&«وثيقة بنما» تثبت تورط «آل مبارك» ومسؤولي عهده في قضايا فساد واختلاس من الميزانية العامة للدولة

&

منار عبد الفتاح

&&كشفت تسريبات بنما، وهى وثيقة أصدرتها لجنة الخدمات المالية للشركة العملاقة «بريتيش فيرجين آيلاند» في 2011 تؤكد فيها تجميد أصول وأموال عدد من شخصيات نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك، وبعض أفراد أسرته، بموجب قرار اتخذه الاتحاد الأوروبي في اذار / مارس 2011 بعد إطاحة مبارك.

وأصدرت الشركة قائمة بالأسماء في تشرين الأول / أكتوبر 2011 بعد تفعيل قرار التجميد في تموز / يوليو من العام نفسه، مرفقة بقرار الاتحاد الأوروبي.

وتشرح الوثيقة أسباب تجميد أصول وحسابات الشخصيات المذكورة، نظرا لاتهامهم في قضايا فساد واختلاس من الميزانية العامة للدولة المصرية، ما عرقل مسيرة الديمقراطية وجرد الشعب المصري من فوائد التنمية.

وتشمل الوثيقة اسم الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك وزوجته سوزان مبارك، ونجله علاء وزوجته هايدي راسخ، ونجله الثاني جمال وزوجته خديجة الجمّال. وشملت القائمة عدد من شخصيات نظام مبارك وأبرزهم رجل الأعمال أحمد عز، وزوجاته عبلة محمد فوزى، وخديجة أحمد أحمد، وشاهيناز النجار.

وضمت القائمة وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي، وزوجته إلهام سيد سالم شرشر، ووزير الإسكان في عهد الرئيس مبارك أحمد المغربي، وزوجته نجلاء الجزايرلي، ووزير التجارة والصناعة رشيد محمد رشيد وزوجته هانيا محمود عبد الرحمن، ووزير السياحة محمد زهير جرانة وزوجته جايلان شوكت حسني، ونجله أمير محمد زهير جرانة.

وبحسب موقع الاتحاد الدولي، فإن الوثائق المسربة تتعرض لأنشطة شركة يمتلكها النجل الأكبر للرئيس المصري الأسبق، علاء مبارك، تحمل اسم «بان ورلد انفستمنت»، تم تأسيسها في جزر فيرجين آيلاند البريطانية، وهي احدة من الملاذات الضريبية الشهيرة. وأشار الاتحاد الدولي إلى أن شركة بان ورلد انفستمنت تدار من قبل بنك «كريدي سويس».

ونشر موقع تسريب الوثائق صورا ضوئية لجواز سفر علاء ومدون في خانة الوظيفة «اعمال حرة». كما نشر خطاب من الشركة البنمية موساك فونسيكا للخدمات القانونية ترد فيها على خطاب استعلام من وكالة التحقيقات المالية في بريطانيا حول انشطة علاء مبارك، هو مالك شركة بان وورلد انفستمينت التي يديرها بنك كريديه سويس.

وطالبت الوكالة الشركة بتجميد اصول شركة بان وورلد بناء على قوانين الاتحاد الاوروبي. وفي 2013 تم تغريم الشركة البنمية 37.5 الف دولار بسبب فشلها في التحقيق بطريقة صحيحة حول تعاملات علاء مبارك المصنف كعميل عالي المخاطر.

واعترفت الشركة داخليا بأن اجراءاتها كانت معيبة على نحو خطير، مما جعلها لا تتعرف على علاء مبارك مبكرا بشكل كاف. ومع ذلك كتب بنك كريديه سويس لشركة موساك ان انشطة شركة علاء مبارك – التي هي استثمار واحد مع صندوق اتش اي جي – لا تخالف قرار تجميد اصول مبارك في سويسرا.

وفي 2014 بدأت وكالة التحقيقات المالية في الجزر تحقيقا ثانيا حول شركة بان وورلد وشركة موساك، التي اعترف موظفوها داخليا بأنهم قد يجدون انفسهم متورطين في انتهاكات اخرى، مشيرين الي انهم كانت لديهم سيطرة محدودة جدا على شركة علاء مبارك التي انهت التعاقد معها كوكيل في 2015.

وتم تسريب «وثائق بنما»، من شركة موساك فونسيكا للخدمات القانونية التي تتخذ من بنما مقرا لها، وتُعتبر إحدى أكثر الشركات التي تحيط أعمالها بالسرية.

وتم تسريب نحو 11 مليون وثيقة تكشف عملية إخفاء مليارات الدولارات من قبل قادة وسياسيين من مختلف دول العالم، منهم عائلة الرئيس الأسبق حسني مبارك. وتوضح الوثائق كيف ساعدت شركة موساك العملاء على غسيل الأموال، وتفادي العقوبات، والتهرب من الضرائب.

وتُظهر الوثائق، التي عمل عليها 400 صحافي حول العالم من 80 دولة بخمس وعشرين لغة، صلة الشركة البنمية مع 72 شخصية من رؤساء الدول الحاليين والسابقين، بينهم حكام متهمون بنهب أموال بلادهم.

