أحمد محمود

دعيت يوم السبت الموافق 23 سبتمبر لحضور مائدة مستديرة نظمها مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام بالتعاون مع السفارة اليابانية تحت عنوان "الحوار الأكاديمي العربي اليابانى: نحو شراكة أكبر بين مصر واليابان".

دار الحوار فى مجمله حول قضايا الإرهاب التى يعانى منها الدولتين وكيفية العمل على تعظيم الشراكة بينهما لمكافحة الإرهاب بصورة أكثر فاعلية، خاصة وأن اليابان تعانى من تهديدات كوريا الشمالية التى تضعها اليابان فى خانة الأعمال الإرهابية تماماً كما تعانى مصر من العمليات الإرهابية التى يقوم بها المتطرفون بدعم من دول راعية للإرهاب ويسعون من خلالها إلى تقويض استقرار الدولة المصرية.

دفعنى ذلك إلى التفكير فى قضية أخرى مرتبطة ارتباطا وثيقاً بموضوع الندوة ألا وهو الاستثمار، فالإرهاب الموجود بالفعل والمحتمل أيضاً، يشكلان عائقاً أساسياً أمام جذب الاستثمارات الخارجية التى تسعى الدولة المصرية لجذبهاً لإنعاش الاقتصاد المحلى وتوفير العملة الأجنبية.

والحقيقة أن الدولة تسعى للمزيد من التنمية الصناعية وتحاول ايجاد سبل للتعاون مع الدول الصناعية الكبرى لتنمية الصناعات المصرية، كان أحدث تلك المحاولات هو توقيع مذكرة للتفاهم بين وزارة التجارة والصناعة، ممثلة بهيئة التنمية الصناعية وشركة سنغافورة القابضة المحدودة الخاصة وذلك لتطوير المدينة الصناعية فى "كوم أوشيم" بمحافظة الفيوم في مصر، تلك المذكرة التى شهد التوقيع عليها رئيس الوزراء شريف إسماعيل ووزير التجارة والصناعة طارق قابيل بحضور سفير سنغافورة إلى جمهورية مصر العربية السيد بريمجيت ساداسيفن.

تلك المذكرة مدتها عامان، وتسري فوراً للقيام بدراسات الجدوى المشتركة، وللتخطيط الحضري و التسويق العالمي، حيث ترى الحكومة المصرية أن لهذا المشروع أولوية ذلك أنه ينسجم مع رؤية الدولة المصرية فى التنمية الاستراتيجية المستدامة لمصر حتى العام 2030.

هذه الشراكة وما يماثلها سوف تكون هى الطريقة الأمثل للنهوض بالاقتصاد المصري، لكن جذب المزيد منها يقتضي طمأنة العالم حول الحالة الأمنية المصرية، ومدى ما حققته الدولة المصرية فى مجال مكافحة الإرهاب.

صحيح أن التطرف أصبح هماً عالمياً، وأن الكثير من دول العالم باتت تعاني منه، لكن المستثمر بشكل عام لا يعرف التعاطف السياسي، حتى لو كان ذلك مع دول مهددة بالإرهاب، لقد تعلمنا أن راس المال "جبان"، وأن المستثمر لا يريد أن يخاطر بأمواله إلا إذا ضمن الربح وربما المضاعف بأضعاف مضاعفة أيضاً...

مما يبدو لي أن الدولة المصرية تبذل الكثير من الجهد، وتنجح بعلاقاتها المتوازنه فى جذب الاستثمارات، لكن من واجب الحكومة أيضاً أن تعمل على طمأنة المستثمر الأجنبي، ليس فقط بإصلاح قطاع الاستثمار عن طريق تفعيل الشباك الواحد وإصدار القوانين المنظمة للإستثمار، ولكن أيضاً بدفع الإعلام على أن يظهر الصورة الإيجابية للأمن المصري والإستقرار الموجود فعلاً، بغض النظر عن الحوادث الأمنية المحزنة وعددها قليل، ونتمنى ان يتم القضاء علي مرتكبيها والمخططين لها قريباً، ومع ذلك فالمشاهد لشاشات الفضائيات والمتابع للصحف المصرية التى تفرط فى الحديث عن الإرهاب فى مصر، يتصور أن الوضع الأمنى خطير جداً، مع أن أجهزة الأمن بذلت ولا زالت تبذل جهداَ كبيراً ومتميزاً فى الحفاظ على الاستقرار الأمنى فى مصر.

يجب أن تعيد الدولة المصرية النظر فى السياسات الإعلامية التى تعرض قضايا الأمن المصرى، فالإفراط فى تناول الأشياء قد يأتى أحياناً بعكس النتائج المرجوة، حتى لو كان هذا الإفراط من قبيل التعاطف مع الضحايا ، ذلك أن هذا الإفراط يؤثرحتماَ وبشكل سلبي على جهود الدولة في جذب الإستثمار والسياحة أيضاً، إذ كيف يمكن أيضاً أن تقنع سائحاً أجنبياً يبحث عن مكان ليقضي فيه عطلة هادئه وحدة أو يصحبة اسرته بالمجئ إلي بلد تحتل كلمة "إرهاب" النسبة الأكبر من عناوين الأخبار فيه؟!..
يجب أن تصر الدولة على أن تتوازن الرسالة الإعلامية حول مشاكل الإرهاب فى مصر، تماما كما يحدث فى معظم أنحاء العالم ، وأن لا تترك الأمر للارتجال فعلى الرغم من أنه كما يبدو لي أن القيادات الإعلامية الحالية تمتلك رؤيا علمية أو عقلانية حول الطريقة المثلي لتغطية مثل تلك الأوضاع، إلا أن وضع خطة وسياسة إعلامية متوازنة يمكن أن يجنب تلك المؤسسات الإعلامية الوقوع فى الأخطاء المهنية في هذا الموضوع بالذات، حينها سوف يسهل طمأنة المستثمر الأجنبي وجذبه للاستثمار فى مصر بكثرة و بطريقة أكثر فاعلية واستقرار عن طريق التغطية الإعلامية الدقيقة والمتوازنة.