&الأزهر والسلفيون يجتمعان لمواراة جثة تجديد الخطاب الديني… ووزارة الداخلية تخون قرابين شهدائها

&

حسنين كروم

&&حفلت الصحف المصرية الصادرة أمس الاثنين 16 مايو/أيار بالكثير من الأخبار والموضوعات المهمة من الناحية السياسية، أولها في رأي البيان الذي صدر عن هيئة الرقابة الإدارية برئاسة اللواء محمد عرفان، يناشد فيه المواطنين الإبلاغ عن أي مواطن أو جهة تدعي القرب من الرئيس، أو مكتبه، أو أي جهة تابعة لرئاسة الجمهورية، وأن الهيئة ستتخذ الإجراءات القانونية ضد كل من تسول له نفسه استغلال اسم الرئيس أو العاملين في الهيئة لإنهاء مصالحه. يأتي ذلك بعد أن أعلن الرئيس في كلمة علنية أنه حدث استغلال نفوذ من بعض العاملين في الرئاسة، ورفض كل النصائح بـ»لم الموضوع» كما قال، وأمر بالإحالة للتحقيق فورا وأن أحد لن يكون فوق القانون.

ومن الأخبار المهمة، رغم أن الكثيرين لم يلتفتوا إليها، هي التصريحات التي أدلى بها الفريق أول صدقي صبحي وزير الدفاع أثناء زيارته لتفقد الإعداد المهاري والبدني لطلبة كلية الطب للقوات المسلحة، وأكد فيها أن القوات المسلحة تقف خلف القيادة السياسية، وخلف مؤسسات الدولة في كل قراراتها، وهذه هي المرة الثالثة أو الرابعة التي يدلي فيها وزير الدفاع بمثل هذا التصريح.

كما أن هناك خبرا آخر لم تلتفت إليه الصحف بما فيه الكفاية، ونشرته كخبر صغير باستثناء صحيفة «اليوم السابع» المملوكة لرجل الأعمال وصاحب شركة حديد المصريين أحمد أبو هشيمة عن شراء شركته الإعلامية «إعلام المصريين» لكل أسهم قناة «أون تي في» من صاحبها رجل الأعمال خفيف الظل نجيب ساويرس، وكان لافتا في كلام أبو هشيمة قوله:

«إن رسالة شركة إعلام المصريين الإستراتيجية في انطلاقتها الكبرى في مجال صناعة التلفزيون، هي تأكيد ريادة مصر في هذا القطاع، حيث كانت القاهرة مهد هذا الإعلام منذ ستينيات القرن الماضي، وإطلاق محتوى إعلامي باللغة الإنكليزية وبكوادر مصرية شابة تسهم في مسيرة الرقي الإعلامي المصري، وتسترد مكانة مصر على هذا الصعيد في الشرق الأوسط والعالم». واللافت هنا أن يقول رجل أعمال إنه يريد استعادة مصر مكانتها التي كانت لها في ستينيات القرن الماضي، أي في فترة حكم الزعيم خالد الذكر جمال عبد الناصر، كما كان لافتا أن ينهي البيان بعبارة «وتبقى مصر دائما في المقدمة.. تحيا مصر». وهكذا يمكنني القول إن هذه الخطوة من أبو هشيمة وراءها جهة ما في الدولة، خاصة أنه أحد الممولين الكبار لحزب «مستقبل وطن»، ولا يمكن بداهة تصور أنه يشتري «أون تي في» التي قال ساويرس من قبل أنها تحقق له خسائر سنوية تبلغ أربعين مليون جنيه، ليستنزف أمواله فيها، خاصة أنه يغطي خسائر صحيفة «اليوم السابع» ثم يخسر كل أمواله لتطوير القناة في سبيل استعادة ريادة مصر، التي كانت لها أيام عبد الناصر، وما أعتقده أن هناك خطة لمنافسة قناتي الجزيرة والعربية على مستوى العالم العربي والأجنبي، تتواكب مع تطوير التلفزيون الحكومي لينافس القنوات المصرية الخاصة. ولا يزال اهتمام الأغلبية كما هو مركزا على امتحانات الإعدادية والثانوية والاستعداد لامتحانات الجامعات، واهتمام الرئيس بوضع السلع الغذائية في شهر رمضان واجتماعه مع وزير التموين خالد حنفي، خاصة بعد استيراد الحكومة ثمانين ألف طن من الأرز سيتم طرحها في المجمعات الاستهلاكية فقط، منعا لتسربها للتجار وإنهاء مشكلة استلام الحكومة لمحصول القمح من المزارعين، واستئناف الحكم الصادر بسجن مئة وخمسة وعشرين من المتظاهرين في 25 أبريل/نيسان وتعرضه لانتقادات شديدة ومطالبة الرئيس بالتدخل لإصدار عفو عن الشباب. وإلى قليل من كثير لدينا….

