عبدالله محمد الشيبة

شهدت دولة الإمارات العربية المتحدة خلال الأيام القليلة الماضية ثلاثة أحداث ذات أهمية وطنية واستراتيجية كبيرة. تمثل الحدث الأول في إطلاق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، «البرنامج الوطني للفضاء». ‬واعتماد ‬سموهما ‬استراتيجية «‬البرنامج ‬الوطني ‬للفضاء»، ‬التي ‬تعد ‬أكبر ‬خطة ‬علمية ‬متكاملة ‬من ‬نوعها ‬في ‬المنطقة، ‬وتتضمن ‬إنشاء ‬أول ‬مدينة ‬علمية ‬لمحاكاة ‬الحياة ‬على ‬كوكب ‬المريخ، ‬وتضم ‬متحفاً ‬للمريخ ‬ومختبرات ‬متخصصة، ‬إضافة ‬إلى ‬مختبر ‬تجارب ‬انعدام ‬الجاذبية ‬و«البرنامج ‬العربي ‬لاستكشاف ‬الفضاء»، ‬وإطلاق ‬أكبر ‬منتدى ‬لعلماء ‬المريخ ‬في ‬العالم.

بينما جاء الحدث الثاني عندما دشن سمو الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان، نائب رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، مبادرة «هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة» و «برنامج تنمية المواهب» بالتعاون مع مجلس أبوظبي للتعليم، ثم جاء إطلاق «مركز أبوظبي للتعليم والتدريب التقني والمهني» المسابقة الوطنية «مهارات الإمارات2017»، تلك المسابقة التي تأسست عام 2006 لتكون الراعي الوطني الأبرز للمواهب الوطنية المتميزة في المجالات التقنية والمهنية إضافة إلى إطلاع الشباب على المسارات الوظيفية والمهنية المطلوبة في سوق العمل، والتي تتوافق مع الاقتصاد المعرفي.

وتندرج مسابقة «مهارات الإمارات» ضمن برنامج وطني متكامل يشرف عليه مركز أبوظبي للتعليم والتدريب التقني والمهني، ويرمي تحقيق عدة أهداف استراتيجية، منها دعم التنمية الصناعية في دولة الإمارات العربية المتحدة من خلال تزويد الشباب المحلي بالخبرة العملية، التي من شأنها تعزيز مهاراتهم التقنية وإعداد الفريق الوطني لدولة الإمارات من المشاركين ذوي المهارات العالية القادرين على المنافسة في المسابقات الإقليمية والدولية. إضافة لذلك يهدف البرنامج إلى إعداد العمالة الوطنية لخدمة التنمية الصناعية والتكنولوجية في دولة الإمارات العربية المتحدة وتوفير فرص لشباب دولة الإمارات لمواجهة تحديات المشاركة في مسابقات المهارات على الصعيد الوطني والإقليمي والدولي. والجدير بالذكر أن اهتمام الدولة برعاية مهارات المبدعين من خلال برنامج «مهارات الإمارات» يتماشى مع الرؤية الاقتصادية 2030 لإمارة أبوظبي والرؤية الوطنية لدولة الإمارات 2021 من خلال تشجيع وتنمية الموارد البشرية وإعداد القوى العاملة الوطنية لخدمة النمو الصناعي والتقني المنشود في الدولة.

إذن، نحن أمام طفرة وطنية كبيرة أساسها المهارات والمواهب والإبداع بين مواطني الدولة. والملاحظ أن قيادة الدولة الرشيدة ترعى هذه المرحلة المهمة من مراحل إعداد وتأهيل شباب الدولة للقيام بأعباء تنمية الوطن في كافة المجالات بناء على خطة دقيقة وشاملة أساسها المهارات والمواهب. وبرأيي أن برنامج «مهارات الإمارات» لا يضع فقط حجر أساس تحديد المهارات والمواهب الوطنية، بل يقوم برعايتها وصقلها وتطويرها لكي تستطيع المساهمة في مجالات اقتصاد المعرفة بتميز واقتدار.

ولا يوجد دليل أبلغ على هذا من خطة الدولة للوصول لكوكب المريخ على المدى القصير في العام 2021 ثم التركيز على إنشاء أول مستوطنة بشرية على سطح هذا الكوكب الأحمر بحلول عام 2117 ، وذلك على المدى الطويل. ويسبق ذلك بناء الأقمار الصناعية بأياد إماراتية خالصة واختيار وتأهيل رواد فضاء إماراتيين على أن يتم إرسال أحدهم للانضمام إلى فريق العلماء في "المحطة الفضائية الدولية".

ولقد أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة على ذلك بقوله: «الاستثمار في الفضاء هو استثمار في عقول إماراتية وكوادر عربية وعلوم تخصصية تصل بدولة الإمارات لنجاحات جديدة». وأعتقد أن تركيز الدولة على رعاية وتنمية مهارات مواطنيها سوف يساهم بقوة في تطوير عقول وخبرات الشباب المواطنين مما سينعكس بقوة على استمرار تميز الدولة في كافة المحافل الدولية ببصمات إماراتية.