&قرار إحالة معتقلين صحراويين في المغرب على محكمة مدنية يثير ارتياحا في الأوساط الحقوقية

&

محمود معروف &

أثار قرار محكمة مغربية عليا إحالة معتقلين صحراويين مؤيدين لجبهة البوليساريو على محكمة مدنية بعد سنوات من المتابعة لدى القضاء العسكري، ارتياحا في الأوساط الحقوقية المغربية والدولية واعتبرت جبهة البوليساريو أن القرار «انتصار» لصمود هؤلاء المعتقلين.

وفيما رحبت منظمة العفو الدولية (أمنستي) بالقرار قالت منظمة حقوقية مقربة من جبهة البوليساريو إن القرار يكشف عن البعد السياسي للحاكمة واعتبرت الجبهة القرار إجراء شكليا بعد «جريمة» الاعتقال التعسفي الذي دام 5 سنوات.

وألقي القبض على 25 ناشطا صحراويا مؤيدا لجبهة البوليساريو في تشرين الثاني/ نوفمبر 2010 إثر تفكيك مخيم «أكديم إيزيك» أقيم احتجاجا على أوضاع اجتماعية بضاحية مدينة العيون كبرى حواضر الصحراءالغربية المتنازع عليها.

وأسفر تفكيك المخيم عن مقتل 11 شخصا من قوات الأمن واثنين من المحتجين وعشرات الجرحى كما لوحظ قيام محتجين بالتمثيل بجثث رجال الأمن القتلى.

واتهمت السلطات الناشطين الصحراويين بالتحريض على العنف وقدمت 25 منهم لمحاكمة عسكرية تحت مراقبة العديد من الجمعيات والمنظمات، المغربية والدولية سنة 2013 كلا من إبراهيم الإسماعيلي، سيدي أحمد لمجيد، عبد الله لخفاوني، عبد الجليل لعروصي، محمد البشير بوتنكيزة، عبد الله ابهاه، محمد باني، أحمد السباعي، النعمة الأسفاري، بنكا الشيخ، الداه حسنة، محمد بوريال، البكاي العرابي، عبد الله التوبالي، الحسين الزاوي، الديش الضافي، محمد لمين هدي، محمد امبارك لفقير، محمد خونا بابيت، محمد الأيوبي، البشير خدا، محمد التهليل، التاقي المشظوفي، حسنة اعليا، سيدي عبد الرحمن زيو.

وأدانت المحكمة هؤلاء بتهم «تكوين عصابات إجرامية، واستعمال العنف ضد قوات الأمن مما أدى إلى القتل العمد والتمثيل بالجثث» وقضت بالسجن لسنوات تتراوح ما بين المؤبد لتسعة منهم، و30 سنة لأربعة آخرين، و25 سنة لسبعة، وعامين لثلاثة آخرين.

وأثار تقديم المعتقلين إلى محاكمة عسكرية احتجاجات كونهم مواطنين مدنيين وقررت محكمة النقض المغربية بالرباط في وقت سابق من شهر تموز/ يوليو الماضي بطلان المحكمة العسكرية وإحالة المعتقلين إلى محكمة مدنية هي محكمة الاستئناف بالرباط.

واعتبر الأمين العام لجبهة البوليساريو، إبراهيم غالي، في رسالة إلى المعتقلين أن قرار المغرب يعمد إلى «تغطية الشمس بغربال من الإجراءات الشكلية»، وأضاف أن «المغرب ارتكب جريمة حين أقدم منذ أكثر من ثلاث سنوات على اعتقال تعسفي ظالم»، وأن الأحكام التي قضت بها المحكمة العسكرية كانت «أحكاما معدة مسبقا، لم تكن لتراعي الوقائع والمرافعات والحقائق الدامغة».

وقال لمعتقلي أكديم إزيك «لم يكن من ذنب اقترفتموه سوى التشبث بالقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، ترافعون بشجاعة ووضوح، بلا خوف ولا تردد، عن حقوق شعبكم العادلة والمشروعة، التي لا تقادم ولا تصرف فيها ولا تنازل عنها، وفي مقدمتها الحق في الحرية وتقرير المصير والاستقلال، انطلاقاً من ميثاق وقرارات الأمم المتحدة وان إرادة القهر والطغيان تكسرت».