&مشاكل وانتقادات

&

ونبدأ تقرير اليوم بالمشاكل والانتقادات التي بدأها زميلنا وصديقنا في مجلة «المصور» الخبير الاقتصادي ماجد عطية بمهاجمة السماح للمستثمرين العرب في إقامة سلاسل تجارية، وقال في عدد المجلة الصادر يوم الأربعاء: «عقب الاتفاقيات ومذكرات التفاهم مع المملكة السعودية، ظهرت تصريحات لوزير التموين المصري، بناء على رغبات صدرت عن رجال أعمال ومستثمرين عرب، أنهم جاهزون لتأسيس سلاسل تجارية جديدة في كثير من محافظات مصر، إضافة إلى السلاسل القائمة التي ازدحمت بها المدن الكبرى. تبلغ الاستثمارات العربية في مصر قرابة أربعة عشر مليار دولار، الجانب الأكبر منها في تجارة السلع الغذائية، ونسبة كبيرة أيضا في الاستثمارات العقارية، وليس خافيا أن بعض هذه الاستثمارات يندرج تحت جدول التعبئة والتغليف، كمثل تجارة السكر، التي تكبد الميزان التجاري المصري أكثر من ملياري دولار سنويا لاستيراد السكر من الخارج، منافسا للصناعة الوطنية في الداخل، التي تعاني من مخزون فائض إنتاج بلغ مليون طن. وكذا صناعة تعبئة الزيت التي تعتمد أيضا على الاستيراد، ولا داعي لان نذكر بما فعله مستثمر عربي في شركة «عمر أفندي» باع ما باع من فروع واستدان من البنوك ما استدان، وبذلك استرد الثمن الذي دفعه وأكثر، وترك «عمر أفندي» مدينا أيضا بقيمة المبلغ الذي دفعه عند الشراء لتسدده الشركة القابضة المصرية، بعد أن غادر هو وباتت محلات «عمر أفندي» التي كنا نفاخر بها، شبه خاوية خلت من السلع الفاخرة التي كان يلجأ إليها المستهلك المصري، ولا داعي أن أحكي عن الصراع على شركتي البسكويت ومحاولات الاستحواذ عليها بين مستثمرين ومحاولة شركة أمريكية أيضا شراء شركة «بسكو مصر» حتى استحوذ عليها مستثمر عربي. وهي الشركة التي تعتمد عليها وزارة التربية والتعليم في تدبير وجبة جافة لتلاميذ المدارس الصغار، وعددهم يزيد على ثلاثة ملايين تلميذ، وهي للعلم وجبة مدعومة ماديا من الحكومة. أهلا بالاستثمارات العربية والأشقاء، وهي في مجالات ذكرتها وتصل أرباحها عدة مليارات من الجنيهات يتم تحويلها سنويا للخارج بما يوازي أكثر من مليار ونصف مليار دولار، سواء من شركات الأغذية أو البنوك التي سيطروا عليها، ولكننا نرغب بمستثمرين في قطاعات الإنتاج أيضا، وأمام هذا الواقع نرفض السلاسل التجارية والمزاحمة لتجارة الداخل المصرية لنحمي دارنا وبيوتنا وعرضنا».&&

