راجح الخوري

في سراديب الإستخبارات الروسية "اف سي بي" يطلقون على دونالد ترامب مرشح الحزب الجمهوري للرئاسة الأميركية أسم "الأبله المفيد"، وهو "ذلك الشخص الذي يخوض بحماسة حملة موسكو لزعزعة الإستقرار في أميركا" كما تقول صحيفة "الواشنطن بوست"!

الغثاثة التي تسيطر على السجال الإنتخابي بين ترامب ومنافسته عن الحزب الديموقراطي هيلاري كلينتون، ليست خافية على أحد، وخصوصاً بعدما تحولت الحملة الإنتخابية حفلة من التقبيح والحملات الشخصية، وغابت عنها القضايا السياسية والإقتصادية الكبرى، التي تشغل أميركا وتشغل العالم إستطراداً. والغريب ان فلاديمير بوتين تحوّل أحد أبرز العناصر في السجال الإنتخابي، على خلفية ما يقال عن تدخّله في مسار الإنتخابات وهو ما تنفيه موسكو، بدل ان يكون التركيز على نوع العلاقات بين روسيا وأميركا كما يفترض ان يراها كل من هيلاري وترامب.

في هذا السياق الغريب لا تتردد كلينتون في القول إن بوتين يريد فوز ترامب وقد سعى الى التدخل في الإنتخابات، وإنها تعرف ان اجهزة الاستخبارات الروسية إخترقت موقع اللجنة الوطنية للحزب الديموقراطي ودبّرت عملية إطلاق الكثير من الرسائل الالكترونية، "إنه جهد للتأثير في الإنتخابات وهو في رأيي يثير قضايا تتعلق بالأمن القومي الأميركي"!

لكن هذا ليس اكتشافاً، عندما يدعو ترامب الروس صراحة الى إستخراج عشرات الآلاف من رسائل البريد الألكتروني المفقودة، التي تعود الى الفترة التي تولت كلينتون خلالها وزارة الخارجية: "اذا كنتم تسمعونني آمل ان تتمكنوا من العثور على ٣٠ ألف رسالة بريد الكتروني مفقودة"، وهو يراهن على تأكيد إتهاماته لها بأنها انتهكت القوانين ومارست الفساد لخدمة مصالحها المالية ومصالح زوجها خلال وجودها في وزارة الخارجية!

بوتين الثعلب يتمادى في السخرية عندما يقول مثلاً "إن ترامب ذكي وموهوب"، لكن المأساة وربما الكارثة ان ترامب يصدق ويفاخر بهذا، ويقول إنه قادر بالتعاون مع بوتين على القضاء على "داعش"، وأنه لن يمانع في ان يبقى القرم في قبضة بوتين وان يظل الروس في أوكرانيا.

ليس هناك من شك في ان ترامب عنوان صارخ لفشل تاريخي يضرب الحزب الجمهوري في أميركا، لكن ثمة ما يمكن ان يتجاوز هذا الفشل عندما نُصاب بالذهول العميق ونحن نشاهد تكراراً الأميركيين يصفقون بحرارة في المهرجانات لترهات ترامب.

وعندما يوقّع خمسون من الشخصيات البارزة في الحزب الجمهوري عملوا في الأمن القومي، رسالة تقول ان ترامب لا يصلح للرئاسة وإذا إنتخب سيكون أخطر رئيس في التاريخ الأميركي، ثم عندما يرشّح الجمهوري ايفان ماكملين لقطع الطريق على ترامب، فإن ذلك يعني انه قد لا يصل، لكن السؤال الأهم يبقى : هل هذه معركة رئاسية في أهم بلد ديموقراطي؟