أحمد الجميعة

بدأ الرئيس دونالد ترامب مهامه رئيساً للولايات المتحدة الأميركية، وتحولت أنظار العالم إلى سماع خطابه، ومواقفه، وسياساته، بعد أن أصبح في واجهة الأحداث، وعاصفة التحولات التي تركها الرئيس أوباما معلقة بلا حسم، وتحديداً قضايا الشرق الأوسط المعقدة بعد انتهاء فصول ربيعه، والفوضى الخلاّقة لمصيره، وإيديولوجيا الصراع الذي بدأ بالإرهاب، ولن يتوقف عنده، بل سيمتد إلى سيناريوهات محتملة، خاصة بعد النفوذ الروسي في المنطقة، وبروز العملاق الصيني في مهمة إعادة التوازن الاقتصادي للعالم.

ترامب الذي فاجأ الجميع بالفوز في حملته الانتخابية لن يكون على حاله، وقراره، ومشروع يمينه، بل سيكون رئيساً مختلفاً ليس فيما قاله كمرشح، ولكن فيما سيقوله كرئيس، ويكشف عنه، فالخطاب التسويقي لكسب الجماهير انتهى، وحان الوقت لخطاب جديد تكتبه المصالح، ويوثّقه التاريخ، وتُبنى عليه تحالفات، ومصائر دول، وسلم العالم واستقراره، وبالتالي علينا أن ننتظر أكثر من أن نحلل، ونتنبأ؛ لأننا باختصار أمام ظاهرة جديدة لرئيس أميركي لم يأتِ من الباب المعتاد للساسة، والقادة، ونفهم ماذا يريد، وما هي توجهاته، وأجنداته، وإنما جاء من باب رجال الأعمال، وإدارة الثروات، والمصالح الشخصية، ولهذا لا تبدو خلفيته عن الواقع متجذرة في فهم أبعاده، وعلاقاته، ودروسه أيضاً، والدليل أن بعض من عيّنهم في مناصب قيادية يختلفون معه، خاصة في نقل السفارة الأميركية إلى القدس بناء على معايير الصداقة ومن دفع في حملته الانتخابية.

أميركا القوة الأولى في العالم لن تترك ترامب لخياراته حتى لو كان رئيساً، والسبب أنها دولة مؤسسات، وليست شركات أفراد، أو علاقات أشخاص، فوزارة الخارجية، والدفاع، والأمن القومي، والاستخبارات لديها تقارير، وتوجهات، وسياسات، ومصالح أيضاً، ولا يمكن أن تتراجع عنها، أو تتجاوزها من دون أن يكون لها موقف وقرار؛ لأن أميركا الديمقراطية عودتنا أنها ليست كذلك حين يكون أمنها القومي في خطر، ولهذا لن تتخلى أميركا عن دورها في الحوار والتفاوض السياسي، وتحديداً مع حلفائها، ولن تتخذ موقفاً تسلطياً أو عسكرياً تحت ذريعة الأمر الواقع الذي تحدث عنه ترامب المرشح، ومن ذلك قضية اللاجئين، والهجرة، وسور المكسيك، وضرائب الشركات الأوروبية.

العالم العربي ينتظر، ولا خيار له سوى ذلك، ولكن عليه أن لا يتفاءل كثيراً حتى تقترن الأقوال بالأفعال، وتحديداً من موقفه تجاه إيران، وبشار الأسد، والحرب على الإرهاب، وحينها نرى ترامب، ونتعامل معه، ونكشف من يقف خلفه في صناعة قراره، مع التأكيد على أن أميركا لا غنى عنها حتى لو اختلفنا معها.