نونيهال سينج
يوم أمس أقال حزب الحاكم فى زيمبابوى (زانو بى إف) الرئيس روبرت موجابى من رئاسة الحزب وعين نائب الرئيس السابق إيمرسون منانجاجوا رئيسا جديدا له. الجيش كان قد أعلن يوم الأربعاء الماضي أنه «سيستهدف المجرمين» الذين يتسببون في «إحداث معاناة اجتماعية واقتصادية في البلاد».
وأوضح «مويو» أن ما يحدث «ليس استيلاءً عسكريّاً على السلطة». وبعد ذلك، أعلن الجناح الشبابي لحزب الاتحاد الوطني الإفريقي الزيمبابوي الحاكم موقفه الخاص على تويتر، وجاء في التغريدة أنه «خلافاً للتقارير الدولية، فإن جيش زيمبابوي الباسل لم يدبر انقلاباً، بل إنه ببساطة ينفذ مشروعاً وطنياً ديمقراطياً، وهو يفعل ذلك برباطة جأش وسلمية». وعلى رغم اللغة الشعرية، كان من الواضح للعديد من المراقبين أن الأحداث قد تكشفت عما يشبه حالة انقلاب فعلي. فقد بادرت جهات فاعلة في الجيش مرتبطة بقائده «كونستانتينو تشيوينجا» ونائب الرئيس المخلوع مؤخراً «ايمرسون منانجاغوا»، بالسيطرة على البلاد، بينما سيطر الجنود على مبنى الإذاعة والتلفزيون والبرلمان والمحاكم ومقر إقامة الرئيس وغير ذلك من المواقع الحيوية في المدينة. وتم وضع موجابي وزوجته، نائب الرئيس «جريس موجابي» قيد الإقامة الجبرية، بينما اعتقل الجيش أيضاً عدداً من حلفائها الرئيسين.
وحتى البيان الذي أكد أن الرئيس آمن، فيه تكرار لعبارة نمطية تكاد تكون معروفة في مثل هذه الحالات. ثم إن موجابي لو كان آمناً حقاً، لكان هو نفسه قد تولى التصريح بذلك.
وعلى رغم هذا، فقد كانت هناك حالات في دول أخرى، حيث تدخل الجيش ولكنه لم يسيطر على السلطة، بل حصل بدلاً من ذلك على تنازلات من الحكومة، وبعدها عاد إلى ثكناته. ولكن هذا أيضاً نادراً ما يحدث، لأنه بمجرد أن يكشف الانقلابيون عن استعدادهم وقدرتهم على تهديد الحكومة، يكونون بذلك قد ضحوا بميزة عنصر المفاجأة وتركوا أنفسهم عرضة للانتقام في وقت لاحق. وعادة ما ينجم مثل هذه الأحداث عن فشل الحكومة في دفع رواتب الجيش، ما يؤدي إلى تمرد عفوي يتم حله بضمانات موثوقة بالدفع الوشيك للمتأخرات والحصانة من العقوبة.
والسؤال، إذا كان هناك بالفعل انقلاب في زيمبابوي، فلماذا إذن يتظاهر فصيل «تشيوينجا» بأنه يفعل ذلك بشكل سلمي ورباطة جأش؟ ولماذا يتفاوض مع روبرت موجابي؟ ولماذا ترك موجابي حراً لإلقاء كلمة في حفل تخرج بالجامعة؟ إن نفوذ موجابي في هذا الوضع ينبع من مصادر قليلة، أولها الموقف العام القوي جداً ضد الانقلابات. ولو كان هذا الوضع قد اعتبر «انقلاباً» وليس «تصحيحاً سلمياً»، لكانت زيمبابوي قد حرمت من المساعدات الاقتصادية التي تقدمها الدول الغربية. ولكانت أيضاً طُردت من الاتحاد الأفريقي.
والعامل الثاني، أن البعض يزعمون أن كبار الضباط قد استشاروا جنوب أفريقيا قبل التدخل، وأنهم قد حصلوا على إذن طالما أنهم يزعمون أن هذا كان «إجراء دستورياً»، ولا خطر من أن تمتد الاضطرابات عبر الحدود.
وهناك عامل ثالث أيضاً هو أن الزيمبابويين يؤيدون الحكم المدني والديمقراطية بهامش كبير. والحكومة التي تأتي نتيجة لحدوث انقلاب لا تحظى عادة بتأييد كبير بين المواطنين. ومن ناحية أخرى، فإن نفوذ موجابي كان ينبع أيضاً من الاحترام التاريخي له بين الزعماء الأفارقة، وقدرته على منح شرعية كبيرة داخل الحزب لمن سيخلفه بموافقته.
وفي الوقت الحالي، كانت هناك منذ البداية جهود سلمية للضغط على موجابي للخروج: فقد دعته 10 منظمات من الحزب الحاكم للتنحي، كما طالبت مظاهرات حاشدة قامت في العاصمة يوم السبت باستقالة موجابي. وفي الأخير صوت الحزب الحاكم يوم أمس الأحد على عزله، في النهاية.
* أستاذ مساعد في إدارة شؤون الأمن القومي في كلية الحرب البحرية في نيوبورت، رود آيلاند
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
التعليقات