محمود معروف

&قررت النيابة العامة المغربية الطعن بحكم محكمة مغربية من الدرجة الثانية في ملف اغتصاب فتاة قاصر في مدينة بن جرير (60 كلم شمال مراكش)، انتحرت بعد صدورالحكم وهو ما أثار انتقادات واسعة بالاوساط الحقوقية والمنظمات المغربية الناشطة في مجال حرية وحقوق المرأة كما تحدثت تقارير عن انتحار فتاة أخرى اغتصبت في مدينة أصيلة/ شمال البلاد.

وقال بلاغ لوزير العدل والحريات المغربي مصطفى الرميد انه على إثر ما تداولته بعض المنابر الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي بخصوص واقعة انتحار المسماة قيد حياتها «خديجة السويدي»، وبناء على البحث القضائي الذي أنجز بخصوص الشكاية التي سبق أن تقدمت بها الفقيدة بمعية والدتها لدى الشرطة القضائية، تم تقديم الأشخاص المشتبه فيهم أمام الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش.

وأضاف في بلاغ ارسل لـ«القدس العربي» أن الوكيل العام (النائب العام)، «قرر إحالتهم على قاضي التحقيق مع ملتمس بالاعتقال، من أجل جنايات استدراج قاصرة بالتدليس واغتصاب قاصرة دون سن 18 سنة عن طريق الاستعانة بأشخاص آخرين وهتك عرض قاصر باستعمال العنف والاستعانة بأشخاص آخرين واستعمال أعمال وحشية لارتكاب أفعال تعتبر جناية والمشاركة في ذلك»، وأن الفاعل الرئيسي بقي في حالة فرار.

وقال الوزير المغربي إنه وبناء على ما أسفر عنه التحقيق تمت إحالة المتهمين على المحاكمة، حيث صدر قرار قضى بمعاقبة أحدهم بثمانية أشهر حبساً نافذاً من أجل هتك عرض قاصر بدون عنف وبراءته من الباقي وببراءة باقي المتهمين بعدما قدرت المحكمة أن الأفعال المنسوبة إليهم غير ثابتة لخلو ملف القضية من أي دليل باستثناء تصريحات الضحية.

وأكد الرميد، تحمل النيابة العامة للمسؤولية، حيث بادرت إلى الطعن بالاستئناف في القرار، الذي سيعرض على غرفة الجنايات الاستئنافية بتاريخ 24 اب/ اغسطس الجاري لتنظر فيه وفق القانون بناء على ما استجد من عناصر في القضية، خاصة ما ظهر من معطيات جديدة بسبب تهديد المتهمين للضحية بنشر صورها.

وقال إن هاته الواقعة، هي التي أمرت النيابة العامة بفتح بحث دقيق بشأنها أسفر عن وجود قرائن تؤكد تهديدهم لها مما أدى إلى إلقاء القبض عليهم ومتابعتهم في حالة اعتقال من جديد في إطار ملف ثان سيعرض على المحكمة الابتدائية بابن جرير يوم الاثنين الماضي.

وأكد الرميد، أن المتهم الرئيسي الذي بقي في حالة فرار تم إلقاء القبض عليه وتمت إحالته على المحاكمة حيث صدر في حقه قراراً يوم الثلاثاء الماضي قضى بمعاقبته بـ8 سنوات سجناً نافذاً.

وشدد على أن وزير العدل والحريات ليس من حقه التدخل في القضاء، وأن أقصى ما يمكن أن يقوم به هو تحمل النيابة العامة لكافة مسؤولياتها بدءًا من الإشراف على الأبحاث والمتابعة والتماس الاعتقال وممارسة الطعون ضد الأحكام التي قدرت عدم ملاءمتها وتقديم الملتمسات الكفيلة بمعاقبة المتهمين وزجرهم.

