علي حويلي 

عقب الاعتداء الإجرامي الأخير على «مسجد كيبيك الكبير» (ذهب ضحيته ستة مصلين وعدد من الجرحى)، انفجرت صرخة غضب في قلب بايرون ميكالوف المدير الموسيقي لمشروع تبناه تحت عنوان «معاً». وما إن أعلن برنامج المشروع في مؤتمر صحافي، حتى سارع إلى المشاركة فيه 100 فنان يتحدرون من منابت وخلفيات مختلفة، بينهم قامات فنية عالمية مثل برونو بلاتير وكريم أوللي وباسكال بيكارد.

وليل الاثنين - الثلثاء، تجمهر مئة فنان عالمي على خشبة مسرح «كابيتول» في كيبيك للاحتفال بعودة الحب والسلام والوئام. وجسّدوا قيم التنوع والإخاء في حفلة موسيقية مجانية قدمت على فترتين واستمرت ساعتين، وحضرها أكثر من 1200 شخص من مختلف مكوّنات المجتمع الكيبيكي. وشارك في تنظيم الحفلة 150 متطوعاً، ونقلت وقائعها على شاشتين عملاقتين إحداهما في الداخل والثانية، على رغم الصقيع، في الهواء الطلق.

افتتح الحفلة المغني برونو بلاتير بأغنية حزينة هادئة، أعقبها بأغنية «حاولت» من شريط فيديو جديد تكريماً لضحايا المجزرة. وأكدت كلماتها التعايش والتضامن بين الأقليات والكيبيكيين. وترددت أصداؤها الموسيقية في أرجاء القاعة على إيقاعات آلة القانون وموسيقى الريغي.

كما اشتمل العرض على تقديم لوحات موسيقية تعاقب على أدائها عازفون محترفون واختلط فيها نسيج من الألحان الكيبيكية والشرقية والهندية والإيرانية والغربية، حاكت مشاعر الجمهور وحرّكت أحاسيسه. وكانت على رغم تنوعها أشبه بحفلة زفاف أحياها أنوش موزيني عازف الإيقاع وبرونو لاتير عازف الغيتار ومارتان باشان عازف السنطور، إضافة إلى عروض موسيقية أخرى توّجها ببراعته عازف العود محمد المصمودي.

يبدو أن فنانين كثراً لم يتمالكوا أنفسهم وربما خالطهم شعور بأن لغة الموسيقى لم تدخل أعماق الجمهور، فبادروا إلى الإعراب عن مشاعرهم وأحاسيسهم وعواطفهم والتعبير عن أفكارهم. فمدير الحفلة ميكالو رأى «أنه لأمر محزن جداً أن نعطي السلاح أولوية، بدلاً من التركيز على التربية والثقافة». وأكد أن «دورنا ليس جمع الأموال. وهدفنا توحيد نخبة من الفنانيين العالميين حول قضية إنسانية تسلط الضوء على حل المشكلات بين الكيبيكيين والمهاجرين ودمجهم في نسيج وطني واحد». أما مصمّم العرض ومخرجه أوليفييه فاعتبر أن «الحفلة كانت عيداً عائلياً كبيراً. ونحن نحتاج إلى معانقة بعضنا بعضاً والخروج من المأساة أسرة واحدة».

وفي نهاية العرض، اعتلى بايرون خشبة المسرح وأمسك المايكروفون وقال: «أعطتني كيبيك أشياء كثيرة أعتزّ بها وأحفاط عليها: زوجتي وأولادي وأصدقائي». أما رئيس بلدية كيبيك فركز على وحدة الكيبيكيين والمهاجرين من مختلف الأصول والديانات وأعتبر هذا التعايش نموذجاً يحتذى ونحن فخورون به».

وقال علي الدهان رئيس المنتدى الثقافي في كيبيك: «نحنّ هنا كجالية مغاربية لإظهار ثِقتنا بأمّنا كيبيك التي لا نتنكّر لها نتيجة تهور بعض الأشخاص الذين يحملون أفكاراً إرهابية».

يبقى أن احتفال كيبيك قرّب الناس بعضهم من بعض، فغنوا معاً وحزنوا معاً وأصروا على العيش معاً.