&منى الشمري

& تعيش الكويت أنفجارا شعبيا بعد (تعديل قانون الانتخاب) حيث أعلنت التيارات والحركات السياسية في البلاد وعدد من نواب مجلس الأمة معارضتهم للقانون الذي ينص على حرمان المدانيين بالإساءة إلى الذات الإلهية والذات الأميرية من الترشح والأنتخاب مدى الحياة، واستمرت موجة ردود الفعل السياسية والشعبية الغاضبة على قانون «الإعدام السياسي» على حد وصفها، من خلال بيانات رسمية وتعليقات دونت في وسائل التواصل الإجتماعي وسط محاولات نيابية لتخفيف الضرر الشديد الذي ضرب المجلس وشكك في نزاهة المشرعين، مع فشل تطمينات النواب بأن التعديل لن يطبق بأثر رجعي، إلى جانب ما كشفه الرأي العام من إقحام الذات الإلهية والأنبياء في التعديل كغطاء عن الهدف الحقيقي منه وهو إقصاء المعارضة والخصوم السياسين.

&المسار المستقل : فساد تشريعي&

وقالت الأمينة العامة لتجمع « المسار المستقل منى العياف: إن تجمع «المسار المستقل» وقد هاله أن يصدر مثل هذا القانون بغير دراسة، بزمن قياسي وفي مدة لا تزيد عن ثلاثة أيام.

وتجمع «المسار المستقل» إذ يستهجن ويستغرب مثل هذا التشريع غير المسبوق وغير المدروس من قبل أعضاء مجلس الأمة، كونه ينص على أن تفرض عقوبة تكميلية، كاستحداث «عقوبة الحرمان من الحقوق السياسية» وذلك بنص «تشريعي مستقل»، وهو اجراء مخالف للدستور، ذلك ان نصوص قانون الجزاء واضحة ومحددة في الدستور وفي قوانين الدولة في حالة الإساءة للذات الإلهية والأنبياء والذات الأميرية، لذلك فإن اصدار هذا القانون يعتبر في نظر جميع المراقبين «فساداً تشريعيا» سيلقي بظلاله وانعكاساته السلبية على دعائم ومقومات أساسية في المجتمع وهما الجناحان الأساسيان فيه ونعني بهما الحرية السياسية وحرية التعبير.

وأضافت العياف: أن تجمع «المسار المستقل» يدعو كافة التيارات السياسية والمجتمع المدني إلى التكاتف ضد هذا القانون المعيب الذي جسد روح الانتقام والإقصاء، والذي شبهه الكثير من الخبراء القانونيين بأنه قانون قمعي يتناسب مع النظم الشيوعية، وهو يجسد العزل السياسي والتجريد من حقوق المواطنة والمكفولة بنص الدستور لأنه ليس عدواناً على الحريات والحقوق السياسية وحدها وإنما عدوان على العقد الاجتماعي بين الحاكم والمحكوم.&

حدس: معيب ومخالف للدستور

&

وأصدرت الحركة الدستورية الإسلامية (حدس) أمس الأول بياناً دعت فيه أمير الكويت إلى استخدام حقه الدستوري ورفض التعديل، مبينة أن «التعديل يعد مخالفة صريحة وصارخة لمواثيق حقوق الإنسان».

مؤكدة أن التعديل الأخير على قانون الانتخاب معيب دستوريا وقانونيا وقيميا ومخالف للدستور الذي حدد ألية الانتخاب والترشح دون وضع الموانع.

وقالت «حدس»: أن التعديل القانوني خالف مبدأ عدم رجعية القوانين المنصوص عليها دستوريا وقانونيا، مشيرة إلى أن التعديل القانوني السيىء الذكر متجاوز للدستور لافتقاده صفتي العمومية والتجرد التي يجب توفرها،وقد فوجىء الشعب الكويتي بتعديل قانون الانتخابات الذي اصدره مجلس الأمة الحالي بشكل مستعجل ومسيئ للمسيرة البرلمانية والذي نص على منع الانتخاب والترشيح لمن ادين قضائيا في مسائل الاساءة للذات الإلهية والانبياء والأمير وقد قوبل هذا التعديل القانوني برفض شعبي باعتبار عدم دستوريته ومخالفته للديمقراطية ويحمل في طياته سعي مستنكر للحيلولة دون ترشح شخصيات ورموز وطنية في اي انتخابات مقبلة.

