ماجد الجميل

يتردد في أروقة منظمة التجارة العالمية أن الاتحاد الأوروبي وشركاء تجاريين آخرين للولايات المتحدة يرسون الأسس لتحدي مقترح أمريكي بفرض ضرائب حدودية على الواردات، في خطوة يمكن أن تؤدي إلى ظهور أكبر نزاع تجاري في تاريخ منظمة التجارة العالمية.

تأتي هذه التحركات في وقت يعمل فيه الكونجرس الأمريكي، الذي يخضع لأغلبية الجمهوريين، على إقناع الرئيس دونالد ترمب بإجراء تغيير رئيسي لنظام ضريبة الشركات في الولايات المتحدة يشمل بين أمور أخرى فرض نظام جديد تحت مسمى "تسوية الحدود"، تخضع بموجبه الواردات للضريبة وإعفاء دخول الصادرات من الضريبة. ووفقا لتقارير أمريكية غير رسمية، فإن التعريفة الجمركية الأمريكية المقترحة يمكن أن تصل إلى نسبة 100 في المائة على بعض المنتجات المستوردة، بما في ذلك لحم البقر. وعلى الرغم من أن المقترح هذا لا يزال في مراحل مبكرة، إلا أن هناك خطوات فعلية قد اتخذت في اتجاه فرض الضرائب الحدودية، إذ عقد الممثل التجاري الأمريكي "يُعادل وزير التجارة الخارجية" جلسة استماع في واشنطن في منتصف شباط (فبراير) الماضي لمناقشة تطبيق التعريفة الجمركية.
وإذا ما اتخذت واشنطن هذا الإجراء فإنه سيقع في إطار ما تسميه الولايات المتحدة بـ "الممارسات التجارية غير العادلة للاتحاد الأوروبي" التي تصفها بأنها تمييزية ضد صناعة لحوم البقر في الولايات المتحدة. وتقول واشنطن "إن حظر بروكسل لحوم الأبقار الأمريكية المعالجة بالهرمونات المفروض منذ نحو 20 عاماً، لا يستند إلى العلم الصِرف، وهو تمييز ضد مربي البقر الأمريكيين". ويحذر أعضاء في منظمة التجارة ومختصون تجاريون من أن تبني الولايات المتحدة هذه الخطوة، سيؤدي إلى ظهور أكبر تحد للنظام التجاري العالمي الذي يقوم على أساس إلغاء الرسوم والحواجز الجمركية، خاصة أن التحدي يأتي من أكثر الأعضاء نفوذاً.
ورداً على استفسار من "الاقتصادية"، رفضت البعثة التجارية الأوروبية في جنيف الحديث عما أسمته "تكهنات عن شكوى تجارية غير قائمة"، غير أنها قدمت لـ "الاقتصادية" تصريحاً لـ يوركي كاتاينن، نائب رئيس اللجنة الأوروبية الذي يشرف على السياسة التجارية في الاتحاد الأوروبي، جاء فيه "إن أوروبا ترغب في تفادي حرب تجارية مع الولايات المتحدة يُمكن أن تكون بمنزلةة كارثة للاقتصاد العالمي. والاتحاد الأوروبي سيكون مستعداً للتحرك ضد الولايات المتحدة إذا تم تبني اقتراح ضريبة الحدود أو إقامة حواجز تجارية تعسفية أخرى".
وأضاف كاتاينن أنه "إذا تصرفت جهة ضد مصالحنا أو القواعد الدولية في مجال التجارة، فلدينا الآليات الخاصة بنا للرد، ولدينا جميع الترتيبات القانونية داخل الاتحاد الأوروبي وفي منظمة التجارة العالمية، ونحن نريد أن تُحترم القواعد العالمية المتصلة بالتجارة". ويجمع المطلعون على عمل منظمة التجارة بأن المقترح الأمريكي لن يكون بالتأكيد متوافقاً مع أحكام منظمة التجارة العالمية، بل يؤكد هؤلاء أنه ينتهك مبدأين أساسيين في منظمة التجارة العالمية، على الأقل هما: عدم السماح لأعضاء المنظمة بالتمييز ضد الواردات، أو تقديم إعانات للصادرات.
لكن القوى المؤيدة للمقترح داخل الإدارة الأمريكية تؤكد أن الضرائب الحدودية هي وسيلة للتصدي لـ "معاملة غير عادلة من جانب منظمة التجارة للضرائب التجارية". 
ويقول هؤلاء "إن قواعد المنظمة تسمح لبلدان ذات نظم ضريبية تقوم على أساس ضريبة القيمة المضافة بتقديم حسومات على الصادرات في حين إن النظم التي تقوم على أساس الدخول مثل الولايات المتحدة لا يمكن أن تفعل الشيء نفسه".
ويُحاجج هؤلاء بوجود معاملة غير متكافئة لنظام ضريبة الدخل الأمريكية ضمن قواعد منظمة التجارة، فهي، حسب وجهة نظرهم، تُقدم "إعانة جائرة" للأجانب المصدرين إلى الولايات المتحدة وتفرض "تعريفة مستترة" على الصادرات الأمريكية للعالم، ما يؤدي إلى قتل الوظائف الأمريكية والمصانع الأمريكية في الخارج.