أكد تقرير أصدرته شبكة حلول التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة، أن سبب فشل الجهود العالمية الرامية لهزيمة تنظيم داعش يعود إلى أن الدول المعنية بمحاربته، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، لم تعتبره عدوا رئيسيا، وأن أهداف تلك الدول ترتبط بمصالح أخرى، مما يتيح للتنظيم الاستفادة من تضارب تلك المصالح.

قال مدير شبكة حلول التنمية المستدامة للأمم المتحدة، الدكتور جيفري ساكس، إن الهجمات الإرهابية المميتة التي شهدتها إسطنبول ودكا وبغداد، في الأيام الأخيرة، تبرهن على القدرة القاتلة التي يتمتع بها تنظيم داعش في التغلغل في أوروبا، وشمال إفريقيا، والشرق الأوسط، وأجزاء من آسيا، مؤكدا أن صعود التنظيم المتطرف كان نتيجة قصور الإستراتيجية الغربية الحالية، داعيا واشنطن إلى إعادة تقييم إستراتيجيتها تجاه داعش.

وأضاف، في مقال نشره موقع "بروجيكت سنديكيت" أنه ما دام التنظيم قادرا على الحفاظ على معاقله في سورية والعراق، فستظل شبكته الإرهابية قادرة على ارتكاب مثل هذه المذابح، مستدركا أن إلحاق الهزيمة بتنظيم داعش ليس بالمهمة الصعبة بصورة خاصة. وتابع "المشكلة هي أن الدول المعنية بمحاربة داعش، بما في ذلك الولايات المتحدة وحلفاؤها، لم تتعامل مع التنظيم باعتباره خصما رئيسيا، والآن حان الوقت للتعامل معه من هذا المنطلق".

وأشار إلى أن التنظيم المتطرف يتكون من قوة قتالية صغيرة، تقدر بـ20 إلى 25 ألف مقاتل في العراق وسورية، ونحو خمسة آلاف في ليبيا، حسب تقديرات الإدارة الأميركية. وأردف "مقارنة بأعداد القوات العسكرية المسلحة العاملة في سورية، 125 ألفا، أو العراق، 271 ألف جندي، أو تركيا، 516 ألف جندي، فإن عدد مسلحي تنظيم داعش يصبح ضئيلا للغاية".
الهيمنة الأميركية

أوضح ساكس أن الولايات المتحدة ترى في الحرب بسورية استمرارا لخطة الهيمنة الأميركية على العالم، التي أطلقها وزير الدفاع ريتشارد تشيني ووكيل الوزارة بول وولفويتز مع نهاية الحرب الباردة. وأشار إلى أن المقصد من الحروب المتعددة التي خاضتها الولايات المتحدة في أفغانستان والعراق وسورية وليبيا وغيرها، يتلخص في إزاحة الاتحاد السوفييتي ثم روسيا، من المشهد وإعطاء الولايات المتحدة سطوة مهيمنة. واستشهد بأن وولفويتز قال للجنرال الأميركي ويسلي كلارك عام 1991 "تعلمنا شيئا واحدا من حرب الخليج، وهو أننا قادرون على استخدام قواتنا العسكرية في الشرق الأوسط، ولن يتصدى لنا السوفييت، ولدينا مهلة تمتد من خمس إلى عشر سنوات لتطهير هذه الأنظمة السوفييتية القديمة المتمثلة في سورية وإيران والعراق، قبل أن تُقْدِم القوة العظمى التالية على تحدينا"، مستدركا أن جهود واشنطن باءت بالفشل الذريع. وبالنسبة إلى تركيا، قال ساكس إن الإطاحة بالأسد تعزز مكانتها الإقليمية، بيد أن أنقرة تواجه الآن ثلاثة خصوم على حدودها الجنوبية، هي: الأسد، وتنظيم داعش، والأكراد القوميون. وأضاف "احتل تنظيم داعش المرتبة الثالثة من اهتمامات تركيا بعد الأسد والأكراد، ولكن هذا ربما يتغير بفعل الهجمات الإرهابية التي ينفذها التنظيم في تركيا".
روسيا وإيران

تطرق ساكس إلى المساعي الروسية الإيرانية في المنطقة، لافتا إلى أن موسكو وطهران تلاحقان مصالحهما الإقليمية الخاصة، من خلال تنظيم الحروب بالوكالة ودعم العمليات شبه العسكرية. في الأثناء، تلقي مؤسسة السياسة الخارجية في الولايات المتحدة باللائمة على الرئيس الروسي فلاديمير بوتن بسبب دفاعه عن الأسد، في حين تلوم روسيا الولايات المتحدة لأنها تحاول الإطاحة به، حسب ساكس.
ومضى قائلا إن استمرار بقاء تنظيم داعش يؤكد ثلاثة عيوب تشوب السياسة الخارجية الأميركية، فضلا عن عيب تكتيكي قاتل.

وأردف "أولا، لم يكن سعي المحافظين الجدد إلى فرض هيمنة الولايات المتحدة من خلال تغيير الأنظمة ضربا من الغطرسة المتعطشة للدماء فحسب، بل كان أيضا من مظاهر فرط الامتداد الإمبراطوري الكلاسيكي، وقد باء هذا المسعى بالفشل حيثما حاولت الولايات المتحدة تنفيذه، ولم تكن سورية وليبيا سوى أحدث الأمثلة الدالة على الفشل".

وواصل "ثانيا، دأبت وكالة الاستخبارات المركزية لفترة طويلة على تسليح وتدريب المتطرفين من خلال عمليات سرية، وبدورهم أنتج هؤلاء تنظيم داعش الذي كان نتيجة مباشرة، وإن كانت غير متوقعة للسياسات التي انتهجتها وكالة الاستخبارات المركزية وشركاؤها".

أسباب صمود الدواعش

أخطاء سابقة لـ"CIA"
تباين الرؤى الدولية
عدم التنسيق الكافي
التعنت الروسي والإيراني
تردد إدارة أوباما