«الجزيرة» - الاقتصاد:

كشف وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية عن أن التحولات الإصلاحية الراهنة التي تعيشها دول مجلس التعاون أرسلت رسالةً خاطئةً للبعض مفادها أن دول المجلس تسير في اتجاه الاستغناء عن البترول كلياً. مؤكداً بأن الحقيقة هي أننا نسعى للبناء على ما حققناه، وما سنحققه، في صناعة البترول. 

وقال المهندس خالد الفالح إن دول المجلس تستهدف عبر التحولات والتطورات التنموية الحالية تنويع اقتصاداتها وأن حرصها على الحفاظ على مكانتها في سوق النفط العالمية لم يمنعها من تطوير مصادر الطاقة المتجددة، لأن في هذا إسهاماً في حماية البيئة والحفاظ عليها، ولأنه كذلك يعينها على توفير كميات البترول التي تستهلكها، محلياً، لتكون متاحة للتصدير إلى عالم يتزايد الطلب فيه على الطاقة بوتيرة مدهشة. 

وأشار الفالح خلال ملتقى الإعلام البترولي الثالث لدول المجلس بأبوظبي أن دول الخليج تشهد تحولات وتطورات تاريخية مهمة، لعل من أبرزها الرؤى التنموية والإصلاحات الاقتصادية الطموحة، التي تهدف إلى تنويع مصادر الدخل وتحقيق التنمية المستدامة. 
وقال: رُغم تقدير هذه الرؤى التنموية الشاملة للدور الحيوي الذي نهضت به الصناعة البترولية في اقتصادات المنطقة، فقد سعت إلى تقليل الاعتماد على البترول كمصدرٍ رئيس للدخل، ووضعت خططاً، وبذلت جهوداً كبيرة كان من بينها الاستثمار الجاد في زيادة حصة الطاقة المتجددة في المزيج الكلي للطاقة، والعمل بالتوازي لرفع كفاءة الطاقة بشكل عام، فضلاً عن الاستثمار الموسع في جميع القطاعات الاقتصادية. 

ودعا الفالح الإعلام البترولي الخليجي المتخصص إلى التصدى لبعض المزاعم التي تتعرض لها الدول المنتجة للنفط ومنها دول مجلس التعاون، مشيراً إلى أنه يجب على الإعلام الخليجي التعامل معها بمستوى الأهمية التي تستحقها، وذكر منها؛ الصورة السلبية للدول المنتجة للبترول، ومنها دول المجلس، من حيث الادعاء بأنها تمارس ضغوطاً على المستهلكين في سوق النفط، لتحقيق مكاسب لها على حساب مصالحهم. 

وتطرق الوزير إلى الكلام غير الدقيق وغير المدعوم علمياً؛ أولاً عن وصول البترول إلى ذروة العرض، ثم وصوله إلى ذروة الطلب، وبداية ما وصفه المُدّعون بمرحلة النهاية بالنسبة له، والذي أثبتت الدراسات خطأه، مبيناً أن مثل هذه الأقاويل أطلقت للترويج لمصادر أخرى للطاقة، أو لتبرير الاستثمار في تلك المصادر، أو للتقليل من مكانة الدول المنتجة الكبرى. وكشف الفالح أن الدراسات العلمية أكدت أن احتياطات العالم من البترول كافية لسنوات طويلة، رغم تصاعد الطلب عليه، خاصةً إذا ما تم التعامل مع هذه الاحتياطيات بأسلوب واعٍ لإدارة مكامنها. 

ثم تناول الفالح محاولة الربط بين الصناعة البترولية وبين تأثر البيئة سلباً بها، واتهام الدول المُنتجة ومنها دول المجلس، بعدم الاكتراث لحماية البيئة، في تغاضٍ عن الجهود المستمرة لدول المجلس للإسهام في حماية البيئة والوفاء بالتزاماتها تجاه الاتفاقات الدولية في هذا الخصوص. 

