&عبد الله مصطفى

أعادت سلطات مطار بروكسل العمل بشكل جزئي في صالة المغادرة، التي تعرضت لأضرار كبيرة عقب تفجيرات مارس (آذار) الماضي، وعلى الرغم من أن البعض توقع تخفيف الضغط على مخيمات المغادرة التي أقامتها السلطات خارج مبنى المطار بشكل مؤقت، فإن حركة السفر يوم أمس الاثنين لم تخل من مشكلات كثيرة، ومنها طوابير انتظار لعدة ساعات، مما أدى إلى عدم لحاق البعض برحلاتهم وتخلفوا عن السفر.&

وحسب الإعلام البلجيكي يتركز الضغط على عمليات الفحص للحقائب والأشخاص خارج مبنى المطار، والتي تستغرق أكثر من ساعتين وتصل في بعض الأحيان إلى ثلاث ساعات، وانتهى الأمر إلى عدم اللحاق بالطائرة والتخلف عن السفر، ومن بينهم إيف لوترم رئيس وزراء بلجيكا السابق الذي قال إنه سينتظر ويسافر في رحلة أخرى. بينما عبر البعض الآخر من المسافرين عن غضبهم بسبب هذه الإجراءات التي تستغرق وقتًا طويلًا، وقالوا إن الإجراءات التي تتم خارج مبنى المطار هي لحماية المطار وليس المسافرين، وتساءل البعض الآخر ومن سيحمي المسافرين وهم في طريقهم إلى المطار؟

&

وعلقت ناتالي فان إيمبي المتحدثة باسم المطار بالقول إن أيام التشغيل الأولى عادة ما تشهد مثل هذه المشكلات وسنجري تقييمًا لما جرى حتى الآن، وأتوقع أن تشهد الأيام القادمة تحسنا في الأداء».&

ودعت سلطات المطار من جديد، المسافرين، إلى الحضور ثلاث ساعات على الأقل قبل موعد السفر، وأيضًا إجراء تأكيد حجز الرحلة عبر الإنترنت، وقال خيرت سكيوت، المتحدث باسم شركة بروكسل إيرلاينز، إن من يحمل فقط حقيبة اليد وقام بتأكيد الحجز عبر الإنترنت، لن يقف في طوابير الانتظار أمام مقرات تأكيد الحجز ووزن الحقائب وأضاف أن «هناك إمكانية أخرى أمام المسافرين بالحضور يوم قبل السفر لتسليم الحقائب، والحضور في اليوم الثاني فقط بحقيبة اليد، وبالتالي يتفادى الانتظار في الطوابير».

&وبناء على قرار سلطات المطار بإعادة التشغيل الجزئي، أعلنت 25 من شركات السفر، منها بروكسل إيرلاينز، وتوماس كوك، وجيت إير، استئناف العمل في الصالة إلى جانب شركات طيران دولية، ومنها الاتحاد الإماراتية، ولوفتهانزا، والخطوط البريطانية وغيرها، وذلك عقب الإصلاحات التي عرفتها الصالة خلال الفترة الماضية، لمحو آثار الانفجارات، والأضرار التي لحقت بالمكان. بينما ستظل 30 شركة طيران تستخدم المخيمات التي أقيمت كصالة مغادرة مؤقتة خارج المطار، ومنها شركات دلتا إيرلاينز، وكي إل إم، وريان إير. ويعمل 111 مكانا مخصصا للفحص والتأكد من الحقائب والمسافرين في صالة المغادرة، بينما ستعمل في المخيمات 36 مكانا مخصصا للفحص الأولي على الأشخاص والحقائب. وقالت إدارة المطار في بيان صحافي، بعد أقل من 40 يوما من العمل الدؤوب والشاق للعاملين في المطار لتشغيل الجزء الأكبر من صالة المغادرة، لتكون مفتوحة أمام المسافرين من جديد: «بدأت من يوم الاثنين، أمس، عمليات التفتيش والفحص مناصفة بين صالة المغادرة وبين الصالة المؤقتة التي أقيمت خارج مبنى المطار عقب التفجيرات. ووجهت إدارة المطار الشكر لكل من ساهم في إعادة العمل من جديد في المطار»، وأضافت أن «إعادة تشغيل صالة المغادرة تشكل لحظة مهمة لكل العاملين في مطار بروكسل».

