&أيمن الحماد

أجهزة الحواسيب ونوعية الكتب التي تم التحفظ عليها في غرفة (الأخوين العريني) هي الصندوق الأسود الذي يخبرنا بتفاصيل وأسرار الغرف والمواقع التي غسلت أدمغة هذين الشابين وألحقت بها ضرراً خطيراً، وجعلتهما يقدمان على عمل مفجع بقتلهما والدتهما ومحاولة الإجهاز على والدهما وأخيهما، ليتجردا من كل القيم، والأخطر القيام بفعلهما كواجب مقدس، فأي نوع من التأثير مورس على هؤلاء الشبان؟ وما حجم الضرر الذي لحق بأدمغتهم؟ وكيف فقدت العائلة القدرة على التأثير بينما اكتسبها أشخاص افتراضيون خلف الشاشات؟

أسئلة يجب أن نجد إجابة لها، ويفترض أن تظهر الإجابات من خلال التحقيقات التي يجريها المحققون مع جناة حادثة الحمراء أو غيرهم ممن سبق وأن ألحقوا الضرر بأقاربهم، وقد يكون في إطلاع الجمهور بشكل عام عن الكيفية التي يؤثر بها الإرهابيون خارج الحدود على الشباب في المملكة من خلال الحواسيب، والمدة التي بدأ فيها هؤلاء الشبان بالاستماع والاندماج مع أولئك المحرضين في الخارج أو الداخل، وكيف تم إقناعهم بهذه الأفكار المرعبة، ولماذا المملكة تحديداً؟ بلا شك أن ذلك قد يمنحنا إجابات لتساؤلات حيّرت من سمعوا بحادثة الحمراء وغيرها وشاهدوا مسرح الجريمة عبر وسائل الإعلام.

إن الضرورة المجتمعية تقتضي معرفة أي نوع من الأفكار والأيديولوجيا يتبعها هؤلاء الشباب ويؤمنون بها والتي لأجلها يقتلون أهليهم الأقربين، فقبل حوالي العام، ساء المجتمع الحادثة التي عرفت بـ»تكفى يا سعد»، لنصعق فجر السبت بابنين يقومان بجريمة بحق أسرتهما في منزل العائلة، وبين الحادثتين عدد من الحوادث المشابهة؛ فأي كراهية أو إثم وأي ظلام حقن في أذهانهم؟

لقد تعدت المسألة إلحاق الأذى بالأقربين من أفراد الأمن، فهذه التنظيمات تستهدف الأسرة في نطاقها الضيق، وأعني الأب والأم اللذين كنا نظن أنهما الحلقة التي يمكن التعويل عليها في التأثير على الأبناء المتأثرين بالأفكار المتطرفة، من خلال خطاب بر الوالدين وطاعتهما وجرم عصيانهما، وإذا بهما يهزمون أمام المحرضين الذين يستخدمون خطاباً يقللون فيه من شأن الوالدين، بل ويخرجانهما من الدين ويكفرونهما تمهيداً لعصيانهما وتبرير إلحاق الضرر بهما، كما جرى في مأساة حي الحمراء.