أمجد المنيف

باعتقادي، أن إحدى أهم القضايا الحديثة هي انتشار المحتوى "المتطرف" على شبكة الإنترنت، سواء كان بفعل متعمد ومخطط له، أو غير ذلك، والأمر ليس متفردا بمجتمعاتنا، بل يشمل كل المجتمعات، بما فيها المجتمعات الغربية، التي بدأت في التعامل مع هذه القضية بأولوية قصوى، واستعداد أكبر.

أعرف جيدا بأن هناك جهودا كبيرة تبذل لمجابهة هذا النوع من المحتوى لدينا، إلا أنها تحتاج العمل المضاعف، والتحديث المستمر، وتوحيد الجهود في خطوط متوازية مستدامة، تستوعب المتغيرات، والاحتياج الآني، لأن أساليب العاملين في ضخ المحتوى تتحدث بشكل سريع.

لفت انتباهي تقرير نشرته الـBBC، عنونته بـ "الغرب يخسر معركته ضد التطرف على الإنترنت"، قالت فيه إن بحثا جديدا وجد أن حجم المحتوى "المتطرف" على محركات البحث في الإنترنت يتسع ويتزايد ويصبح أكثر سيطرة عما قبل.

وبحسب التقرير، تضمنت المواد المنشورة أمورا مختلفة ومتنوعة، منها الدعوة لسقوط الأنظمة والمجتمعات الديمقراطية، وبناء ما يسمى "دولة الخلافة" و"إقامة الشريعة" -حسب فهم المتطرفين للدين الإسلامي- ثم في مرحلة تالية تقود نتائج البحث القارئ إلى أمور أكثر تطرفا مثل الدعوات إلى قتل الكافرين وغير المسلمين.

رغم أهمية العمل التقني، إلا أن الجهود يجب أن تكون على الأرض مباشرة، في نفس الوقت، من خلال طرح الحملات التثقيفية والمبادرات التوعوية، ودعم برامج التسامح، وإقرار -وتحديث- القوانين المرتبطة بذلك. خاصة أن دراسة خلصت إلى أن الإنسان لا يتحول إلى "متطرف" على مواقع التواصل الاجتماعي فقط، بل قد يتشكل وعيه الجديد خلال عمليات البحث على شبكة الإنترنت، قبل أن يتجه لمواقع التواصل الاجتماعي لاحقا.

ومن الأرقام المرعبة، التي قد تشرح مدى تغلغل التطرف في محتوى الإنترنت، فمنذ عام 2010، قامت الحكومة البريطانية بإزالة 250 ألف منشور على الإنترنت بسبب المحتوى "المتطرف"، كأحد أهم أمثلة مقاومته. كما كشفت دراسة إلى أن هناك ما يقرب من نصف مليون عملية بحث عالميا على محرك غوغل عن محتوى "متطرف" كل شهر وذلك في وقت إجراء البحث في مايو 2016. وأن هناك نحو 56 ألف عملية بحث في بريطانيا (شهريا) على محركات البحث باستخدام كلمات تقود إلى محتوى "متطرف".

بقيت نقطة أخيرة، بعيدة عن المحتوى المتطرف بشكل مباشر، تتمثل في وصول المحتوى التسويقي لمواقع تبث محتوى متطرفا، حيث يتم الترويج من خلال خوارزميات وحسابات تقنية، تضمن الظهور عبر مواقع ذات تأثير وزيارة، فتختار التقنية مواقع مشبوهة.. وهذه بحد ذاتها مشكلة أخرى! والسلام..