كولين بي. كلارك

 بعد أكثر من ثلاث سنوات بقليل من اقتحام تنظيم «داعش» الساحة العالمية، من خلال الاستيلاء على مساحات واسعة من الأراضي في أنحاء مختلفة من العراق وسورية، فإن الحملة ضد جماعات التنظيم قد حققت تقدما كبيرا. لكن التنبؤات بانهيار هذه الزمرة نهائيا قد تكون سابقة لأوانها. وأن ما يشهده العالم من نواح عديدة، هو عملية انتقال من منظمة متمردة لها مقار ثابتة إلى شبكة إرهابية سرية منتشرة في جميع أنحاء المنطقة والعالم.


طردت قوات الأمن العراقية مقاتلي داعش من المدن الرئيسية التي كانوا يسيطرون عليها من قبل، بما في ذلك الفلوجة والرمادي وتلعفر، ومؤخرا الموصل التي كانت قاعدة هامة لعمليات المتمردين خلال السنوات الثلاث ونصف السنة الماضية. 
وقد يضطر تنظيم داعش إلى تغيير استراتيجيته وتكتيكاته، حيث بدأ يستعد بشكل استباقي للمرحلة التالية من الصراع. وباختصار، فهو ينتقل من منظمة متمردة إلى جماعة إرهابية... وفي المستقبل المنظور ستواصل المجموعة العمل تحت الأرض في المناطق الصحراوية في شرق سورية وغرب العراق، معتمدة على تكتيكات العصابات الكلاسيكية مثل القنص والكمائن والهجمات على الطائرات وتفجير السيارات المفخخة والاغتيالات.
إن التحول من التمرد إلى الإرهاب سيؤدي إلى تحول داعش إلى الموارد لتعزيز الامتيازات القائمة في أفغانستان وليبيا واليمن وشبه جزيرة سيناء في مصر. وسيسعى في الوقت نفسه للدخول في دول أخرى فاشلة وأقاليم غير خاضعة للرقابة متعاطفة مع إيديولوجة التنظيم، من شمال القوقاز إلى جنوب شرق آسيا.
ومن المرجَّح أن يتضمن جزءا من استراتيجية داعش تركيزا مجددا على التخطيط والقيام بهجمات مذهلة في الغرب، وهو جزء من محاولة لجذب الانتباه وإثبات أن المجموعة، إن وجدت، قادرة على الصمود في وجه القمع. 
ومن المرجَّح أن يستمر داعش في استخدام الاتصالات المشفرة لتوجيه الهجمات الإرهابية في الخارج، حتى عندما يتحول إلى كيان أقل مركزية. ومن المرجَّح أيضا أن يكون لهذا العنصر الظاهري أهمية أكبر، حيث تحث المجموعة أتباعها في جميع أنحاء العالم على ارتكاب أعمال عنف باسمها، إلى أن تتم استعادة الخلافة في تاريخ لاحق لم يحدد بعد. ويجب على الحكومات أن تستجيب باستراتيجية شاملة لمكافحة الإرهاب، تنطوي على مزيج من مبادرات السياسة العامة، من زيادة تبادل المعلومات بين أجهزة الاستخبارات والأمن إلى برامج ممولة تمويلا جيدا وذات كفاءة عالية ترُكز على مكافحة التطرف العنيف.
إن الاعتراف بانتقال داعش من تنظيم للمتمردين إلى شبكة إرهابية أمر بالغ الأهمية لصياغة الاستراتيجية الصحيحة وتخصيص الموارد المناسبة اللازمة للقتال، من أجل هزيمته في نهاية المطاف. ويتطلب ذلك استخدام مزيج من الأدوات العسكرية والشرطية والدبلوماسية والاقتصادية من أجل التصدي بفاعلية لحملات العنف التي يشنها داعش.

كولين بي. كلارك - عالمة سياسية في مؤسسة «راند» الأميركية وزميلة مشاركة في المركز الدولي لمكافحة الإرهاب في لاهاي- مجلة (فورين أفيرس)– الأميركية