الإعلام الرسمي والخاص بعيدان عن القواعد المهنية

&

ومن السلاسل التجارية إلى السلاسل الإعلامية، التي قال عنها يوم السبت في «الوفد» صديقنا الإعلامي المخضرم السيد الغضبان: «يجمع الشعب المصري على توجيه اتهامات عديدة للإعلام الرسمي والخاص، بالتخلي عن القواعد المهنية تارة، وتارة أخرى بالتردي في مستنقع التعصب والتخلف والتفاهة، ويضيف الكثيرون اتهامات أكثر خطورة. البحث الموضوعى عن سبب هذا التردي المزري يكشف عن أسباب كثيرة لعل أبرزها ثلاثة أسباب جوهرية. 1 ظلت الحكومات المتعاقبة منذ بدء البث الإذاعي واحتكار الحكومات لهذا البث، تعتبر الإذاعة بوقا مهمته الدفاع عن قرارات وممارسات الحكومات، ضاربة عرض الحائط بكل القواعد المهنية، سواء المتعلقة بحق الجماهير في تدفق حر للأخبار، أو في الاستماع إلى الآراء المختلفة، خاصة ما يعارض فيها سياسات هذه الحكومات، وعندما بدأ البث التلفزيونى تعاملت معه الحكومات بالمنطق نفسه. 2 – بعد التطور الهائل في أساليب البث عبر الأقمار الصناعية وعدم قدرة الحكومات على حجب البث المتدفق من الفضاء، تم السماح لرجال الأعمال بإنشاء القنوات الفضائية الخاصة، وظلت الحكومات قادرة على تحجيم حرية هذه الفضائيات الخاصة بضغوط يرضخ لها أصحاب هذه القنوات، حرصا على مصالحهم المادية التي يعلمون تمام العلم أن لدى الحكومات وسائلها لإلحاق الضرر بهذه المصالح، إذا لم يرضخوا لتعليمات الحكومات، وهؤلاء جميعا قدموا من خارج الجماعة الإعلامية، ومعرفتهم بالإعلام شديدة التواضع، وأنشأوا هذه الفضائيات لتكون ذراعا إعلامية يستخدمونها للدعاية لمنتجاتهم، والأهم يستخدمونها كأداة ضغط تحقق لهم مكاسب يطلبونها من الحكومات، أو تدفع عنهم ضررا يتهدد مصالحهم».

&مركز قوى داخل مؤسسة الأزهر&&

وإلى زميلنا وصديقنا في «الوطن» أحمد الخطيب عدد يوم الخميس الذي هاجم الأزهر بقوله:

«أرسل د. عبدالمنعم فؤاد مقالاً رداً على مقالاتي قمت بنشره كاملاً، رغم كمّ الأخطاء الإملائية التي وقع فيها الرجل، والتي كشفت قدر الضحالة اللغوية، ولولا مرور المقال على قسم التصحيح اللغوي لرأى القراء كيف يكتب أستاذ في جامعة الأزهر مقالاً به كل هذه الركاكة اللغوية، التي لا يكتب بها طالب في المرحلة الإعدادية. ورغم أن د. عبدالمنعم فؤاد تناولني شخصياً بألفاظ تعكس مستواه ومستوى التدني الذي وصلت إليه مؤسسة الأزهر العريقة، ولا تعكس أبداً ثقافة جامعة إسلامية فريدة وعظيمة، إلاّ أنني أشفقت عليه، ولن أرد عليه لأن الدكتور فؤاد وأمثاله من الأُجراء، يكتب بتكليف وتوجيه من صديقي الأستاذ محمد عبدالسلام المستشار القانوني لفضيلة الإمام الأكبر، الذي تحول إلى مركز قوى حقيقي داخل المؤسسة العريقة، وهو ما عكسه تقدمه خلال زيارة العاهل السعودي الملك سلمان للأزهر، على علماء الأزهر الكبار من أعضاء هيئة كبار العلماء، وعلماء مجمع البحوث الإسلامية، وتصدّره المشهد ملاصقاً للإمام الأكبر مع العاهل السعودي، وعرضه المشروعات الهندسية والمعمارية المختلفة، رغم أنه مستشار قانوني وليس عميداً لكلية الهندسة في جامعة الأزهر، أو استشارياً هندسياً! وبالمناسبة فإن صديقي الأستاذ عبدالسلام، هو الذي طلب من الملك سلمان دعماً مالياً لقناة الأزهر، التي يشرف عليها منذ فترة، محاولاً تأسيسها، رغم أنه رجل قانون ولا يعرف شيئاً في الإعلام، سوى مشاهدة الفضائيات وقراءة الصحف، وهو طلب يعكس حالة السيولة التي غرقت فيها المؤسسة. إذا كان محمد عبدالسلام قد سمح لنفسه بالاطلاع على صفحتي الشخصية على الفيسبوك بحكم أننا أصدقاء، بأن جعل أجيره عبدالمنعم فؤاد يتناول بعضاً من كتاباتي، فليسمح لي بأن أسأله لماذا تتزين صفحتك بصور لشيوخ وأمراء وملوك دول الخليج، مثل صور الملك سلمان والشيخ محمد بن زايد والملك حمد بن عيسى، فيما لم نرَ لك صوراً للرئيس عبدالفتاح السيسي!» .