وانتقدت «حدس» سرعة إقرارالتعديل القانوني في زمن قياسي الأمر الذي تراه يثير الشبهات حول ما يراد لمؤسسة البرلمان، و ما يحاك من أجل التأثير على مخرجات العملية الانتخابية القادمة و فيه كذلك ما ينذر بانحدار مقاصد النواب التي شابها الانتقائية والاصطياد بالماء العكر و خلط الأوراق و عزل الآخر.

وان مثل هذه التشـريعات المسيئة للمسيرة الديمقراطية من شانها زيادة النقمة الشعبية وزعزعة الاستقرار المجتمعي الذي تزيد حدته بالإقصاء ويتراجع بالاحتواء وتعزيز المشاركة الشعبية.

وأوضحت أن «بعض النواب صرح بأنه لا يقصد أن يسري هذا المقترح على من صدرت عليه أحكام، في حين صرح أحد الوزراء بأنه لا يقصد من الحرمان استهداف شخص بعينه، حتى بات هذا المقترح كحمل سفاح الكل يتبرأ منه».

و قالت حركة العمل الشعبي «حشد» في بيان لها أن هذا التعديل يخدم التحالف المشبوه بين السُّلطة ورأس المال للنيل من شخصيات سياسية بعينه وإنما جاء إقرار التعديل والمؤدي لحرمان من أُدين بحكم نهائي بجريمة المساس بالذات الإلهية والأنبياء والذات الأميرية من حقه بالانتخاب ترشحا وتصويتا مدى الحياة، ليكتمل السلوك المعادي للحريات لمجلس الخزي والعار، وليمثل حلقة جديدة من حلقات الهجمة الشرسة على الحريات وحقوق الأفراد الذي يمارسه هذا المجلس وهذه الحكومة التي أصبحت غير مؤتمنة على مقدرات الوطن وحقوق الأفراد وحرياتهم، بل وصل الحال أن أصبح هذا المجلس «المسخ» أداة سيئة بيد رئيسه وبيد الحكومة.

وأوضحت «حشد» أن هذا التعديل الذي ظهر فيه جليا انحراف المشرع في استخدام سلطته في التشريع عبر الانتقام من خصوم سياسيين من خلال «سلق» القوانين وعدم اعطاء المشروع الوقت الكافي لمناقشة هذا المقترح الخطير والذي يمثل اعتداء على حق دستوري أصيل للمواطن وهو حق الانتخاب، مما يجعله معيبا بعيب الانحراف التشريعي فيكون منعدما لا يؤسس مركزا قانونيا معتبرا في سياق تلك الهجمة الشرسة على جميع مؤسسات الدولة لتوجيهها لخدمة التحالف المشبوه بين السلطة ورأس المال، إلى أن وصل الحال أن تتحول هذه السلطة التشريعية بأغلبيتها الساحقة لمجرد دمى يلعب بها طفل بهيئة الكبار، ووزراء تحولوا من أصحاب قرار إلى موظفين ينفذون ويأتمرون بما ينتج عن اتفاق هذا التحالف المشبوه.

وطالبت «حشد» التيارات السياسية بالنضال السياسي بقولها إن حركة العمل الشعبي (حشد) وهي ترفض هذا التعديل المخزي على قانون انتخابات مجلس الأمة والذي صدر عن مجلس الخزي والعار، فإنها تعول كثيرا على التيارات السياسية والقوى الشبابية الفاعلة لتعبئة الجماهير وتوعيتها بأهمية النضال السياسي السلمي بمختلف أشكاله، للتصدي للتحالف الانتهازي بين السلطة ورأس المال لإطلاق الحريات وتحقيق بيئة أفضل للحريات في الكويت، وعدم الإنتقاص من المكتسبات الشعبية والدستورية والحريات العامة التي دافع عنها الآباء المؤسسون وقدموا التضحيات من أجلها قبل أن يأتي هذا المجلس لينسف كل تلك المكتسبات.

التيار التقدمي: إعدام سياسي

&

ووصف التيار التقدمي الكويتي تعديل قانون الأنتخاب بـ«الإعدام السياسي» وبأنه حلقة جديدة من «الهجمة المستمرة لتقويض هامش الحرية المحدود أصلاً في الكويت»، كما يعد «إمعاناً في تهميش المؤسسات الديمقراطية».

وقال التيار، في بيان له، إن «هذا التعديل يمثل حلقة جديدة من الهجمة المستمرة لتقويض هامش الحرية المحدود أصلاً في الكويت، وإمعاناً في تهميش المؤسسات الديمقراطية، والتي سبق أن جُردت من استقلالها السياسي عبر التدخلات السلطوية غير الشرعية، مما يزيد من انغلاق أفق العمل السياسي بشكله التقليدي المتمثل بالعمل البرلماني.