&على صعيد متصل، قال نائب رئيس الوزراء البلجيكي ألكسندر ديكرو، إن الحكومة الحالية خصصت منذ أواخر العام الماضي وفي الشهور الأربعة من العام الحالي 500 مليون يورو لتعزيز الأمن، وأضاف في تصريحات لمحطة التلفزة البلجيكية الناطقة بالهولندية «في تي ام» أن الحكومة السابقة لم تفعل مثل هذه الأمور. وكان المسؤول الحكومي يرد على انتقادات من جانب المعارضة ممثلة في الحزب الاشتراكي الفلامان،ي والتي وردت على لسان رئيس الحزب يوهان كرومبيز، والذي انتقد في كلمة له بمناسبة عيد العمل ما وصفه بتقصير الحكومة في عدم تخصيص المزيد من المخصصات المالية للجوانب الأمنية. وقال كرومبيز: «بدلا من تخصيص أموال للطائرات المقاتلة كان يمكن الاستفادة منها في توفير الأمن للمواطنين». ورد نائب رئيس الحكومة ديكرو بالقول: «من المهم جدا الاهتمام بالأمن الداخلي وأيضًا بالخارجي، وإذا كان لدينا دور نقوم به في الداخل، فلا يعني ذلك أن نغفل دورنا العالمي». وعقب تفجيرات باريس نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، قررت الحكومة البلجيكية، تخصيص 400 مليون يورو إضافية لموازنة 2016 لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب، وشملت الإجراءات رفع موازنة الأمن، وتعزيز مراقبة الحدود الخارجية، ونشر 520 عسكريا لتعزيز الأمن في الداخل، وإعادة النظر في قوانين الإجراءات الجنائية لتسهيل حصول أجهزة الاستخبارات الأمنية على التكنولوجيا الحديثة، بما في ذلك التعرف على الأصوات، وتوسيع نطاق التنصت على الهواتف، لتشمل أيضًا جرائم الاتجار بالسلاح، إلى جانب إجراء يتعلق بوضع العائدين من القتال في سوريا في السجن.

&وجاء في تقرير لمنظمة العفو الدولية صدر في فبراير (شباط) الماضي حول الإجراءات الحكومية «قررت الحكومة تخصيص نحو 300 مليون يورو في جزءٍ من ميزانيتها المكونة من 400 مليون يورو، التي تم الإعلان عنها بعد هجمات باريس في نوفمبر الماضي. وسيتم تخصيص احتياطي 100 مليون يورو المتبقية خلال سنة 2016». وكانت بلجيكا قد شددت من إجراءاتها الأمنية في أعقاب تفكيك خلية جهادية وقتل اثنين من أعضائها بداية عام 2015، في مدينة فرفييه شرق البلاد، كما خصصت وقتها مبلغا يصل إلى مائتي مليون يورو لتعزيز محاربة الإرهاب.

&من جهة أخرى، أحصت الهيئة التنفيذية لمسلمي بلجيكا 68 مسجدا بمنطقة بروكسل العاصمة، ومن هذا العدد الإجمالي لا يحظى إلا 14 مسجدا بتراخيص رسمية من قبل الدولة البلجيكية. فيما تعمل المساجد الأخرى في سرية نسبية، ويريد وزير العدل حل هذه المشكلة، وبالتالي هناك عشرة مساجد على وشك الحصول على ترخيص. وإضافة إلى ذلك أن هناك عشرات المساجد الأخرى قدمت طلباتها للحصول على التراخيص من قبل الدولة.

