عادل الحميدان

لا يمكن قراءة المشهد الإيراني بمعزل عن فهم طبيعة التناقضات في العقلية التي تحكم هذه الدولة منذ العام 1979م، فهناك صورة ذهنية عن إيران كمركز للإرهاب الدولي تترسخ يوماً بعد يوم نتيجة السياسات الحمقاء لنظام الولي الفقيه التي نشرت القتل والدمار مبتدئة بمعارضيها في الداخل مروراً بالشعوب غير الفارسية على ذات الأرض، والشعب العربي في الأحواز المحتلة وقائمة طويلة من الشعوب والدول تمتد من الخليج وحتى أقصى القارة الأميركية الجنوبية.

فمفاهيم النخبة الحاكمة لهذه الدولة عن حسن الجوار وعلاقات الشراكة وقيم التسامح والحرية والعدالة وحقوق الإنسان مختلفة تماماً عما يعتقده العالم أجمع باختلاف معتقدات شعوبه الدينية، وتعدد خلفياتهم العرقية والثقافية، وهذا ما أدى إلى استحالة الوقوف على أرضية حوار مشترك مع هذا النظام الغريب الأطوار.

هذا هو واقعنا مع إيران، وهو الواقع الذي أكد عليه سمو ولي ولي العهد عندما أشار إلى عدم وجود أي نقاط للتفاهم مع "نظام قائم على أيديولوجية متطرفة منصوص عليها في دستوره ومنصوص عليها في وصية الخميني بأنه يجب أن يسيطر على مسلمي العالم الإسلامي".

ففي هذا النظام فقط يسمى من يقتل عدداً أقل إصلاحياً، ومن يظلل الناس مرشداً، ومن يرتكب جرائم حرب في حق المدنيين حارساً للثورة!.. وهنا تتشكل معضلة يجد الجميع أنفسهم مجبرين على مواجهتها بكل قوة، فالجار المزعج يمكن علاج مشكلتك معه بسد أذنيك اتقاء إزعاجه، لكن الوضع يكون مختلفاً أمام الجار المؤذي حيث ستجد نفسك مهدداً في كل يوم من قبله، ولن تقف بالتأكيد موقف المتفرج على رغبته المتواصلة في إيذائك، وعندها ستضطر مجبراً لمواجهته والوقوف بحزم أمام تجاوزاته.