&رغم مرور أكثر من اربعة عقود، لا زالت عملية اغتيال الزعيم والمفكر اليساري المغربي عمر بن جلون، تثير جدلاً لما يشوبها من غموض الاطراف السياسية التي شاركت بها بالاضافة الى دور الدولة في التخطيط للعملية او تنفيذها او حماية مرتكبيها.

مصطفى البراهمة الأمين العام لحزب النهج الديمقراطي اليساري الراديكالي المعارض، في كانون الاول/ ديسمبر 2015، في ندوة نطمت في مدينة وجدة مسقط رأس عمر بن جلون وبمناسبة الذكرى الـ40 لاغتياله قال إن الدكتور عبد الكريم الخطيب (وزير سابق والاب الروحي لحزب العدالة والتنمية، الحزب الرئيسي في الحكومة) متورط في اغتيال عمر بن جلون، وإن النظام كان على علم بذلك».

وبعد ثمانية شهور استدعت الشرطة البراهمة لسؤاله حول ما قاله وهو ما أثار استغراب واستنكار اوساط سياسية وحقوقية بالاضافة الى عائلة بن جلون.

وقام ناشطون في تنظيم الشبيبة الإسلامية (محظور) يوم 18 كانون الاول/ ديسمبر 1975، باغتيال عمر بن جلون احد ابرز قادة اليسار المغربي في حينه والقي القبض على القتلة وحكم عليهم بالسجن الا ان غموضاً بقي يلف الاطراف السياسية التي خططت لجريمة الاغتيال، في ظل صمت الدولة مما اعطى مؤشرات على دورها في العملية او محاولة طيها للملف بدون كشف الجهة التي ساعدت في الاغتيال.

ومثل جريمة اختطاف واغتيال مؤسس اليسار المغربي الحديث المهدي بن بركة، في العاصمة الفرنسية باريس 1965، بقي الغموض سائداً، والدولة تلتزم الصمت في جريمة اغتيال عمر بن جلون عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، رغم العقود التي مرت ورغم الجهود التي بذلت والانفتاح على ملفات كان محظوراً، ورغم ما قامت به هيئة الانصاف والمصالحة في قراءة سنوت الرصاص وما عرفته من انتهاكات لحقوق الانسان.

واستدعت الشرطة القضائية بالرباط يوم الاربعاء الماضي، مصطفى البراهمة، الأمين العام لحزب النهج الديمقراطي، للاستماع إليه بناء على تقدمت به النيابة العامة حول الموضوع إلا أن البراهمة وحزبه اعتبرا ان الاستدعاءلا يخرج عن إطار التضييق الذي تمارسه السلطات على حزبه ونشاطاته.

وقال البراهمة، إن استدعاءه تم على خلفية مداخلة له في ندوة وجدة التي كانت «ارتجالية وقلت فيها إن الدكتور الخطيب متورط في اغتيال عمر بن جلون، وإن النظام كان على علم بذلك» معرباً عن استغرابه تحريكَ هذا الموضوع بعد مرور حوالي 8 أشهر على عقد الندوة، «معروف في الوقت الحالي من قام بالعملية ومن ساندها .. لقد أصبحت الحقائق معروفة. لكن تحريك الملف في الوقت الحالي ليس إلا بغرض التضييق».

واضاف البراهمة بأن من المطالب التي يرفعها «النهج» عقاب المتورطين في الجرائم السياسية، وإذا كان الخطيب من المقدسات فنحن لسنا على علم بذلك بعد».

ووصفت الكتابة الوطنية لحزب النهج استدعاء زعيم الحزب للتحقيق معه بـ»السلوك الاستفزازي والقمعي الذي يعود إلى سنوات الرصاص»، معتبرة أن الأمر «يدخل في إطار التضييق على النهج الديمقراطي، بعد رفض تسليم وصل الإيداع لشبيبته، ورفض تمكين قطاعه النسائي من قاعة عمومية لعقد مؤتمره الوطني الأول»، و»استهداف حقه في التعبير عن رأيه والبحث عن الحقيقة والجهر بها».

وقال محمود عمر بن جلون، ابن شقيق عمر بن جلون، إن استدعاء مصطفى البراهمة، الكاتب الوطني لحزب النهج الديموقراطي، من طرف الفرقة العاشرة للبحث والتقصي، بتهمة قوله – قبل سنة – «إن الدكتور الخطيب متورط في اغتيال اليساري المغربي عمر بن جلون وأن النظام كان على علم بذلك»، هو «استدعاء عبثي»، لأنه كان من الأولى أن يفتح الملف من جديد والبحث عن حقيقة اغتيال عمر بن جلون، بدل استدعاء البراهمة حول تصريحاته بخصوص تورط الدكتور الخطيب في هذا الملف.

وأضاف «الكل يعرف أن الدكتور الخطيب خبأ بعض منفذي عملية الاغتيال في ضيعته في دكالة قبل أن يفروا من أرض الوطن».

وقال «كان سينفرج صدري لو تم استدعاء البراهمة من أجل البحث عن حقيقة اغتيال بن جلون، أما استدعاؤه لأنه قال أن الخطيب له يد في مقتل عمي، فهذا عبث».

وجددت «الشبيبة الإسلامية»، المنظمة كان ينتمي اليها مرتكبو جريمة اغتيال عمر بن جلون، اتهاماتها لعبد الكريم الخطيب، إلى جانب الاستخبارات المغربية، كونه لعب دوراً في الجريمة واعلنت تضامنها – في الوقت نفسه- مع مصطفى البراهمة، الكاتب الوطني لحزب النهج الديمقراطي.

ووصف بيان لـ»الشبيبة الإسلامية» موقف مصطفى البراهمة بـ«الشجاع»، موضحاً أنه «موقف يساري تحرر من مسايرة النظام المغربي في القضية، ومن محاولة بعض «المتياسرين» توظيفها والمتاجرة بها سياسوياً ولو أضر ذلك بسمعة النضال اليساري الأصيل».

وأضافت «الشبيبة الإسلامية» أن «مسؤولية الدولة في الاغتيال ثابتة قبل تصريح الأخ البراهمة بذلك»، بحيث أن «الخطيب نفسه اعترف بأن الملك الحسن الثاني أخبره أن بملف القضية وثائق تدينه بالتورط في التخطيط للاغتيال، واتهمه بذلك مباشرة وصراحة بصفته القاضي الأول في البلاد والأحكام القضائية تصدر كلها باسمه، ثم عندما حول الملك الملف إلى النيابة العامة كانت تلك الوثائق قد اختفت»، مشـيرة إلى أن كل ذلك مسجل بالصوت والصورة وبلـسان الخـطيب نفسه على مـوقع «الــيوتيوب».