ضاري الشريدة 

مرة أخرى... لا أريد الانزلاق في طريق غير محسوبة العواقب، ولا أريد الخوض في أزمة الخليج حتى لا أساهم في الدفع باتجاه معين، عبر وقوفي إلى جانب أحد أطراف الأزمة أو حتى من خلال اتخاذ الحياد، لوجود أمل يساورني بأن الأمور ستعود إلى نصابها ولو بعد حين، ولذلك فضلت السكوت وغض الطرف في مقالاتي الصحافية وحسابي في «تويتر». فأنا أتابع عن كثب ولكن... بصمت.

في إحدى المرات انتقدت بعض توابع الأزمة، المتمثلة في تسخير صحف وغيرها من الوسائل الإعلامية، التي نجحت في شحن العامة ودفعت بدورها المواطن الخليجي في بعض الدول إلى واجهة المشهد السياسي، حتى أصبح الجميع، سياسيين ومحللين استراتيجيين، رغم أنهم لا يتحدثون بلغة السياسية بقدر ما يكيلون السباب والشتائم والإساءة للطرف الآخر أو لرموز قيادية. ولم يسلم من إساءاتهم رجال الدين وبعض الرموز الفنية من هذه الحملات إلى جانب رجال السياسة.

اليوم، الشعوب تهاجم بعضها البعض، وكأن الخلاف هو خلاف شعبي وليس بين بعض الحكومات، بات المشهد الخليجي أكثر تعقيدا وأكثر صعوبة للحل والعودة إلى سابق العهد. وأخشى ما أخشاه أن يصل الجميع إلى نقطة اللاعودة، والتي قد ينفرط معها هذا العقد السداسي الجميل المتمثل بمجلس التعاون الخليجي، لتذهب كل تلك السنوات الطوال سدى، وتضيع إنجازات ذلك الجيل المؤسس الرائع، الذي كان يرى في مجلس التعاون بؤرة للعمل العربي المشترك، وفرصة لانطلاقة حضارية شاملة تعم أرجاء دول الخليج التي قطعت شوطا كبيرا في التعاون.

نصيحتي للجميع: أرجوكم تجاهلوا أي إساءات توجه إليكم، ولا تكونوا سبباً مباشراً في غياب صوت العقل والحكمة. فقط تجاهلوا وصموا آذانكم من أجل مصلحة الإقليم والمنظومة الخليجية، ولا تسكبوا الزيت على النار. انطقوا بالخير وتأليف القلوب أو اصمتوا أرجوكم. إنها عميقة جداً تلك الروابط والوشائج التي تربطنا بأهلنا في دول الخليج، وفي مقدمها رابطة الدم والنسب والقربى. تجمعنا الأخوة في الدين والثقافة والتراث. تجمعنا وحدة التاريخ ووحدة المصير ووحدة المواقف في محن شتى عصفت بمنطقتنا مرات عديدة، الأعداء متربصون من كل جانب وسعيدون جدا بهذا الخلاف، ولكل مواطن خليجي أقول، كن مفتاحا للخير، فلعل الله بعد ذلك يحدث أمراً.

***