&ومن المنتظر أن يتم الاعتراف بعشرة مساجد إضافية ببروكسل قريبا، مما يجعل المساجد المعترف بها تصل إلى 24 مسجدا إجمالا. وقال وزير العدل «كوين جينس»: «نظرا للمبادرات من أجل رفع هذا العدد، ستكون هذه الملفات التي تشمل مساجد في عدة بلديات في بروكسل ومنها مسجدا بـ«بيرخيم»، واثنين بـ«لاكين»، واثنين بـ«أندرلخت»، وواحد بـ«سكاربيك»، وواحد بـ«بروكسل»، وواحد بسان جيل، وواحد بـ«كوكلبيرغ» وواحد بـ«نيدراوفرهمبيك»، جاهزة إداريا وسياسيا على مستوى منطقة بروكسل، وتقوم أجهزة العدل في الوقت الحالي بدراستها». وهي طريقة تستطيع بها الدولة البلجيكية مكافحة التطرف. وقبل منح هذه المساجد الاعتراف الشهير، لا يزال يتعين على السلطة الاتحادية أن تضمن احترامها لمعايير السلامة من الحريق، ولكن الأهم من ذلك ألا تقوم بتمرير رسالة متطرفة. وفي إقليم بروكسل الذي ستكون له الكلمة الأخيرة، ليس هناك خلاف على هذا الأمر.&

وقال مكتب رئيس إقليم بروكسل «رودي فيرفورت»: «نحن نؤيد المزيد من الاعتراف بالمساجد، حتى ولو لم يكن ذلك إلزاميا، وهذا العدد غير كاف ببروكسل». وفي نهاية المطاف، قد يرتفع عدد المساجد المعترف بها إلى 34 مسجدا. يضيف «كوين جينس»: «تطالب عشرات المساجد الأخرى ببروكسل حاليا بالحصول على هذا الاعتراف». ويشترط للحصول علي هذا الاعتراف أن تقوم المساجد بشكل خاص بتقديم حساباتها، وأن تجمع ما لا يقل عن 200 شخص من المسلمين المطالبين بترخيص المسجد.

&وقال النائب الاتحادي وعضو لجنة العدل جورج دالمان، من الحزب الديمقراطي المسيحي، آسفًا: «ولكن بعض المساجد لا تتوافق مع قانون الجمعيات غير الربحية - الذي ينص على وضع الحسابات بالبنك الوطني البلجيكي أو بالمحكمة التجارية - ولا مع قانون الدين».

&وفي مؤتمر صحافي بعد أيام من التفجيرات ببروكسل، طالب فيليب ديونتر، زعيم الحزب اليميني المتشدد في بلجيكا، «فلامس بلانغ»، بإلغاء الاعتراف الرسمي بالدين الإسلامي من جانب السلطات البلجيكية، وجاء ذلك قبل وقت قصير من انعقاد لجنة في البرلمان البلجيكي مكلفة بالنظر في تعديلات تشريعية تتعلق بتمديد فترة الاعتقال المؤقت من 24 ساعة إلى 72 ساعة، وعلق ديونتر قائلا: «لا أعتقد أن مثل هذا الإجراء سيكون له تأثير على الإرهاب»، وأضاف: «ولكن أعتقد أن عقوبة الإعدام سيكون لها تأثير، وخصوصا للذين يقدمون تسهيلات للإرهابيين».

&وأشار إلى أن إلغاء الاعتراف الرسمي بالدين الإسلامي في بلجيكا سيمنع الاستفادة من الوسائل التي توفرها الحكومة، وقال إن سياسات الاندماج التي سهلت قدوم أعداد من المسلمين «هؤلاء أيديهم ملطخة بالدماء»، ودعا إلى تشديد إجراءات الحصول على الجنسية البلجيكية، وإجبار من يأتون من دول العالم الإسلامي على التوقيع على إقرار يرفض الشريعة وسحب الجنسية مما يسلكون طريق ما يعرف بالجهاد، وحظر أي مظهر من مظاهر الجهاد. وعلى الرغم من أن اليمين المتشدد يعلم جيدا أن مقترحاته هذه لن تلقى موافقة، حيث لا تتوفر له الأغلبية داخل البرلمان، إلا أن ديونتر قال إن فلامس بلانغ ربما فرصه ضعيفة للحصول على موافقة البرلمان، لأنه لا يملك الأغلبية السياسية، ولكن يملك الأغلبية في الأوساط الشعبية.&