موقف شيخ الأزهر&من خوارج العصر!&&

والدكتور الشيخ عبد المنعم فؤاد هو عميد كلية الطلبة المغتربين، ويتمتع بخفة ظل يحاول إظهارها في ردوده على من يهاجمون الأزهر، رغم أن الدكتور خالد منتصر يعتبره ثقيل ظل لا ينافسه أحد في ثقل ظله، وقد شارك خالد يوم الخميس أيضا في عموده اليومي في «الوطن» في مهاجمة الأزهر، بسبب ما نشر عن استقبال شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب رئيس حزب النور السلفي الدكتور يونس مخيون وياسر برهامي نائب رئيس جمعية الدعوة السلفية، لمناقشة تجديد الخطاب الديني فقال خالد: «لا أعرف بالضبط ما هو معنى تجديد الخطاب عند هؤلاء السلفيين، ولديّ فضول شديد لمعرفته، أعتقد أنهم اقترحوا من ضمن بنود التجديد زواج بنت السادسة ما دامت تحتمل الوطء، كما قال كبيرهم ياسر برهامي، وعدم مصافحة المسيحيين وهدم كنائسهم الجديدة، وبالطبع إلغاء العقيدة الأشعرية التي يكرهونها، بل ويكفّر بعضهم معتنقيها ويخرجونهم من الملة، هذه العقيدة التي هي بالمصادفة العقيدة التي يعتنقها أبناء الأزهر وعلى رأسهم الشيخ الجليل أحمد الطيب. تعالوا نعرف ماذا قال برهامي عن الأشاعرة، أي باختصار عن الأزاهرة، يرى برهامي في كتابه «المنة في شرح اعتقاد أهل السنة»، أن الأشاعرة أهل بدع وضلال وقال: الأشاعرة من أهل القبلة وليسوا من أهل السنة، ما يسترعي ويستوجب الدهشة هو موقف شيخ الأزهر نفسه، الذي وصفهم من قبل بخوارج العصر! فقد قال الشيخ الطيب في كلمته لمظاهرة مؤيدة قام بها الطلاب الوافدون من مختلف جنسيات العالم، الاثنين 4 أبريل/نيسان 2011: «إن عقيدة الأزهر هي عقيدة الأشعريّ والماتريدي وفقه الأئمة الأربعة، وتصوف الإمام الجنيد. وأن السلفيين الجدد هم خوارج العصر»، بل ارتفع سقف هجومه أكثر من ذلك واتهمهم بتنجيس مذهب الحنابلة! فقد قال في حواره مع الإعلامي عمرو الليثي في العام نفسه، إن السلف أو السلفية ليس مذهباً أو مدرسة، كما أن كلمة السلف لم ترد في القرآن إلا في موضع واحد وجاء أيضاً في موضع الذم، ووردت في مواضع أخرى ولكن كفعل كما أنه لا يوجد حديث عند النبى (صلى الله عليه وسلم) يقول: «لو وجدتم اختلافاً فعليكم بمذهب السلف، ولكن الحديث يقول: إذا وجدتم اختلافاً فعليكم بالجماعة». ماذا حدث من تغيير يا فضيلة شيخ الأزهر هل صار خوارج العصر ومَن نجسوا مذهب الحنابلة شركاء طريق ورفاق درب وأصحاب تجديد؟ هل صار منبع الفكر الداعشي فجأة شريان اجتهاد واستنارة؟».

