&&صفوت حدادين

بالتأكيد لم يكن «بوتين» بانتظار اعتذار «اردوغان» فقط حتى يعيد المياه لمجاريها ما بين بلاده و «تركيا» فالمقاتلة الروسية التي سقطت بطياريها لن يكون ثمنها رسالة الاعتذار التركية وحدها و هذا ما تكشف أمس باعلان وزير الخارجية التركي بأن قاعدة «انجريليك» الجوية ستُفتح أمام الطيران العسكري الروسي لقتال الارهابيين–على حد وصفه.

من الواضح أن «تركيا» مقبلة على تغيير كبير في مواقفها من الأزمة السورية، و ربما النظام السوري، مع الأخذ بعين الاعتبار أن صيغة جديدة للتواصل ما بين النظام التركي و نظام الأسد لن تخرج إلى العلن بسهولة و قد تتوقف عند الاتصالات السرية التي ستستمر من خلف ستار حتى يتبلور الموقف الدولي النهائي من مستقبل الأزمة السورية.

تنازلات «انقرة» لم يتسبب بها اعادة فتح القنوات مع «موسكو» فحسب بل جاء تفجير مطار «اتاتورك» ليهز ثقة «النظام التركي» بنفسه و يفرض عليه مزيداً من التنازلات بعد أن وصل «البلل إلى الذقن» هذه المرة.

السؤال المهم في ظل هذه التطورات، ماذا ستفعل مقاتلات «السوخوي» الروسية المنطلقة من قاعدة «انجريليك»؟

في الأيام الماضية، اختلطت الأوراق على الأرض في «سوريا» و اقتحمت المعارضة «ريف اللاذقية» ما شكل ضربة في الخاصرة لنظام الأسد المنشغل في معركة «حلب» و تزامن ذلك مع خسائر عسكرية فادحة مني بها الجيش السوري.
المقاتلات الروسية التي ستنطلق من «انجريليك» غالباً ستتولى وقف تقدم المعارضة باتجاه الساحل السوري و هو خط أحمر بالنسبة ل «موسكو» كونه قلعة حليفها العلوي و ستؤمن تغطية جوية لحركة الجيش السوري في حلب.
«حلب» مهمة لكل الأطراف، النظام و المعارضة و الأكراد و الكل بات له موطئ قدم فيها لكن التوزيع العشوائي للبقع التي تسيطر عليها الأطراف هذه فيها بفعل تواجد العديد من الميليشيات المسلحة يتطلب تهيئة على الأرض ليعيد الأمور إلى نصابها قبل الجنوح باتجاه هدنة تؤمن مكاسب هذه الأطراف، فالهدنة غير ممكنة في ظل الفوضى الحالية.
تقدم المعارضة في ريف اللاذقية تم بدعم مباشر من التحالف و الهدف منه الضغط على النظام السوري و حلفائه إذ أن النظام و حلفائه في هذه الأثناء يضعون بيضهم في سلة «تأمين حلب» عبر السعي لتقليص المساحات التي تسيطر عليها مليشيات المعارضة و قوات سوريا الديمقراطية.

«سوريا» اليوم هي معركة «كر و فر» لكل الأطراف و داعميها لكن الواقع الحقيقي لم يتغير فخطط النظام لقلب الموازين منذ استعادة تدمر لم تكن موفقة و يبدو أن حلفاءه لا يطمحون إلى ما يطمح له النظام من قلب للموازين و ما يزيد الطين بلة هو كثرة الميليشيات المسلحة التي لم ينقطع حبل امدادها و ستظل إلى حين عقبة الحل في «سوريا» فكل يوم يخرج فصيل جديد و الشيء بالشيء يذكر فمنذ أيام ظهر إلى العلن «جيش سوريا الجديد» و نفذ مهمة استغلت انشغال الجيش السوري في «حلب» و لكنها لم تتعد كونها غزوة من غزوات قطاع الطرق!
الأطراف الدولية و الاقليمية تتواصل و تتفاوض لكنها لا تريد أن تجلس على طاولة الحل و لذا فهي تمارس لعبة رمي أصابع «الديناميت» في النار بينما «سوريا» تحترق!