زينب ابراهيم

في هذا اليوم أحس بشيء لا يمكن شرحه، كأني في زمن بروست الضائع أتحايل على اللحظات، وأكتب أحلام المستقبل، أقرأ كتاباً كأول كلمة افتتاحية على سطر عقلي وأتساءل أسئلة خالية من المعنى، جرب أن تكون امرأة في زمن الفيلسوف نيتشه؟ لا ترفع حاجبيك وانتظرني لأنهي كلامي، فالقادم أقسى وأمر! أو ما رأيك لو كان نيتشه وزيراً للمرأة؟ توقف قليلاً، هل قلت وزيراً للمرأة؟ نعم فمن يتتبع ويقرأ فلسفة نيتشه سيعرف أنه عدو للمرأة وليس صديقاً لها، فهو من يقول: "إن حب المرأة ينطوي على تعسف وعمى البصيرة عن كل ما لا تحبه، المرأة كائن غير قادر على الصداقة: فهي لا تزال كالقطط، أو الطيور، أو الأبقار على أفضل الأحوال". (كتاب هكذا تكلم زرادشت - باب الصديق).

فسر لي معنى هذه الكلمات الخارجة من رأس قلمه كالرصاص، عجيبة مشاعره تجاه المرأة فكلماته عنها مثل ثقب من الثقوب السوداء يجذب إليه كل مساوئها. ولا يمكن أن أتجاهل ما كتبه عن المرأة في كتابة (إرادة القوة - 864) "المرأة، نصف البشرية الضعيف، المضطرب، المُتقلِّب، المتلوّن، إنها بحاجة إلى ديانة للضعف تقدس الضعفاء، والمحبين، والمتواضعين: أو لعلها تحول القوي إلى ضعيف، وتنتصر عندما تنجح في التغلب على القوي، لقد تآمرت المرأة دومًا مع كافة صور الانحلال ضد الرجال الأقوياء".

عزيزي القارئ كيف يمكن لإنسان يعتقد في قرارة نفسه أن المرأة عنصر مختلف وأن يتحكم في مصير المرأة، طبعاً سيتعامل معها بطريقة غير عادلة ويحرمها من أبسط حقوقها في الحياة طالما هو يشبهها بالقطط والطيور، وقس على ذلك كل من ينظر إلى المرأة نظره دونية وفي نفس الوقت له سلطة عليها، هو كارثة بالتأكيد، فهذه الرؤية عن المرأة تجعل التساؤلات تتراكم وتشتد كالأزمة، ولا تنفرج إلا بالوعي، فما من شيء في العالم شغل الفكر وأحدث ضجة بقدر ما شغلتها المرأة، هي رحلة ضد أو مع المرأة، فالذي يتعامل مع المرأة بالتفكير الذي يفرغ حسه من التصورات عن المرأة، كأنه يهجر أناه ألف مرة ليمكث في اللا أنا، لذلك كان لابد من العودة إلى بناء الواقع الذهني تجاه المرأة بشكل سليم خال من الانتقاص والتقليل والتهميش والتبعية إلى صورة أكثر صدقاً وواقعية وإنصافاً.