&جماعات التطرف والغلو

&

كما أثار استقبال شيخ الأزهر وفد السلفيين غضب زميلنا في «اليوم السابع» كريم عبد السلام فقال عنه يوم الخميس: «ظل السلفيون على اختلاف تياراتهم، الحاضنة الأم لكل جماعات التطرف والغلو، ومن بين صفوفهم تكونت كل العصابات التي حملت السلاح على الدولة ومؤسساتها، ومازالت «الجهاد»، «الجماعة الإسلامية»، «الجبهة السلفية الجهادية» «أنصار بيت المقدس»، «أكناف بيت المقدس»، وغيرها كثير من التسميات داخل وخارج مصر. كما أنهم من ناحية أخرى النفق الذي نقل إلينا الفكر الوهابي المتخلف، ونزعاته الانتحارية، ولذا عندما يبادر أحد الأحزاب السلفية بمشروع لتجديد الخطاب الديني، فإما أن يكون الأمر نكتة من العيار الثقيل، وإما أن يكون إحدى الحيل لهذا الفصيل الخطير، وهو يمر بمرحلة الاستضعاف. القراءة السريعة في مشروع تجديد الخطاب الديني، الذي تقدم به حزب «النور» للجنة الدينية في مجلس النواب، يتضمن محاولة فرض الأساس الفقهي والعقائدي، الذي تنطلق منه السلفية ومن ثم تضمينه في أي مشروع قانون، أو تعديل دستوري، على غرار التشويه الذي ارتكبوه بحــق المادة الثانية من دستور 1971، فهم يدفعون بداية بالتفرقة بين الأحكام والفتاوى، هل هناك علماء معتدلون ضمن التيار السلفي كله؟ أم أنهم جميعا عيال الوهابية وصنائع المخابرات الخليجية لضرب القوة الناعمة لمصر وتفتيت نسيجها الوطني؟ هل نسينا حقائب الدولارات الملــــوثة بالنفـــط التي كانت تدخل مع حقائب الدبلوماسيين، ومنهم إلى شيوخ السوء، لإقامة المساجد الضرار ونشر الفتنة وتخريج طوائف من الشباب المتطرف الغبي؟ تجديد الخطاب الديني يبدأ وينتهى بتجفيف منابع الوهابية والوهابيين في مصر، لأنها أخطر على المجتمع المصري من الطابور الخامس الموالي لأمريكا وأذنابها».

&وصاية السلفيين

&

ولو تركنا «اليوم السابع» وتوجهنا إلى «المقال» في يوم الخميس نفسه سنجد زميلنا أحمد رمضان الديباوي يقول: كان حضرة مولانا الإمام شيخ الأزهر في استقبال وفد من حزب النور السلفي، يضم الدكتور يونس مخيون رئيس الحزب، والنائب أحمد الشريف عضو مجلس نواب عن دائرة العامرية وبرج العرب، وعبد الله بدران أمين الحزب في محافظة الإسكندرية، وأوضح مخيون أن الهدف من الزيارة هو التأكيد على دور الأزهر في المرحلة الحالية، ودوره في الحفاظ على وحدة المجتمع المصري ومحاربة أفكار العنف والتطرف. ها هو ذا حزب النور يجد استقبالا حافلا من حضرة مولانا، وها هو ذا حضرة مولانا محط تقدير وعرفان حزب النور، وكلا الفريقين يجتمعان حول طاولة واحدة، وبينهما قضية واحدة، ليت الرئيس السيسي ما التفت إليها من الأساس، هي قضية تجديد الفكر الديني. ولا أخال الفريقين مجتمعين إلا على جثتها، فلم يبق منها القضية سوى جثة تنتظر من يواريها الثري، لأن إكرام الميت دفنه. والسلفيون يبحثون مشاركة النور والدعوة السلفية، مع الحملة التي كونها الأزهر لمواجهة الأفكار الهدامة والتطرف في المنطقة العربية، إلى جانب معرفة ما توصل له الأزهر بشأن مشروع تجديد الخطاب الديني. وكأن المصريين كانوا ناقصين وصاية السلفيين، بعد أن أرهقتهم لعقود طويلة وصاية الأزهر، وهي تلك التي دعت أعضاء الكتلة البرلمانية لحزب النور إلى عزمهم تقديم مشروع لتجديد الخطاب الديني إلى اللجنة الدينية في مجلس النواب من أجل مناقشته واتخاذ قرار بشأنه وفق ضوابط معينة حددها النائب السلفي محمد إسماعيل، بأنها تفرق بين الفتاوى والاحكام الدينية. فالفتاوى فهي متغيرة قابلة للتجديد بحسب الزمان والمكان».

