&&سمير عطا الله&&

عاشت مصر - وعاش معها العالم العربي - معظم القرن الماضي، في متعة، وأيضًا قساوة الحروب الأدبية بين العمالقة، ومن أجمل - وأغرب - ما قرأت رد الدكتور أحمد حسن الزيات على النقد الذي كتبته الدكتورة بنت الشاطئ لكتابه «دفاع عن البلاغة». وأعتقد أن نقد بنت الشاطئ كان مفتعلاً، وبالتالي، له صفات كل عمل مفتعل.

أما السحر في الأمر فانفجار الزيات، الذي بدأ رده بالقول: «لقد ترددت وأطلت التردد قبل أن أعقب على هذا الكلام بهذه الكلمة لأن الغرض من الكاتبة (بنت الشاطئ) بهذا الأسلوب، إنما هو تصغير الكاتب وتحقير الكتاب، والرد الطبيعي على هذا الغرض هو تصغير الناقد وتحقير النقد. ولكن الكاتب الذي ارتضى لنفسه هذا الأسلوب هو (سيدة)، كما يظهر من الإمضاء (...) على أنني بإزاء سيدة تمردت على طبيعتها وحقيقتها، فلفَّت على رأسها الصغير عمامة الشيخ، وضمت أناملها الخرعة على قلم غليظ خشن يقطر بالجدل العقيم».

يمضي الزيات متفجرًا على غير عادته، ساخرًا حادًا وشديد التهكم والازدراء: «ثم أخذت بعد ذلك تناقش في بعض الألفاظ وتجاحش عن بعض المعاني وتتكلم في القديم والجديد، وتتبجح بالتحرير والتجديد، وعلمُها بما خاضت فيه من كل أولئك لا يزيد عن علمي بالهيروغليفية أو بالنسبية.

يتهم الزيات «بنت الشاطئ» بأن ثمة من يقف وراء حملتها، خصوصًا زوجها: «ومن السهل يا زميلي على أي طفل أن يمزق أي كتاب بأي سكين، ولكن التمزيق الصارم كالتشريح بالمبضع المرهف، لا يستطيعه إلا الجهابذة الموهوبون. ولو كنت أعرف السيدة بنت الشاطئ لقلت لها، ليس من طبعك، ولا في وسعك، يا سيدتي، النقد النزيه، ولا من طبعي ولا في وسعي الرد السفيه، فردّي هذا القلم الغليظ إلى صاحبه، واستردي قلمك الرقيق من سالبه، وثقي بأن الفرق بين الكلام في الشواطئ والحقول، وبين الكلام في ثمار القرائح والعقول، كالفرق بين تكسير الجرة وتحطيم الذرة (...) وعلى الذين استساغوا سخافة ذلك النقد، أن يستسيغوا تفاهة هذا الرد».

&

&

&