&ملامح الصحافة الفرنسية:&الدور التركي في الأزمة السورية.. والحضور الروسي في الحملة الأميركية

ليبراسيون

&

في صحيفة ليبراسيون نشرت الكاتبة الفرنسية- التونسية فوزية زواري مقالاً تحدثت فيه ضمناً باسم مسلمي فرنسا وموقفهم الرافض من منطلق ديني وأخلاقي ووطني لأشكال الإرهاب كافة والعنف الممارس باسم الدين الإسلامي، والدين منه براء. ومع تفاقم وتزايد حالات العنف التي عرفتها فرنسا مؤخراً من حادثة هجوم مسرح باتكلان، وصولاً إلى نيس، وسانت أتيين- آن أوفراي، ظلت الأسئلة تتوالد عن دوافع وخلفيات كل هذا العنف، وهنا تؤكد الكاتبة أنها كمسلمة لا تجد أي صلة بين هذه الأعمال الهمجية الفظيعة وبين الإسلام دين السلام والسماحة كما تلقت مبادئه على والدها، وكما فهمته وتفهمه أجيال متتابعة من المسلمين المستندين إلى الفهم الصحيح لأصول الدين الحنيف المأخوذة عن الفقهاء والأئمة الراسخين في العلم عبر العصور، وهي مبادئ تقول إن قتل نفس بشرية واحدة بغير حق كقتل الناس جميعاً.

ولذا فإن الغلاة والمتطرفين والإرهابيين بأنواعهم وأشكالهم كافة، ومهما كانت دعاياتهم ودعاويهم، لا علاقة لهم بالإسلام ولا بروحه ومقاصده وأحكامه. والمسلمون الحقيقيون أبرياء من أن تنسب إليهم هذه الفظاعات، كما أنه لا داعي لمطالبتهم أيضاً صراحة أو ضمناً بالاعتذار، أو الشعور بنوع من المسؤولية عنها، ولا أن يطأطئوا رؤوسهم في الشارع بسببها، لأنها أفعال مارقة لا صلة لها بالإسلام، دين المودة والرحمة والتعارف والتعايش السلمي بين الناس.
وقالت الكاتبة إن إرهابي نيس الذي دهس المارة الأبرياء بكل غلظة وهمجية، مع أنه تونسي، إلا أن هذا لا يجعلني أيضاً معنية بجريمته، لأن الإرهابيين والقتلة يمكن أن يكونوا من أية جنسية أو أصل، وجرائمهم الفظيعة هي، قانوناً وأخلاقاً، جرائم فردية يتحمل أصحابها المسؤولية عنها دون غيرهم. بل إن قاتل نيس كان من بين ضحايا جريمته الشنيعة، تونسيون كذلك. ومع هذا، تقول الكاتبة، يلزمني أيضاً الاعتراف بأنني قد شعرت بشيء من تلطيخ السمعة والشرف لارتكاب شخص، تونسي الأصل، هذه الجريمة الفظيعة، وأعني هنا شرف القبيلة بمعنى ما، لأن مواطنيّ هو من نشر الرعب وسفك الدم بكل هذه الفظاعة واللاإنسانية. ولذا فإن مما آلمني حقاً أن يكون شخص منحدر من بلادي، وأعني هذه الـ«تونس» الوديعة المسالمة، هذا الشعب الذي صقلته تجارب وقيم الحضارات القديمة، وصنعت منه استثناءً في التسامح والتعايش والانفتاح، والذي تعلم علي يدي بورقيبة أصول العلمانية، وأرسله أفواجاً إلى مقاعد الدراسة حتى غدا من أكثر الشعوب تعلماً وثقافة. وفي الأخير قالت الكاتبة إن فرنسا لا تستحق كل هذا الاستهداف الجائر، فهي بالنسبة لها البلد الذي آواها، واختارته مستقراً ووطناً، ووجدت فيه الخبز والملح، والسلام والحرية، وفرص الحياة الكريمة.

لوفيغارو

نشر الكاتب جورج مالبرينو، المتخصص في شؤون الشرق الأوسط، مقالاً في صحيفة لوفيغارو بعنوان: «تركيا تغيّر سياستها السورية»، تحدث فيه عن المتغيرات الجديدة في أنقرة بعد فشل محاولة الانقلاب الأخيرة، وهي متغيرات تدعو للاعتقاد بأن السياسة التركية تجاه الأزمة السورية في طريقها للتغير بشكل كبير، وستفقد على الأرجح كثيراً من عناصر التصميم والزخم، نظراً لتركيز أنقرة المتوقع خلال الفترة المقبلة على مواجهة مشكلات الوضع الداخلي التركي نفسه، بكل تعقيداته وتحدياته الجديدة. وقال مالبرينو إن أهم سمة لسياسة الرئيس أردوغان السورية، بعد فشل الانقلاب، ستكون التركيز بشكل خاص على محاربة مشروع الأكراد السوريين الرامي لإيجاد منطقة حكم ذاتي في شمال سوريا قريباً من الحدود التركية. ومن هذا المنطلق يفترض أن تخفت النبرة التركية الداعية لرحيل رئيس النظام السوري بشار الأسد، وخروجه من السلطة دون قيد أو شرط.

