شمسان بن عبد الله المناعي

كان عام 2016 عام الحروب وأعمال الإرهاب، ولست هنا بصدد سرد أعمال الإرهاب التي حدثت وإحصائها، فلقد انتشر هذا الوباء في معظم دول العالم وبلغ مرحلة تسببت في انتشار ما يسمى «ظاهرة فوبيا الإرهاب» وأخذت الجماعات الإرهابية مثل «داعش» و«القاعدة» و«الحشد الشعبي» وغيرها من هذه التنظيمات الإرهابية تصول وتجول في كل مكان من العالم، وماذا عسانا أن نقول بعد ثاني الحرمين الشريفين ومسجد النبي محمد صلى الله عليه وسلم حيث بلغ الإرهاب إلى هناك؟
وتميز العام المنصرم بظهور الأحلاف الدولية والإقليمية بقصد القضاء على هذا الإرهاب، وإذا بها تزيد النار اشتعالاً حيث أخذت بعض هذه الأحلاف تغير من مسارها وتخطئ الهدف كما حدث في سوريا، حيث ظهر التحالف الروسي الإيراني مع النظام السوري والميليشيات الشيعية التي جاءت من مختلف بقاع الأرض وتسببت في حدوث مجازر لم يشهدها العصر الحديث، حيث أبيدت المدن السورية مثلما حدث في حلب وأخذت الطائرات والدبابات الروسية الحديثة تدك المدن السورية وتقتل المدنيين والآمنين دون تفرقة ولا تمييز بين أطفال ونساء وكبار السن.
وهناك متغيرات دولية أدت إلى كل ذلك، حيث شهد هذا العام ضعف النفوذ الدبلوماسي والعسكري لإدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي أراد أن يتبع بما سمي «السياسة الناعمة» في الشرق الأوسط... هذه السياسة التي جعلت الساحة في كل من العراق وسوريا مفتوحة لكل من يريد أن يحقق مصالح له، ومن هذه الأطراف إيران، التي قبضت على نظام الحكم في العراق ونهبت خيراته في عهد حكومة المالكي، ولا تزال، ومن الدول الأخرى التي تدخلت فيها لتحقيق مصالح لها، روسيا، التي تطمح لأن تعيد أمجادها... حدث هذا كله بسبب السياسة التي اتبعها أوباما، وجاء في مقابلة صحافية مع هيلاري كلينتون عندما كانت وزيرة للخارجية الأميركية قولها إن «أوباما قال لها في حديث معه: عندما يكون لدينا جيش مهني ومحترف ويكون ثمة قتال ضد مزارع ومهندس بدوا محتجين ثم وجدا نفسيهما فجأة وسط حرب أهلية، وهو الوضع في سوريا، فإنه لا توجد طريقة يمكن من خلالها للقوات الأميركية أن تغير من المعادلة على الأرض فلا حاجة لنا لإرسال قواتنا هناك». وتتابع كلينتون: «الفشل في بناء قوات مقاتلة ذات مصداقية من المعارضين لنظام بشار الأسد تضم الإسلاميين والعلمانيين... الفشل، ذلك هو الذي أوجد فراغًا، وهو الفراغ الذي ملأه المتطرفون الآن»، وبدورنا، نقول هذا الفراغ هو الذي ملأته روسيا بالتدخل بطائراتها وكان السبب الجوهري في سقوط حلب.
وفي استغلال هذه اللحظة من الضعف الأميركي، سعى فلاديمير بوتين إلى تعزيز نفوذ روسيا، حتى وإن أدى ذلك إلى انتهاكه القوانين والأعراف الدولية، كما الحال في ضم شبه جزيرة القرم إلى بلاده، وانتهى هذا العام بمأساة إنسانية وهي مجزرة حلب التي قام بها التحالف الروسي الإيراني مع النظام السوري والميليشيات الشيعية في ظل موقف دولي إذا لم يكن متواطئًا مع هذا التحالف فهو ضعيف حيث شرد ثلاثة وخمسين ألف إنسان من بيوتهم.
يبقى السؤال الذي يُطرَح: كيف عساه يكون عام 2017؟ هناك عدة متغيرات تبشر بأنه عام سوف يكون أفضل من عام 2016. والتفاؤل ووجود الأمل عند الإنسان هو الذي يجعلنا نقول بذلك، والبشائر على ذلك، منها: وافق مجلس الأمن الدولي مساء الجمعة 23 ديسمبر (كانون الأول) 2016 بأغلبية ساحقة على القرار 2334 الذي يطالب إسرائيل بوقف الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهو القرار الذي أثار سخط إسرائيل.
ومن باب التمني نرجو أن يكون الاتفاق الذي تم بين روسيا وتركيا وإيران حول وقف إطلاق النار في الأراضي السورية كافة وبدء محادثات حول مستقبل سوريا، يمهد لحل للقضية السورية يصب في مصلحة الشعب السوري.
مجمل هذه المؤشرات تعطي لنا الأمل في أن عام 2017 سوف يكون أفضل من العام السابق، وكذلك مجيء الأمين العام الجديد لمنظمة الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس الذي أعلن عزمه على أن يجعل من 2017 «عامًا من أجل السلام»، في رسالة بثت بمناسبة العام الجديد وتسلمه مهام منصبه.