغلابة من الملايين المصريين الباحثين عن لقمة العيش يوميا».

مشهد إضراب الأطباء نقابي بامتياز

ومن «اليوم السابع» إلى «الأهرام» وزميلنا وصديقنا الدكتور أسامة الغزالي حرب وقوله في عموده اليومي «كلمات حرة»: «عندما كنت أكتب كلمتي في صباح الجمعة الماضي للنشر في اليوم التالي أي السبت (13/2) أصف فيها التجاهل أو التباطؤ في محاسبة أفراد أمناء الشرطة، الذين اعتدوا بشكل شائن على أطباء مستشفى المطرية الذي وصل إلى حد إخلاء سبيلهم على أساس أن تحريات المباحث لم تتوصل لصحة رواية الأطباء المبلغين، بل ان أحد الأطباء تعدى على أمين شرطة، بأنه لعب بالنار. لا أعتقد أنني كنت أبالغ في توصيف المشهد لذلك لم اندهش على الإطلاق من الحشد غير المسبوق لأطباء مصر في نقابتهم وسط القاهرة ظهر يوم الجمعة، الذي أعتبره لحظة تاريخية مهمة في نضال الشعب المصري وليس الأطباء فقط، من أجل ترسيخ حريته والحفاظ على كرامته، التي استخلصها بثورتيه العظيمتين في 25 يناير و30 يونيو/حزيران. حقا أن المشهد كان نقابيا بامتياز وحرص أصحابه على النأي به عن أي شعارات سياسية ولكن دلالته السياسية لا تخفى».

«أعلى ما في خيلكم إركبوه»

ومن «الأهرام» إلى «الشروق» حيث لا نزال في يوم الأحد أيضا وزميلنا فهمي هويدي وقوله: «إذا وسعنا الدائرة بعض الشيء فسوف نقرأ دلالة ما جرى في نقابة الأطباء، ليس بحسبانه تعبيرا عن اشتباك الأطباء مع الشرطة، لأنه في حقيقته أحد مظاهر اشتباك الدولة الأمنية مع المجتمع. نلاحظ ذلك في الهجوم الجارح والبذيء من جانب الإعلام الأمني على نقابة الأطباء، خصوصا النقيب ووكيلة النقابة. الملاحظة الأخرى المهمة أن المشهد في جملته جاء دالا أيضا على موت السياسة وإهدار قيمة القانون، ذلك أن الحادث الذي بدأت به أزمة الأطباء كان يمكن احتواؤه بأسلوب متحضر يقوم على التصالح واحترام القانون، ولكن نزعة التحدي وروح القمع هيمنت على المشهد من بدايته فجرى ما جرى. وتمثلت أبرز علامات التحدي في اعتبار الأطباء جناة كما في إطلاق سراح أمناء الشرطة التسعة الذين اشتركوا في إهانتهم وسحلهم قبل 24 ساعة من انعقاد الجمعية العمومية للأطباء، في رسالة استعلاء وإغاظة عنوانها: أعلا ما في خيلكم اركبوه أن أجراس يوم الكرامة عالية الرنين والرسالة مهمة لكن السؤال الكبير هو: من يسمع أو يقرأ؟».