وأكد الصحافي هشام علام، أحد أعضاء فريق الصحافيين الذين كشفوا عن وثائق بنما، خلال حواره مع الإعلامي محمد شردي على فضائية «النهار»، أن «مهمة الفريق هو الكشف عن الوثائق فقط، وليس توجيه اتهامات لأحد. ونحن لن نقدم الوثائق إلى حكومات الدول. نحن لا نتعامل مع دول ولكننا نقدم هذه الوثائق للجمهور فقط «، موضحا أنه يقوم بعمله كصحافي. ولكن إذا قامت جهات التحقيق باستدعائه فسيدلي بأقواله.

وتابع ان «الوثائق تطال 21 شخصية مصرية، وتتضمن أسماء شخصيات كُبرى في مصر، حالية وسابقة»، مؤكدا أن هذه الشخصيات «أكبر من الوزراء»، ولكن لم يتم الكشف سوى عن اسم علاء مبارك فقط، مضيفا أن باقي الأسماء «سيتم الكشف عنها تباعًا».

وأكد على أن شركة موساك فونسيكا، لم تعلم بتسريب الوثائق إلا منذ ثلاثة أسابيع فقط، عندما قرر فريق العمل مخاطبة الشركة لطلب الرد على المعلومات التي تضمنتها هذه الوثائق. وقال إن «جميع المعلومات الواردة تم التأكد من صحتها بنسبة ٪100، بالإضافة إلى مخاطبة بعض الأشخاص الذين تم ذكر اسمهم في الوثائق، أو البنوك التي يتعاملون معها».

وأكد إبراهيم أبو الروس، عضو اللجنة الشعبية لاسترداد الأموال المنهوبة، في مداخلة هاتفية مع الإعلامي وائل الإبراشي على فضائية «دريم»، أن «وثائق بنما حول ثروات الرئيس الأسبق حسني مبارك حقيقية، ويجب التعامل معها بجدية». وقال إن بعض الدول التي جاءت أسماء مسؤوليها في وثائق بنما تطالب بفتح التحقيق في الوثائق.

وأضاف: «في 2012 صدر بيان من النائب العام السويسري بوجود أموال للرئيس الأسبق حسني مبارك، بالإضافة إلى تصريحات النائب العام الإسباني الذي أكد وجود أموال لمبارك ضمن ثروة حسين سالم». وطالب الدولة بالتعامل مع وثائق بنما بجدية، وفتح التحقيق فيها لاسترداد الأموال المهربة للخارج.

وقال الكاتب الصحافي مصطفى بكري، عضو مجلس النواب، خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامي مجدي طنطاوي على قناة «العاصمة»، إن «ما نُشر عن وثائق بنما المسربة وطال رموز النظام الأسبق حسني مبارك وبعض أفراد العائلة والرموز التي كانت تعمل في ذات الوقت، أمر يستحق المناقشة والمراجعة مع الجهات المختصة».

وقال إن الدكتور علي عبدالعال، رئيس مجلس النواب، سيوجه دعوة للمهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، ورئيس لجنة استرداد أموال المصريين من الخارج، لمناقشتهما في ما توصلت إليه اللجنة بخصوص أموال مبارك.

وأكد أنه لم يدخل الخزانة المصرية أي مبلغ من المبالغ التي قيل إنها هُربت للخارج، مطالبا بالاجتماع مع الحكومة في جلسة علنية من أجل التعرف على ما توصلت إليه لجنة الأموال المُهربة.

وقال الكاتب الصحافي خالد صلاح، من خلال برنامجه على فضائية النهار، إن الأمر المتعلق بـ«تسريبات بنما يستحق التحقيق لأن هناك شركات عالمية كبيرة جدا لها صلة بهذه بالقضية المتعلقة بعملية إخفاء الثروات».

وأضاف أن «الشركات أُسست في بنما باعتبار أنها منطقة لن يدفع فيها أحد ضرائب بل ويستمتعون فيها بمميزات كبيرة. وهذه القضية المتعلقة برؤساء وزعماء دول تحولت إلى فضيحة كبيرة ستكون قيد التحقيقات التي ستكشف عن معلومات كثيرة».

وكانت محكمة جنايات القاهرة أصدرت، في ايار / مايو الماضي، حكماً بالسجن المشدد 3 سنوات على الرئيس المصري الأسبق مبارك ونجليه علاء وجمال، في إعادة المحاكمة في قضية فساد عرفت باسم «قضية قصور الرئاسة».

وكانت منظمة الشفافية الدولية قد أدرجت في كانون الأول / ديسمبر الماضي اسم حسني مبارك ضمن قائمة من 15 شخصية ومؤسسة للتصويت عليها كرموز لأكثر الشخصيات والجهات فسادا في العالم، وذلك في إطار حملة تحمل اسم «اكشف الفساد».

ويقول الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين إن وثائق بنما تضم أسماء 12 قائدا من قادة العالم، سابقين وحاليين، وتعرض اتفاقيات مالية سرية لنحو 128 سياسيا ومسؤولا عاما حول العالم. ومن القادة الذين شملتهم وثائق بنما الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي والرئيس السوري الحالي بشار الأسد، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

&