واضاف أن المعركة التي يخوضها الصحراويون، بقيادة الجبهة، هي معركة حرية وعزة وكرامة، وأن قرار إعادة محاكمة معتقلي أكديم إزيك هو سلوك مغربي جديد في كل الأحوال غير مقنع وغير كافٍ، «لا يمثل بالنسبة لنا سوى محطة نضالية أخرى، يجب أن تتبع بالمزيد والمزيد من النضال والكفاح، وفاء لكل شهداء القضية الوطنية».

وقالت جمعية حقوقية صحراوية مقربة من جبهة البوليساريو إن إحالة معتقلي مخيم «اڭديم إزيك» على محكمة مدنية بعد سنوات طويلة من المتابعة لدى القضاء العسكري، «يكشف الطابع السياسي للملف برمته والبعد الانتقامي للدولة المغربية من هؤلاء المعتقلين السياسيين الصحراويين».

وأعربت «تجمع المدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان»، وهي جمعية صحراوية تتخذ من مدينة العيون مقرا لها وغير معترف بها مغربيا، وأعضاؤها نشطاء معروفون بموالاتهم لجبهة البوليساريو، في بيان نشره موقع «لكم» المغربي، عن تخوفها على مصير قضية معتقلي «اڭديم إزيك « و»هم يحالون على محكمة مدنية بتهم قد لا تختلف عن التهم المنسوبة إليهم من طرف القضاء العسكري، مستحضرا عدم استقلالية القضاء المغربي بدليل مجموعة المحاكمات التي استهدفت معتقلين سياسيين صحراويين لا زالوا رهن الاعتقال السياسي بعد محاكمتهم ابتدائيا واستئنافيا لدى القضاء المدني بأحكام قاسية و جائرة».

وجاء في البيان إن إدارة السجن المحلي «سلا 01» «أخبرت رسميا بتاريخ 29 تموز/ يوليو 2016 معتقلي «اڭديم إزيك» المتواجدين رهن الاعتقال السياسي بأحكام تتراوح مددها ما بين المؤبد (مدى الحياة) و 20 سنة بقرار هيئة المحكمة بمحكمة النقض الصادر بتاريخ 27 تموز/ يوليو 2016، والرامي إلى إحالة ملفهم على محكمة الاستئناف بالنيابة العامة بالرباط المغرب في انتظار أن تقوم النيابة العامة بهذه المحكمة بتكييف التهم الموجهة ضدهم وإعداد مسطرة المتابعة بالاعتماد على القانون الجنائي المغربي بدل قانون العدل العسكري و أن تقوم بإحالة الملف على قاضي التحقيق ثم على هيئة المحكمة بغرفة الجنايات بالمحكمة المذكورة». وأوضح التجمع أنه «لا تعرف حتى الآن المدة التي يستغرقها القضاء المدني المغربي لمثول معتقلي قضية « أكديم إزيك « وزملائهم الثلاثة المتواجدين خارج السجن مجددا أمام قاضي التحقيق وهيئة المحكمة، خصوصا و أن الأمر بات متعلقا بتكييف التهم وإعداد المسطرة مع ما يصاحب ذلك من فتح تحقيق ابتدائي وتفصيلي واستدعاء لشهود الإثبات والنفي قبل تعيين بداية تاريخ جلسة المحاكمة.»

وقالت منظمة العفو الدولية (أمنستي) التي يوجد مقرها في لندن إن قرار إحالة معتقلي اكديم ازيك على محكمة مدنية «أمر طال انتظاره، وهو بمثابة بصيص أمل من أجل تحقيق العدالة».

وقالت ممثلة «أمنستي» في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ماغدالينا موغربي، إنّه «بعد أن قضت السلطات المغربية بأن معتقلي اكديم ايزيك ستعاد محاكمتهم أمام محكمة مدنية، يجب أن تضمن الآن أن يتم منحهم محاكمة عادلة بما يتماشى مع المعايير الدولية».

وطالبت المنظمة الدولية بضرورة التحقيق في جميع مزاعم التعذيب في حق المعتقلين، وغيرها من أشكال إساءة المعاملة، حيث «من الأهمية استبعاد الأقوال التي تنتزع تحت وطأة التعذيب». ودعت المنطمة «المحكمة أن تعمل على إطلاق سراحهم في انتظار المحاكمة، إلا إذا وجد القاضي أن هناك أسبابا وجيهة لاعتقالهم» كما دعت السلطات إلى الإفراج عن المعتقلين أو منحهم إعادة المحاكمة المدنية العادلة، معتبرة أن أحكام الأدانة السابقة الصـادرة في حق هؤلاء «جـائرة».