&تواطؤ المؤسسات الدينية&وانحيازها للنظام السياسي&&&

أيضا قال زميله أشرف الصباغ في العدد نفسه من «المقال»: «من الصعب أن نتحدث عن أي تجديد للخطاب الديني في ظل تداخل الدين مع الدولة وفي ظل اختلاط الدين بالسياسة. وتجديد الخطاب الديني يرتكز في الأساس على مبدأ فصل الدين عن الدولة، ووضع ضوابط للمؤسسات الدينية أيا كانت عقيدتها، وأيا كان نشاط التابعين لها، بعد ذلك تبدأ عملية التجديد من داخلها وليس من خارجها، مع الالتزام الصارم ببنود الدستور ومواد القانون، التي تجرم التمييز أو الإجبار أو إنزال العقاب على أساس الدين أو العرق أو الثقافة أو النوع. في ظل تواطؤ المؤسسات الدينية وانحيازها للنظام السياسي وتكريس الهرطقة والشعوذة، من الضروري أن تتضافر مؤسسات الدولة، وعلى رأسها وزارة الثقافة في إنتاج خطاب مغاير، ودعم وتعزيز قوة الأفكار الطليعية التي تحملها عناصر وشخصيات من داخل تلك المؤسسات الدينية. هنا تمتلك مشروعات نصر حامد أبو زيد أو فرج فودة أو كليهما الحق في الوجود والحضور، فإن أخطر ما تواجهه المؤسسات الدينية هو أن يخرج التجديد من داخلها هي، ولذلك كانت الحرب قاسية من جانب تلك المؤسسات ضد نصر أبو زيد وكان عقاب فرج فودة هو القتل».

وفي حقيقة الأمر فأنا لا أعرف لماذا لا تأخذ مناقشة مساهمة حزب «النور» في تجديد الخطاب الديني تحت رعاية الأزهر وجها آخر إيجابيا وهو حدوث تغيير في موقف الحزب وجمعية الدعوة السلفية يستحق التشجيع.

&معارك وردود&&

وإلى المعارك والردود المتنوعة التي شملت قضايا ومواقف مختلفة، وبدأها يوم الخميس في «الجمهورية» زميلنا وصديقنا رئيس مجلس إدارتها الأسبق محفوظ الأنصاري بقوله وهو في أشد حالات الغضب: «إذا كان من السهل قبول فكرة أن يستجيب الغوغاء أو العصابات أو الدهماء، وتحت ضغط الجهل والحاجة والفقر وإغراءات المال وغياب القدرة والحكمة على كشف طبيعة وأهداف التآمر، فما حجة الناشطين والمثقفين والنخب للمشاركة في التآمر على الوطن وعلى الشعب، فمن أجل ماذا يشاركون في المؤامرة وضد من يتكتلون أو يجتمعون ويكتبون ويهيجون الجماهير؟ لقد شاءت الصدفة أو طبيعة عملي أو الظروف أن اتوقف مع إحدى الجرائد المصرية اليومية، وأن أقرأ على صفحاتها أربع مقالات لأربعة من الكتاب أو المفكرين أو من أهل النخبة، والأربعة على اختلاف أسمائهم واختلاف أعمالهم وتخصصاتهم ووظائفهم أجمعوا وكل في مقاله على أنهم ضد الاستبداد، وضد مصادرة حق الاختلاف في الرأي، وضد غياب الحريات وضد التعسف لصالح الشرطة وغيرها وغيرها من الشعارات، في حين أن أحدا من هؤلاء الكتاب الأربعة لم يترك وصفا يهين به الدولة والسلطة والنظام إلا واستخدامه وركز عليه، داعين جميعا إلى ضرورة وأهمية حرية القول والكتابة والتعبير، من دون تدخل أو مصادرة. ألم يكن من الطبيعي وفي دولة استبدادية معادية لحرية الرأي والتعبير، وكما يقولون، أن تمنع صحيفة بهذه المواصفات وحاملة لمقالات من هذا النوع الذي أشرنا إليه أن تصادر أو يسحب ترخيصها أو أن تفرض عليها تعليمات النظام المستبد كما يزعمون بأن يمنعوا هؤلاء الكتاب وأمثالهم من الكتابة والنشر؟!».