ويعتبر كثير من الخبراء العسكريين والسياسيين الأتراك أن سياسة أردوغان السورية أدت إلى مأزق، بسبب رهانه قبل كل شيء على وجوب ذهاب الأسد وخروجه من المشهد في أسرع وقت ممكن. ولكن المشكلة أنه على رغم مرور أكثر من خمسة أعوام على انطلاق الثورة السورية، ما زال رئيس النظام السوري المدعوم من قبل روسيا وإيران، ممسكاً بالسلطة في دمشق. وحتى قبل الانقلاب الفاشل في تركيا، بدا خروج أحمد داود أوغلو، وهو مهندس السياسة التركية تجاه سوريا، وذهابه من رئاسة الحكومة، وحلول بن علي يلدرم بدلاً منه رئيساً للوزراء، كل هذا أشّر إلى بداية تحول جذري في المقاربة التركية إزاء تعقيدات الصراع السوري. وعلى الأرجح، فإن هذا التحول سيستمر وفق مقاربة جديدة، بسقف أهداف مختلف، تأتي على رأسه أولوية مواجهة التحدي الكردي في شمال سوريا، بشكل جذري، ووفق ما يتماشى مع المصالح التركية في المقام الأول والأخير.

لوموند

نشرت صحيفة لوموند أمس، السبت، افتتاحية بعنوان: «روسيا وكيل انتخابي من واشنطن إلى باريس»، خصصته للحديث عن أبعاد وتداعيات الاتهامات الموجهة للمرشح الجمهوري الأميركي دونالد ترامب، بأنه يستفيد من دعم ضمني، وربما حتى لوجستي، من قبل الكرملين، في مسيرته الانتخابية الرامية لدخول البيت الأبيض. وفي هذا السياق قالت الصحيفة، إن ثمة تزامناً لافتاً حقاً للنظر، حيث إن نشر موقع ويكيلكس في لحظة انعقاد المؤتمر الحزبي الديمقراطي، لـ20 ألف وثيقة من المراسلات الداخلية للحزب الديمقراطي، بهدف التشويش على حملة ترشح هيلاري كلينتون، إنما يطلق علامات استفهام وشبهات قوية حول ما إنْ كانت ثمة حسابات انتخابية، مدفوعة أو مدعومة من طرف موسكو. والإشارة هنا طبعاً إلى المنافس الجمهوري ترامب الذي يفترض في هذه الحالة أن يكون قد حظي بدعم من الكرملين. ومع هذا، تقول لوموند، لا يوجد حتى الآن أي دليل مؤكد على تدخل للكرملين في هذه القضية. وقد زعمت أوساط في الاستخبارات الأميركية أنه قد جرت قرصنة سيرفر الحزب الديمقراطي، من طرف وكالتين روسيتين، دون ربط ذلك صراحة بالسلطة في موسكو. ولم يتردد أيضاً المسؤولون الديمقراطيون، بما في ذلك الرئيس أوباما نفسه، في تغذية هذه الاتهامات والشكوك، حيث تساءل الرئيس عن المستفيد من هذه القرصنة، مشيراً إلى أن دونالد ترامب نفسه سبق له التعبير مراراً وتكراراً عن إعجابه بالرئيس بوتين.

وقد رفع ترامب بدوره سقف التحدي، وبالتالي سقف سجال الحملة الانتخابية، حين طلب في يوم الأربعاء الماضي من روسيا أن تنشر كل مراسلات السيدة كلينتون! وهنا اعتبرت الصحيفة أن الحملة الانتخابية الأميركية قد دخلت مرحلة غير مسبوقة من التحدي والتصعيد وصب الزيت على النار، ولولا ذلك لما كان ممكناً تخيل أن يطلب مرشح لأحد الحزبين الرئيسين في أميركا من قوة أجنبية أن تتدخل في شؤون بلاده الداخلية، من أجل تدمير منافسه السياسي والانتخابي. ومع هذا، فقد حاول ترامب، بعد ذلك، تقليل حجم الخسائر الناجمة عن تصريحه هذا، قائلاً إنه إنما كان يمزح ويسخر لا أكثر. وفي الأخير، أشارت لوموند أيضاً إلى وجود أشباه لترامب من المعجبين ببوتين في فرنسا، وتحديداً لفتت إلى أن رئيسة حزب الجبهة الوطنية وزعيمة اليمين المتطرف في فرنسا مارين لوبن لها هي أيضاً ميولها البوتينية، وهي تتموّل من بنوك روسية قريبة من الكرملين. وكذلك مثلها بعض المنتخبين الفرنسيين مثل مجموعة الأحد عشر والساسة الذين طاروا إلى شبه جزيرة القرم لتأييد الموقف الروسي بضمها، على عكس إرادة حكومتهم. ومن ضمن مؤيدي روسيا هؤلاء أيضاً ساسة من حزب «الجمهوريين» بزعامة ساركوزي. وكل هؤلاء وأولئك يشتركون مع ترامب في مواقفه وتوجهاته المثيرة، إلى حد بعيد.

إعداد: حسن ولد المختار