وقال إن النيابة العامة ستدافع بقوة بما يمليه عليها القانون وتحرص على إقناع المحكمة بثبوت أسباب الإدانة، وتبقى للمحكمة الكلمة الأخيرة التي لا شك أنها ستناقش القضية على ضوء العناصر الجديدة للقضية وتحكم بما يمليه عليها ضميرها.

واقدمت الطفلة القاصر خديجة السويدي على الانتحار حرقاً بإضرام النار في جسدها ليلة 29 تموز/يوليو الماضي بمدينة ابن جرير وفي حادثة انتحار فتاة مغتصبة قال موقع فبراير.كوم إن شابة انتحرت يوم الجمعة الماضي بتناولها مبيداً للفئران، بعد تعرضها للاغتصاب في مدينة أصيلة المغربية. وطالب تحالف «ربيع الكرامة» المكون من 25 جمعية حقوقية، في تفاعله مع قضية انتحار السويدي، بـ»ضمان شروط المحاكمة العادلة للطرف المدني ممثلاً في والدة الضحية وفي الجمعيات الحقوقية والنسائية التي تتنصب مطالبة بالحق المدني، وإصدار حكم عادل كفيل بتعزيز الثقة في السلطة القضائية وجبر الأضرار في الملف الجنحي الذي سيناقش يوم 15 آب/ يوم الأثنين أمام ابتدائية ابن جرير وفي الملفين الجنائيين أمام محكمة الاستئناف بمراكش، وإيقاف من تبقى من الجناة ومحاكمتهم».

وأضاف التحالف، في بيان ارسل لـ»القدس العربي» أنه «صار لزاما تفعيل دستورية مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وذلك بتدخل المجلس الأعلى للسلطة القضائية من أجل التحقيق مع كل من تدخل بصفته القضائية في هذا الملف من نيابة عامة ومؤسسة قاضي التحقيق وقضاء الحكم، وإصدار العقوبات التأديبية في حق من يثبت تورطه في تجاوز القانون أو عدم تطبيقه أو سوء تطبيقه في اتجاه حرمان الضحية خديجة من الحق في العدالة والحماية القضائية، وكذا تدخل وزارة العدل والحريات ووزارة الداخلية للتحقيق مع أعضاء الشرطة القضائية الذين أشرفوا على إنجاز البحث التمهيدي، ولم يستنفدوا جميع الإجراءات المسطرية المنصوص عليها بقانون المسطرة الجنائية خلال البحث التمهيدي أو أساؤوا تطبيقها، مما ساهم في استمرار اعتداء الجناة على الضحية وتسبب في انتحارها حرقاً».

وأكد التحالف، على ضرورة « التغيير الجذري والشامل للقانون الجنائي في إطار سياسة جنائية قائمة على النوع، وضامنة للعدالة الجنائية للنساء والتي ترجمها تحالف ربيع الكرامة بمختلف مذكراته المطلبية».

ويعتزم التحالف، تنظيم وقفة أمام المحكمة الابتدائية ببنجرير اليوم الاثنين تزامناً مع المحاكمة، تحت شعار «كل نقص في القانون يكلف آلاف الضحايا من النساء».

وحذرت الناشطة النسائية الدكتورة بثينة قروري من تسييس ملف خديجة السويدي التي «انتحرت تعبيراً منها عن إحساس عميق بظلم القضاء لها الذي كانت تنتظر منه أن يرجع لها القليل القليل من كرامتها». وذكرت الناشطة النسائية في حزب العدالة والتنمية (الحزب الرئيسي بالحكومة الذي ينتمحي اليه وزير العدل والحريات) أن القضاء غير تابع لوزير العدل. ونبهت بـ»عدم تسييس قضية تتطلب منا تحليلاً أعمق للظاهرة» وقالت «لا لا لاستغلال قضية عادلة لتصفية حسابات سياسية ضيقة رهينة بسعار ما قبل الانتخابات». وأكدت الناشطة الحقوقية أن النيابة العامة التي لازالت بموجب القانون تابعة لوزير العدل والحريات قد تحملت مسؤوليتها في جميع أطوار القضية.