جاسر عبدالعزيز الجاسر

قبل أيام توجه جنرال الإرهاب قاسم سليماني إلى إقليم كردستان العراق، وبالتحديد إلى مدينة السليمانية معقل حزب الاتحاد الوطني الكردستاني الذي يرأسه جلال طالباني وينتمي إليه رئيس جمهورية العراق الحالي، وهو حزب لا يخفي «عمالته» لإيران منذ أيام الشاه رضا بهلوي، وبعد استيلاء جماعة خميني وملالي إيران تحول ولاء الحزب إلى المعممين الإيرانيين مما دفع منافسيه الحزب الديمقراطي الكردستاني حزب أبناء البرزاني إلى التعاون مع تركيا، ينقسم أكراد العراق إلى ثلاث شيع، فبالإضافة إلى الحضنين الإيراني والتركي، هناك جماعة من الأكراد لا تزال تفضل «حضن الوطن» الحضن العراقي.

بين هذه الشيع الكردية الثلاث يدور صراع كان غير معلن في البداية، إلا أنه ظهر في الفترة الأخيرة، يتمثل في رغبة الأكراد في الانفصال عن العراق، وإعلان دولتهم بعد أن يفكوا ارتباطهم بالدولة العراقية الاتحادية، ويرتقوا بالإقليم إلى مرتبة الدولة.

مسعود مصطفى البرزاني رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني وابن الزعيم التاريخي للأ كراد يقود هذا الاتجاه ويؤيده في هذا التوجه أغلبية كبيرة من الأكراد، إلا أن سعي ورغبة الأكراد ورئيسهم وابن زعيمهم التاريخي مسعود البرزاني تصطدم بمناوئيين كثر، فبالإضافة إلى عدم تحبيذ نسبة ليست قليلة من الأكراد الذين يحبذون البقاء ضمن الوطن العراقي لأنهم يستفيدون أكثر من انفصالهم، خاصة وأنهم يحصلون من وجودهم ضمن دولة الاتحاد أكثر مما يقدمون، وأنهم مقدمون على غيرهم، إلا أن مسعود البرزاني يرى أن هذا الوقت أفضل من أي وقت لتحقيق حلم الدولة الكردية.

في المقابل، لا تشاطر الدول الإقليمية المجاورة والتي تضم تجمعات كردية كبيرة رغبة البرزاني، فحتى تركيا حليفته تتحفظ على مساعيه في تكوين نواة للدولة الكردية، إلا أنها تغض النظر عن مساعيه بقصد عدم خسارته، وأيضاً لقدرتها على إقناعه بالتأثير على أكراد تركيا لعدم إثارة القلاقل معها.

طبعاً، سورية في ظل نظام بشار الأسد غير قادرة على منع الأكراد من تكرار مسيرة أكراد العراق، وما تقوم به «قوات سورية الديمقراطية» يشبه وإلى حد بعيد ما قامت به بشيمركة العراق، وسواء فرض الأكراد إقليماً لهم في شمال سوريا أو حصلوا على وضع مميز ضمن حكم فيدرالي لسوريا، فإنهم لابد وأن يكونوا مهيئين للانضمام إلى أكراد العراق لتوسيع الدولة الكردية، وهذا ما يرعب إيران أكثر من غيرها، فأكراد إيران أكثر من أكراد العراق وأكراد سوريا، وإن جاء تعدادهم أقلّ من أكراد تركيا، وأكراد إيران هم أكثر الأكراد حلماً وتشبثاً بالدولة الكردية التي أنشئت وأقيمت في إيران قبل إسقاطها وإفشال التجربة الكردية.

ولذلك، فإن ملالي إيران وكل الأنظمة التي حكمت إيران تعي خطورة أن يكون للأكراد دولة مجاورة، وبالذات في العراق، وهنا تحرك نظام طهران للضغط على حليفهم في السليمانية حزب جلال طالباني لعرقلة خطط مسعود البرزاني وحزبه في التفكير بإجراء استفتاء على انفصال إقليم كردستان العراق وإقامة الدولة الكردية، وأرسل قاسم سليماني لتخريب أي تفاهم كردي حول إجراء استفتاء حتماً سينتهي بتأييد انفصال الإقليم، ولقاسم سليماني أساليبه في فرض إرادة ملالي إيران على أكراد السليمانية الذين يشكلون تقريباً نصف الأكراد المعارضين للاستفتاء