مطلق بن سعود المطيري

تصريح وزير الدفاع الاميركي عن تجهيز قوة عسكرية سوف تدخل من الجنوب السوري بمساعدة الاردن لضرب داعش، أمر ينبئ بأن أيام داعش في سورية باتت معدودة، وكذلك يقدم مؤشرا عن فصل الساحة العراقية عن سورية لمطاردة داعش خاصة وان هذا الاخير تلقى هزيمة كبيرة في العراق خسر على إثرها مناطق مهمة كان قد استولى عليها في السابق، والتي ضمنت له التحرك باتجاه سورية والعودة منها بسلام. هزيمة داعش منذ بداية وجوده في سورية كانت عملية مضمونة ولكن تم تأجيلها، لصالح أطراف دولية يهمها أن تتحول الثورة السورية من ثورة شعب ضد نظام ظالم الى حملة عسكرية دولية على الإرهاب!

داعش فكرة شيطانية يتم استخدامها لإعادة رسم خريطة المنطقة، ولنا في التجربة العراقية خير مثال على اثبات ذلك، فداعش في العراق حدد مسار الأحداث وأهدافها، فمنذ سيطرته على الأنبار بمساعدة مباشرة من نظام نوري المالكي الذي أخرجه من السجون في حادثة مشهودة وسلمه السلاح بانهزام مسرحي مبرمج، وداعش يقوم بجرف السكان من مسيحيين وايزيديين وعرب سنة من أراضيهم لتفريغها تماما من أهلها الأصليين، وبعد هذه العملية الكل يعرف انه لن يستطيع تأمين وجوده بهذه المناطق التي أصبحت شبه خالية، ولكنه سوف يقوم بتسليمها أيضا بهزيمة مسرحية للحشد الشعبي الطائفي، الذي سوف يتحول من حشد عسكري الى حشد مدني يسكن المناطق المهجورة وبذلك يتم تحديد خارطة العراق الجديدة.

اليمن اليوم معرض لنفس السيناريو العراقي فهناك ملامح بارزة في أزمته تدفع لذلك الاعتقاد، فالحرص الدولي على وجود الحوثي كطرف مهم بأهمية خاصة وغير مسبوقة في تاريخ اليمن.. أهمية منحتها له طهران وواشنطن، لاعتبارات خاصة في تحديد خارطة اليمن المستقبلية، فالتعنت الحوثي في المفاوضات المنعقدة في الكويت، يفيد بأن التفاوض مع الأطراف الحكومية بالنسبة للحوثي فائدتها فقط في الوقت المنتظر الذي سوف يدشن المرحلة الجديدة للصراع، وهذه المرحلة سيكون عنوانها الحرب على الارهاب، ويكون الحوثي الطرف الرئيسي والأكثر استعدادا وتنظيما للقيام بهذه المهمة، ولن تكون هناك مهمة من هذا النوع الا بإعلان دولة داعش في اليمن، وهذا السيناريو ربما يأخذ سنوات ليست بالقليلة تكون أحداثها بين تمدد دولة داعش في اليمن وتنديدات دولية بإدانتها مع المطالبة بضرورة تسليح قوات الحوثي ودعمه سياسيا حتى يتمكن من هزيمة الارهاب!

نائب الرئيس اليمني الفريق محسن الأحمر يعد في هذه اللحظة رقما مهما لتقويض هذا السيناريو الخبيث، فإعادة بناء الجيش اليمني الوطني من جديد للقيام بمهمة تعطيل قيام قوة عسكرية انفصالية تقوم بدور الجيش اليمني في محاربة الارهاب، تلك الطائفية التي سوف تجلب لليمن فكرة الحشد الشعبي العراقي من داخله وخارجه.. الفريق الأحمر مهمته خطيرة جدا في هذه المرحلة تبدأ بدعوة قادة بارزين في الجيش اليمني الذين مازالوا يؤمنون بوحدة اليمن، ويوجد لديهم خلافات شكلية مع شرعية الرئيس عبدربه منصور، فوجود بعض هؤلاء القادة اليوم في الطرف الآخر"المخلوع" لا يعني ان تأييدهم له أبدي أو بدون حسابات، فبعد عامين تقريبا من الأزمة اليمنية تغيرت حسابات كثيرة، أولها رفض بعض هؤلاء القادة للدور السياسي للحوثي المدعوم دوليا، فقد كانت حساباتهم تقوم على استخدام ورقة الحوثي للسيطرة على السلطة، ومن ثم حرقها، ولكن الأمور سارت عكس ما كانوا يعتقدون، فإطلاق دعوة وطنية لعسكر اليمن للقيام بمهمة حماية اليمن من سيناريو العراق، ربما تكون هذه الفرصة الوحيدة والأخيرة أمام الفريق محسن الأحمر للحفاظ على خارطة اليمن الوطنية.