وبين التيار التقدمي: إن هذا التعديل المعيب يأتي في سياق الانقضاض على مختلف مؤسسات الدولة وتوجيهها لخدمة مصالح السلطة وحلفها الطبقي المسيطر، بدءاً من تهميش دور مجلس الوزراء في توجيه السياسة العامة وتحويله إلى مجلس كبار موظفين، تُوزع فيه المناصب مكافآت للحلفاء السياسيين، مروراً بتغيير نظام الانتخابات بتطبيق نظام الصوت الواحد المجزوء والموجه لضرب المعارضة وتحييد سلطات البرلمان المحدودة أصلاً في التصدي للعبث السلطوي، إضافة إلى التضييق على دور جمعيات النفع العام في مناقشة الشأن العام والتعبير عن المواقف واحتضان الفعاليات، وكذلك استهداف النقابات وترهيب قياداتها إذا ما تصدت لنهج السلطة النيوليبرالي الفاشل في الإصلاح الاقتصادي، ناهيك عن التسويف المستمر في تحقيق استقلال القضاء وإصلاحه.

إن التيار التقدمي الكويتي إذ يعارض هذا التعديل الأخير على قانون انتخابات أعضاء مجلس الأمة، فإنه يعوّل على تعبئة الجماهير وتوعيتها بأهمية النضال الجماهيري السلمي بمختلف أشكاله، من أجل التصدي لنهج الانفراد بالسلطة وإطلاق الحريات وتحقيق الانفراج السياسي.&

المنبر الديمقراطي: تعديل مرفوض&

وفي السياق ذاته حذر المنبر الديمقراطي الكويتي من استمرار السلوك المعادي للحريات العامة والعمل السياسي الذي أخذ ينتهجه عدد من أعضاء مجلس الأمة تمهيداً لقطع الطريق أمام عدد من الشخصيات السياسية المعارضة لخوض أية عملية انتخابية مستقبلاً.

وقال المنبر في بيانه: أنه من الواضح أن هنالك هاجسا كبيرا بعد تغير حالة المزاج الشعبي لنواب المجلس الحالي، وهو ما يعني أن الأعضاء الحاليين الذين قفزوا على الساحة السياسية بغياب قوى المعارضة الحقيقية لم تعد قادرة على الحفاظ على وجودها إلا بسن قوانين وإجراء تعديلات على قوانين أخرى تستهدف أي رأي واتجاه مناهض لها.

وأضاف أن موافقة مجلس الأمة مؤخراً على تعديل قانون الانتخابات الحالي في ما يتعلق بشروط المرشح غير مقبول ومرفوض، فالحديث عن الذات الإلهية والانبياء والأميرية له أحكامه الخاصة، والقضاء هو الفيصل فيها، لا الرغبات والأهواء الشخصية لبعض النواب، وما إقحام مثل هذه الأمور إلا محاولة جديدة لتقييد المشاركة الشعبية بمباركة حكومية.

وأكد المنبر الديمقراطي الكويتي في ختام بيانه أن هذا التوسع المرفوض سيشكل إشكالاً جديدا لعدم دستوريته، كما أنه يثبت حالة عدم الاستقرار التي تعيشها البلد منذ سنوات، ولم تنفع معالجات السلطة في تهدئتها وتعطلت معها سبل التنمية الحقيقية.&

قانونيون: شبهه وانحراف تشريعي&

بدوره ناشد النائب صالح عاشور سمو أمير الكويت «رد القانون»، مؤكداً أنه «لا يجوز توقيع عقوبتين على شخص، كما أن أغلب الدول تشجع مواطنيها على الترشح والانتخابات، بل هناك دول توقع غرامات على من لا يمارس حقه الانتخابي».

ووصف قانونيون ودستوريون إن «القانون شبهه وفيه مخالفات للدستور، فالعقوبة التبعية لا تطبق بأثر رجعي، وتقصُّد أشخاص انحراف بالتشريع وتضييق للحقوق السياسية وأن التعديل الأخير الذي أجراه مجلس الأمة على قانون الانتخاب الأربعاء الفائت يعد صورة من صور عيب الانحراف التشريعي، ما يجعل ذلك التعديل مشوباً بشبهة عدم الدستورية

واضافوا: يستشف من التعديل أن الغاية منه هي الإضرار بمجموعة من الأشخاص بعينهم وهم من الخصوم السياسيين بغية حرمانهم من حق الترشح».&