&جهاز الشرطة مخترق

&لكن زميلنا وصديقنا محمد أمين أشار في يوم الخميس نفسه في عموده اليومي في «المصري اليوم» (على فين) إلى خونة آخرين بين الشرطة قال عنهم: «لا أتخيل أن يكون قد سقط مئات الشهداء في الشرطة بسبب خيانة زملائهم، ولا أتخيل أن هؤلاء مشوا في جنازتهم أيضاً وحملوهم على الأعناق، وذرفوا عليهم دموع التماسيح هل أنت تتخيل ذلك؟ كانت بداية الالتفات إلى عملية الاختراق في عملية المثلث الذهبي للمخدرات، التي راح ضحيتها رئيس المباحث. وتكرر الأمر أيضاً في مذبحة حلوان الأخيرة، والآن يعكف فريق أمني كبير لفك الشيفرة هناك، أربعة ضباط من دفعة الضابط الشهيد تحوم حولهم الشبهات، إذن نحن أمام تطور نوعي في التحريات، فلم يعد كل التفكير في الإرهابيين فقط، وإنما في الخيانة أيضاً. للأسف أرشد عنهم ضباط! هذا التطور المذهل في تفكير الشرطة لا ينبغي أن يتوقف عند المثلث الذهبي ومذبحة حلوان فقط، من المهم أن نبحث كل القضايا السابقة بأثر رجعي، جهاز التفتيش يجب أن يقدم المجرمين للعدالة، لا ينبغي أن يفلتوا أو تقيد القضايا ضد مجهول، مباحث الأموال العامة يجب أن تراجع ملفات كثيرين تربحوا من مال حرام، لابد من توسيع دائرة الاشتباه، لابد من إعدام الخونة الإحالة للاحتياط لا تكفى!».

&تورط 5 ضباط في مجزرة حلوان الإرهابية

&وعن شهداء الشرطة قال يوم السبت في «أخبار اليوم» الحكومية صابر شوكت: «لنا وقفة مهمة في شهداء الشرطة مع جميع مسؤولي مصر، فشهداؤنا بالشرطة ليسوا قرابين نقدمهم ليموتوا في صمت على أيدي مجرمي الإرهاب، الذي يهدد مصر. عناوين الصحف وما كشفته الأحداث بالنص يقول بتورط 5 ضباط في مجزرة حلوان الإرهابية، والداخلية تبحث عنهم بعد اختفائهم منذ أسبوع، انفردت «الوفد» وأيدتها «الأخبار» بمانشيت البحث عن خائن في حادث استشهاد رجال الشرطة في حلوان. ومن قبل بأسابيع تداولت العناوين التحقيق مع 15 ضابطاً ومعهم لواء كانوا يتقاضون مرتبات من عصابة الدكش، مئة ألف جنيه شهريا للضابط، وشبهة خيانتهم لمقتل زملائهم معاون وأمناء وجنود الخانكة، والكارثة الداخلية تحيلهم للتقاعد، ولم تحيلهم للنيابة العامة، ليتم إعدامهم. عار على مصر أفلا تتحرك الأجهزة السيادية لوقف خيانات الداخلية لقرابين الشهداء».

تهمة الجهر بالصياح!

&

وفي «الشروق» عدد يوم السبت أخذنا زميلنا الكاتب فهمي هويدي إلى وجهة أخرى بقوله: «في مصر جهات باتت تتفنن في إسكات أصوات النقد بمختلف السبل، وسمعت في هذا الصدد من بعض المحامين عن تهم مدهشة تسعى لفرض الإسكات باسم القانون، من ذلك مثلا اتهام من أعلن اعتراضه على إلحاق الجزيرتين بالمملكة السعودية بأنه: استخدام القوة اللفظية لمنع الرئيس من أداء واجباته، ومصطلح القوة اللفظية بمثابة صياغة مبتكرة للإسكات. من ذلك أيضا توجيه تهمة الجهر بالصياح لمن هتف بما لا يرضي السلطة. إن تضييق الخناق على صور التعبير حتى إذا كانت على سبيل السخرية والتهريج يسيء إلى النظام بأكثر مما ينفعه، فضلا عن أنه يشيع حالة من الإحباط واليأس بين الناشطين الذين يفترض أن يكونوا في طليعة المتفائلين بالمستقبل، وقد شعرت بالحزن حين قرأت لأحدهم مدونة قال فيها: ما هو العمل العام الذي يمكن أن يستشعر المرء فيه حريته واستقلاله ولا تؤدي به ممارساته إلى السجن في نهاية المطاف؟».

