بغداد 

طبقاً لما أعلنه الناطق باسم التحالف الدولي ضد داعش الكولونيل راين ديلون، بأن مهمة التحالف الدولي في سوريا والعراق تنحصر بعمليات استقرار طويلة الأمد، فإن وجود عدد كبير من المستشارين الأميركيين الموزعين في عدة قواعد أميركية في العراق يثير كثيراً من الأسئلة والشكوك، سواء في أوساط المسؤولين أنفسهم أو الرأي العام.

المتحدث الدولي قال، في تصريحات صحافية، أمس (الأربعاء)، إن «المهمات المستقبلية المطلوبة من القوات الأميركية في سوريا والعراق تنحصر بالقيام في عمليات استقرار طويلة الأمد والحفاظ على الإنجازات والنجاحات ضد التنظيم الإرهابي». لكن هذه العبارة الطويلة تجد لها أكثر من تفسير حتى في الأوساط الرسمية العراقية. فالنائب عن ائتلاف دولة القانون جاسم محمد جعفر، وهو أحد المقربين من رئيس الوزراء حيدر العبادي، يقول إن هناك اتفاقاً رباعياً إيرانياً أميركياً تركياً روسياً لسحب قواتهم من العراق وسوريا مع الإبقاء على قليل من المستشارين لأغراض التدريب، مبيناً أن «جميع القوات سيتم سحبها من الدولتين».

وأضاف جعفر أن «الاتفاق بدأ العمل به فعلياً منذ عدة أيام خصوصاً في سوريا»، لافتاً إلى أن «القوات الموجودة بالعراق ومع انتهاء المعارك العسكرية قد دخلت ضمن الاتفاق وبدأ انسحابها مع إبقاء المستشارين فقط، إلا في حال حصول اتفاق مع إقليم كردستان على إبقاء بعض القواعد هناك نتيجة للتوتر السياسي والأمني الحاصل خلال هذه الفترة».

هذه التصريحات التي تتحدث عن وجود قوات أميركية لا مستشارين فقط تتناقض مع كل تأكيدات الجهات الرسمية العراقية، وفي المقدمة منها رئيس الوزراء العبادي نفسه، بعدم وجود قوات برية «أجنبية» داخل العراق، سواء أكانت أميركية أم إيرانية أم غيرها. وبينما يؤيد الخبير الأمني والاستراتيجي هشام الهاشمي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، وجوداً جزئياً أميركياً برياً في العراق «قوامه قوات خاصة أحادية المهمات لا يتعدى عدد أفرادها بضع مئات، كان وافق على وجودهم رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بهدف التعامل المنفرد مع تنظيم داعش من خلال مهمات لا يسألون عنها»، فإن مصدراً عراقياً طلب عدم الكشف عن اسمه أكد لـ«الشرق الأوسط» وجود «قوات أميركية في عدد من القواعد الأميركية مثل عين الأسد والكيارة وبلد، وكذلك في أربيل، حيث توجد قوات أميركية برية». ويضيف المصدر الخاص أن «ما يُعلَن عنه هو أنهم مستشارون لكن من الثابت أن هناك وجوداً أميركياً، خصوصاً في كردستان»، لكن الهاشمي يفند جزئياً هذه الرواية قائلا إن «الكلام عن قوات أميركية برية في قاعدة أربيل صحيح، لكن في القواعد العراقية الأخرى هناك عدد كبير من المستشارين الأميركيين، وحتى من دول أخرى لكن كثافة الوجود الأميركي على هيئة مستشارين مع وجود هذه القوة النوعية التي لا تسأل عما تقوم به، وهي قامت بالفعل بعدة عمليات في كل من سوريا والعراق لاعتقال قيادات بارزة من تنظيم داعش، وربما يوحي للبعض أن هناك قوات برية أميركية في العراق».

وبالعودة إلى تصريحات الناطق الرسمي باسم التحالف الدولي بشأن الوجود الطويل لضمان عدم تكرار ما حصل والحفاظ على الإنجازات، فإنه واستناداً لما يجري تداوله في العاصمة العراقية بغداد، فإن الجهات الحكومة العراقية تسعى إلى إعادة تكييف الوجود الأميركي بما يتناسب مع المهمات المستقبلية، سواء في إعداد القوات العراقية وتدريبها أو على صعيد المعلومات الاستخبارية التي بات يحتاج إليها العراق في مرحلة ما بعد «داعش».

رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراق حاكم الزاملي يقول في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «الوضع الحالي للقوات العراقية يُعدّ وضعاً جيداً بعد الخبرة التي اكتسبتها في معارك، السنوات الثلاث الماضية، لكن الأمر يحتاج إلى إعادة نظر في بعض القيادات الأمنية، وكذلك في نشر قوات، خصوصاً في المناطق المتاخمة لإقليم كردستان». ويضيف الزاملي أن «الأمر يتطلب كذلك مسك الحدود بشكل جيد وكذلك تفعيل الجانب الاستخباري»، مبيناً أنه «ليس هناك حاجة لكل هذا العدد من المستشارين الأميركيين أو غيرهم، لكن بما لا يؤثر على عمل القطعات العسكرية أو التدخل في الجانب الأمني الذي يجب أن يبقى عراقياً بالكامل».