&محمد خير الرواشدة

أظهرت النتائج النهائية لانتخابات مجلس النواب (البرلمان) الأردني الجديد، حضوراً لافتاً للمعارضة الإسلامية، وصدقت تكهنات مراقبين في شأن حضور معارضة سياسية عبر مقاعد الدائرة الثالثة في عمان وبعض دوائر المحافظات بشعار تيار الدولة المدنية، في انتظار تشكيل الكتل النيابية وإعلان برامجها السياسية للمرحلة المقبلة.

وعلى رغم تسجيل بعثات مراقبة دولية إشادتها بالعملية الانتخابية على مدار أيام، إلا أن حادث الاعتداء على صناديق اقتراع في دائرة بدو الوسط، وتراجع الهيئة المستقلة للانتخاب في البلاد عن عزمها إعادة الانتخاب في الدائرة، تصدّر الإعلان الختامي للنتائج النهائية الخميس، إذ أكد رئيسها خالد الكلالدة اعتماد النتائج وإلغاء نتائج اقتراع 4 صناديق من أصل 10 تم العبث بها في الدائرة، واصفاً الاعتداء «بالهجوم المسلح».

وعلى مدار أكثر من ساعة، استطرد المعارض اليساري السابق في نقل بعض وقائع الاعتداء على الصناديق، من دون أن يفصح عن الجهات المسؤولة عن الحادث، والتي وصفها بـ «المجرمة»، وقال إن مَن هاجم مراكز الاقتراع «لا يطيق الديموقراطية»، مؤكداً التزام الهيئة تطبيق القانون باعتماد نتائج 13 صندوقاً من أصل 17، إذ بعد مطابقة التصويت الإلكتروني بالورقي، ثارت شبهة العبث بها في 4 مراكز اقتراع.

وتركت الوقائع التي قدمتها الهيئة المستقلة في شأن العبث بصناديق الدائرة، الباب مفتوحاً أمام القضاء للبت في الطعون المحتملة في نتائج الدائرة، وسط تردد روايات غير مؤكدة عن تدخل جهات مؤثرة في دائرة بدو الوسط في الاعتداء على الصناديق.

واعتبرت الهيئة المستقلة للانتخاب أن حادث دائرة بدو الوسط وإن كان عكر صفو العملية الانتخابية، إلا أن رئيسها اعتبر في المقابل أن الهيئة حققت نقلة نوعية على مستوى نزاهة الانتخابات البرلمانية في تاريخ البلاد.

وعلى صعيد تركيبة المجلس الجديد المنتخب، سيطرت الغالبية النيابية التقليدية المحافظة على مقاعده، إلا أن وجود معارضة إسلامية منظمة في البرلمان منذ سنوات، يثير مخاوف جهات رسمية لقدرة المعارضة على التأثير في مساحات واسعة من الرأي العام، وفق مراقبين.

وتشير تصريحات قيادات المعارضة الإسلامية التي تمثلها جماعة «الإخوان المسلمين» الأم، عبر ذراعها السياسية حزب «جبهة العمل الإسلامي»، إلى عزمها التوسع في تحالفها الوطني الذي أحرز 15 مقعداً من أصل 130 مقعداً في البرلمان، في الوقت الذي أخفقت الأحزاب القومية واليسارية في حصد أكثر من مقعد واحد لحزب «البعث» العربي التقدمي المقرب من دمشق، بينما حضر بعض الحزبيين تحت القبة بواقع إجمالي بلغ 27 حزبياً من أصل 216 ترشحوا للانتخابات. ومن بين الفائزين 10 من حزب «جبهة العمل الإسلامي»، و4 يمثلون تيارات إسلامية موازية منشقة عن «الإخوان» الأم.

وتبقى تحالفات الإسلاميين تحت القبة مفتوحة مع نواب مستقلين قد تستقطبهم تقاطعات المصالح لجهة برنامج كتلة «تحالف الإصلاح الوطني» بقيادة نواب «العمل الإسلامي».

وللمرة الأولى، سجلت «الكوتا» النسائية المخصص لها 15 مقعداً نيابياً، حضوراً غير مسبوق، بإحراز 5 مقاعد نسائية إضافية بالتنافس خارج «الكوتا»، ليصبح العدد الإجمالي 20 مقعداً نسائياً تحت القبة.

كما حملت نتائج البرلمان مفاجأة على مستوى إطاحة رموز تقليدية ذات ثقل عشائري واسع، من بينها النواب السابقون سعد هايل السرور، ومفلح الرحيمي، والحزبية البارزة عبلة أبو علبة، فيما حظي الوزير السابق الشاب محمد نوح القضاة بأعلى عدد للأصوات في البلاد.