&علي القرني

&

تعاني الولايات المتحدة الأمريكية ونظامها السياسي من سطوة الحزبين الرئيسين فيها، وهما اللذين يحكمان أمريكا على مر تاريخها السياسي، وهما الحزب الجمهوري والحزب الديموقراطي، وهذه السطوة المهيمنة على شئون الحياة العامة في المجتمع الأمريكي جعلت أحزابا أخرى تقع في دائرة الهامش في القرار السياسي والاجتماعي للحياة الأمريكية. ولهذا يغيب عن العالم معرفة أن هناك ثلاثة أحزاب أخرى في النظام الحزبي الأمريكي، لكنها لا تزال مجهولة أمام الرأي العام الأمريكي من ناحية، وبالتالي أمام الرأي العام العالمي من ناحية أخرى.

وهذه الأحزاب الثلاثة هي أحزاب رسمية مسجلة ولها ناخبون مسجلون في هذه الأحزاب، وهي:

(1) حزب الحرية وقد تأسس عام 1971م، ولديه من الناخبين المسجلين في الانتخابات الرئاسية الحالية 440 ألف ناخب، ويتوجه الحزب في فلسفته إلى الفكر الحر من تقليص تدخل الدولة، وفصل الكنيسة وتأثيرها على الدولة، وتقليص التدخل في السوق الاقتصادية، وكذلك يدعو إلى الهجرة المفتوحة إلى أمريكا، كما يدعو الحزب إلى عدم التدخل في الحروب الخارجية، وإبقاء الولايات المتحدة بعيدة عن النزاعات وتقليص دورها في العالم، وحتى انسحابها من الأمم المتحدة، ويعد الحزب الأكثر نموا بين الأحزاب الفرعية في الولايات المتحدة.

وجاري جونسون هو مرشح الحزب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وهو حاكم سابق لولاية نيومكسيكو، وهو أفضل مرشحي الأحزاب الصغيرة، وفي بعض استطلاعات الناخبين الأمريكيين حصل على عشرة في المائة بمنافسته مع هيلاري كلنتون من الحزب الديموقراطي ودونالد ترامب عن الحزب الجمهوري، كما يحاول جاري جونسون أن ينال حزبه نسبة تبرعات للحزب حتى يتمكن من الدخول في المناظرات الرئاسية، ويصبح حزب الحرية الحزب الثالث المشارك في هذه المناظرات الرئاسية، كما يمكن أن تشارك نائبته في المناظرة بين نواب الرؤساء المرشحين.

(2) الحزب الدستوري، وتأسس عام 1992م، وهي معني بالتجاوزات الدستورية التي تقع من قبل مختلف مسئولي الإدارات الأمريكية؛ سواء على المستوى المحلي أو مستوى الولاية أو حتى على مستوى الكونجرس والحكومة الفيدرالية، وسواء كانوا تنفيذيين أو تشريعيين أو قضاة أو غيرهم.

ويدعو الحزب إلى الدستور الأمريكي وتعديلاته، وقد أعلن الحزب الدستوري مرشحه للرئاسة الأمريكية لهذا العام، وهو داريل كاستيل حاكم سابق لولاية ماساتشوستس.

(3) حزب الخضر، وهو حزب معني بقضايا البيئة والعدالة الاجتماعية، تأسس عام 1984م، وشارك في الانتخابات الرئاسية وفي انتخابات ولايات وانتخابات محلية وغيرها.

وكان رالف نادر أحد أشهر المنتسبين للحزب قد رشح نفسه للرئاسة الأمريكية 2004م كمستقل وليس كممثل للحزب الأخضر، وهذا أدى إلى تقسيمات داخل الحزب، أثرت على تماسكه، لكن عاد الحزب مجددا في التماسك من جديد في الانتخابات التالية. وباطلاعي على الموقع الرسمي للحزب لم يتم اختيار مرشح للرئاسة الأمريكية حتى الآن، علما بأن مؤتمرها السنوي مفترض أن يكون قد انتهى قبل أيام.

وتعد هذه الأحزاب الثلاثة هي أحزاب فرعية وتقع على هامش الناخبين الأمريكيين، رغم أن فكر وفلسفة كل حزب قد تستحق الاهتمام، ويجب ملاحظة أن وجود هذه الأحزاب كان له تأثيره على الحزبين المهيمنين في السياسة الأمريكية (الجمهور والديموقراطي) من خلال تبني القضايا التي تطرحها هذه الأحزاب الصغيرة، ولكن ستظل هذه الأحزاب الصغيرة على هامش السياسة الأمريكية ودوما مجرد فقاعات تظهر وتختفي.

والحزبان الكبيران الجمهوري والديموقراطي يظلان هما المهيمنان على مختلف شئون الحياة الأمريكية، رغم أنهما نشآ من حزب واحد هو الحزب الجمهوري الديموقراطي مطلع القرن التاسع عشر، وانفصلا عبر جناحين اختلفا داخل الحزب الواحد يميني (جمهوري) ويساري (ديموقراطي)، وقد أشرت في مقال سابق إلى هذا الانفصال بين الحزبين.

وإذا نظرنا إلى تأثير الحزب الثالث على الانتخابات الرئاسية الحالية سنجد لا شك أن حزب الحرية على وجه التحديد سيكون له تأثير على أحد الحزبين، خاصة الحزب الجمهوري ومرشحه دونالد ترامب، حيث حزب الحرية هو أقرب إلى الحزب الجمهوري في تناوله للقضايا الأمريكية، وربما يسحب جاري جونسون من رصيد مؤيدي الحزب الجمهوري، وبالتالي تتقلص نسبة مؤيدي دونالد ترامب.