&

الاستقرار الوهمي

&

وفي عدد «الشروق» ذاته قال زميلنا خالد سيد أحمد: «إن النظام لديه فائض قوة يستخدمه وأن فائض البطش تجاوز الكثير من الخطوط الحمراء التي لم يعد يراها القائمون على الأمن، حيث تم اقتحام نقابة الصحافيين بحجة تطبيق القانون، وعندما ثار أعضاؤها دفاعا عن كرامتها واعتراضا على انتهاك الدستور والقانون، تمت شيطنتهم والتحريض ضدهم بمساعدة الكتائب الإعلامية الأمنية، إضافة إلى المتلونين من أبناء المهنة، وكأن الصحافيين هم المسؤولون عن أزمة الدولار ومقتل ريجيني وهروب السياح وتحولنا إلى شبه دولة! التوسع في استخدام فائض البطش لفرض السكوت الإجباري على المجتمع، لن يحقق سوى الاستقرار الوهمي والرضا الزائف والهدوء المصطنع الذي لا نريده لهذا الوطن. كما أنه لن يخرس ألسنة المعارضين أو المختلفين سياسيا مع النظام، ولن يزعزع إيمان الكثيرين بمصرية تيران وصنافير أفيقوا قبل فوات الأوان».

&الأزمة الاقتصادية&تشتد&

ونبقى في «الشروق» إلى اليوم التالي أي الأحد لنقرأ مقال عمرو عادلي عن الأزمة الاقتصادية التي تشتد في مصر وننقل لكم بعض ما جاء فيه: «ليس أمام الحكومة خيارات كثيرة، فهامش المناورة محدود، يمكن بالطبع أن تستمر في مساعي الإصلاح المؤسسي، وتمرير حزم تحفيزية للمستثمرين المحليين والأجانب، ولكن من غير المنتظر أن يؤدي هذا لانعكاسات على المدى المباشر، ويمكن أن تقوم الحكومة بترشيد التقشف حتى لا تؤذي القطاعات كثيفة العمالة بدرجة كبيرة، أو أن تُحسِن من إجراءات الأمن، حتى تنشط السياحة جزئيا. ولكن غير «إدارة الأزمة» أخشى أنه لا توجد أدوات اقتصادية لدى الحكومة المصرية، أو لدى أي حكومة في وضع شبيه كي «تحل الأزمة» بدلا من أن تديرها. هناك ما يمكن فعله في مجال السياسة من أجل بناء وتدعيم توافق وطني، أو على الأقل تفاهم وطني للصعوبات التي يواجهها الاقتصاد المصري، وللخيارات المحدودة التي بيد الحكومة وللإجراءات التي ستتخذ، وليس هذا ممكنا إلا بإطلاق مساحة للنقاش الحر، لا بين الاقتصاديين وأساتذة الجامعات الذين يدعون أنهم يملكون ما يكفي لتطوير السياسات السليمة فحسب، إنما بين عموم المواطنين، خاصة أن مصر شهدت طفرة في التواصل الإعلامي في العقدين الماضيين، وشهدت موجات تسييس للملايين منذ ثورة يناير/كانون الثاني، على نحو لم يعد من الممكن معه استبعاد هؤلاء من النقاش العام، خاصة الحاصلين على تعليم ما فوق المتوسط والجامعي، وفي سن ما بعد التخرج وهم بالملايين، بل إنهم يشكلون الأغلبية الديموغرافية، كما أنه ربما آن الأوان لإشراك التنظيمات الحزبية الموجودة بالفعل في البرلمان في مساحة أكبر من صنع السياسات العامة، واتخاذ القرارات الصعبة، وبالتالى الاشتراك في تحمل المسؤولية كما ينص الدستور، هذا علاوة على إجراءات لتخفيف التوتر مع المحسوبين على ثورة يناير، خاصة الشباب المعتقل أو المبعد عن الوطن، والذين يمثلون شريحة لا تزال تجد نفسها مهمشة اقتصاديا مع ضعف فرص التوظيف اللائق، وكذلك سياسيا كما ظهر في ضعف مشاركة الشباب في الفعاليات السياسية الأخيرة.

وحده حوار مجتمعي ودور نشيط للقوى السياسية الموجودة على الساحة هو الذي يصنع الإجماع الوطني، ويحقق الاصطفاف، لا الدعاية الفارغة والكتائب الإلكترونية أو التعالي على الجمهور باسم الخبرات الفنية أو بأحاديث مواجهة المؤامرة».

&مفهوم&الإدارة والسيادة

&في يوم الأحد نفسه قال زميلنا في «الأخبار» عصام السباعي مهاجما زميلنا وصديقنا حمدين صباحي: «