وتأكيداً لجهود دول المجلس في الحفاظ على البيئة، ضرب الفالح مثالين هما مبادرة خادم الحرمين الشريفين للطاقة المُتجددة في المملكة، وقمة الاستدامة التي عُقدت ضمن أسبوع أبوظبي للاستدامة. بعد ذلك تناول موضوع حجم العوائد والقيمة المالية التي تجنيها الدول المستهلكة من البترول، بقوله: على خلاف ما يشيع الإعلام المغرض من أن الدول المنتجة هي الرابح الوحيد في سلسلة صناعة البترول، نجد أن ما يتراوح بين40و80% من قيمة لتر الوقود في العديد من الدول المتقدمة المُستهلكة، على سبيل المثال، يذهب كضرائب تجنيها الحكومات هناك، فيما تتوزع النسبة الباقية على المنتجين والناقلين والمُكررين والموزعين وقائمة طويلة من الخدمات المساندة لهم. 

وخلُص الفالح إلى القول إن هذه الحقائق وغيرها، تؤكد أن دول المجلس بحاجة إلى إعلام بترولي يُثقِّف الجمهور، في الداخل والخارج، ويعرض وجهات نظر دول الخليج، ويُدافع عن مواقفها وقضاياها، ويدعم جهودها ونهضتها، ويُبرز إنجازاتها، بفكر، وعلم، وموضوعية، ومهنية عالية، وقدرة متميزة على الوصول إلى الجماهير المُستهدفة. 

وإتماماً لهذه النقطة، تحدث الفالح عن التركيبة التي يكمُن فيها سر النجاح في بناء وتفعيل إعلام بترولي ناجح، مشيراً إلى أن هذه التركيبة تتكون من مجموعة ركائز هي: تضافر جهود جميع الجهات المعنية، في شراكات فاعلة ومتكاملة، لتبني تطوير إعلاميين بتروليين مُتميزين وواعدين، والحرص اكتشاف الكفاءات الموهوبة، التي تُظهر شغفاً حقيقياً بالعمل في مجال الإعلام البترولي، ودعمها بالمعرفة العلمية، وقيام المؤسسات الإعلامية التي يعمل بها الإعلامي الموهوب، وشركات البترول الكُبرى، والمؤسسات الإعلامية والبحثية المحلية والإقليمية والعالمية المُتخصصة والمتميزة في هذا المجال، بتبني مسارات وفُرص تطوّر مهني خلاقة للمُتخصصين، لحفزهم على الاستمرار، وتوفير بيئة عملاعمة وعامرة بالتحدي، وبفرص التطور والنمو الوظيفي. 

وتطرق الفالح لركائز تطوير الإعلام البترولي والإعلاميين البتروليين، بالتأكيد على أن الراغبين في العمل بهذا المجال هم العنصر الأهم في عملية تطوير أنفسهم، وأن عليهم ترجمة شغفهم بالإعلام البترولي إلى جهود صادقة مكرسة لاكتساب المعرفة العلمية، والخبرة المهنية، وبناء العلاقات المحلية والعالمية، والالتزام بإطار راسخ من الأخلاقيات المهنية الرفيعة التي تنعكس على صحة ودقة المعلومات والتحليلات. 

ثم طرح الفالح فكرة تغيير اسم الملتقى ليكون «ملتقى إعلام الطاقة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية»، وبالتالي توسيع قاعدته بحيث يشمل جميع قطاعات الطاقة وما يرتبط بها، ليعكس اتساع اهتمام دول المجلس من البترول فقط إلى الطاقة بمعناها الشامل. وأكد الوزير أن دول الخليج تمتلك قصصاً رائعة ترتبط بنشأة ومسيرة صناعتها البترولية، على الأصعدة المحلية والعالمية، وأنه يجب أن يسمع بها العالم أجمع، فضلاً عن أن يسمع بها أبناء الخليج، الأمر الذي يؤكد حاجة دول الخليج لإعلام بترولي متخصص وفاعل ونشط يقوم بهذه المُهمة.