ومن «الشروق» إلى «المصري اليوم» وزميلنا عمرو الشوبكي وقوله في عموده اليومي «معا»: «نجح مجلس نقابة الأطباء في أن يقود أول مؤتمر نقابي ناجح محدد الأهداف والمطالب، منذ ثورة يناير/كانون الثاني، ونجح في جذب عدد هائل وغير مسبوق من أطباء مصر لحضور الجمعية العمومية غير العادية، التي عُقدت أمس الأول ونالت تعاطف تيار واسع من المصريين. يقينًا الدفاع عن كرامة أي مواطن هو مطلب يخص كل مصري، فما بالك إذا كانوا أصحاب مهنة ورسالة سامية مثل الأطباء الذين يعتبر العالم المحترم (وليس فقط الديمقراطي والمتقدم) تحسين أحوالهم المهنية والمعيشية معيار التقدم، وليس عدد الجنود ولا أمناء الشرطة؟ الأطباء في مصر مثل كل المهن غالبيتهم محترمون وقلة منهم منحرفون، ولا أحد يتصور أو يقبل أن يختزل البعض الشرطة وتضحياتها في قلة من المنحرفين مارسوا بلطجة في مستشفى المطرية وغيره، وتبقى مشكلة الداخلية هي في الحماية التي تفرضها على المنحرفين منهم، واعتبار أي نقد لتجاوز أو إدانة لجريمة أمرا مرفوضا يجب عدم سماعه».

هجوم البابا تواضروس ضد زواج الشواذ

وإلى المعارك والردود وأولها ستكون للبابا تواضروس الثاني بابا الكنيسة المرقسية الأرثوذكسية، حيث شن هجوما عنيفا ضد زواج المثليين في محاضرة، له علمنا بها من زميلنا في «الجمهورية» سامح محروس يوم الأحد في صفحته الأسبوعية «أجراس مصرية»: «شن البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية هجوما حادا على زواج الشواذ، الذي تبيحه بعض الدول في الغرب، تحت مزاعم حرية الإنسان، مشددا على أن هذا مفهوم خاطئ للحرية وأن الإنسان الملتزم هو الذي يجد سعادته في الحرية المنضبطة. جاء ذلك في الكلمة الأسبوعية التي ألقاها الباب في كنيسة العذراء ومار مرقس في أكتوبر بحضور الأنبا ردوماديوس أسقف أكتوبر أوسيم ولفيف من الآباء الأساقفة والكهنة والآلاف من الشعب، وقد ألقى قداسته محاضرته الأسبوعية عن فضيلة الالتزام، من خلال تأمل في الآية «إسهروا أثبتوا في الإيمان كونوا رجالا ثقوا لتصير كل أموركم في محبة» (أكو 16 ـ 13 ) وقال قداسته أن وصية كونوا رجالا موجهة لجموع المؤمنين وليس الرجال فقط، ولها عدة جوانب في حياتنا منها هناك أناس يفتقدون الحرية المنضبطة مثل الملحدين والوجوديين وغيرهم الذين يدعون أنهم يعيشون في حرية، وهم أبعد ما يكونون عنها. قال أيضا من ينادون بزواج الجنس نفسه ويزعمون أن ذلك من الحرية وحقوق الإنسان يتناسون حق الله».

الفالنتاين مستورد من عند الخواجات

أما زميلنا وصديقنا الإخواني محمد عبد القدوس فقال في بروزاه اليومي في جريدة «الوفد» عن عيد الفالنتاين: «النهاردة 14 فبراير/شباط «عيد الفالنتين» وهو مستورد من بلاد الخواجات ويعبر عن الحب بين الرجل والمرأة، أو روميو وجولييت. والطبقة المترفة في بلادي تحتفل به، بينما الغالبية الساحقة من الناس العاديين لا تعرفه، بعكس عيد الأم الذي يحتفل به الجميع. وفي يقيني أن «الفالنتاين» هذا يسيء إلى الحب الحقيقي لأنه يحصر تلك العاطفة السامية في مفهوم ضيق جداً، يتمثل في العشق والغرام بينما الحب أوسع من ذلك بكثير، ولذلك أقول لك بلاش تحتفل بالعيد المستورد من عند الخواجات واقعد في بيتك أحسن! مع العلم بأن هناك «عيد حب مصري» دعا إليه عملاق الصحافة المرحوم مصطفى أمين وموعده في شهر نوفمبر/تشرين الثاني من كل عام، لكنه لم يلق النجاح المنتظر لأن الحب الحقيقي غائب عن مجتمعنا.. أليس كذلك؟».

&