تشارلي وود

تخيل: بكبسة زر واحدة، يقفز فريق من الآلات إلى العمل، يأخذ مخططاً رقمياً، ويحول أرض فضاء إلى منزل في غضون أيام. وهي تنتهي من العمل في الوقت المحدد، بلا ميزانية، ولا إهدار.

هذه الرؤية التي تشبه مسلسل الكرتون «ذا جستونز» لمستقبل آلي قد أصبحت إلى حد كبير حقيقة بالنسبة لصناعة السيارات. والآن، يأمل المهندسون أن تكون المباني هي الخطوة القادمة. وبدءاً من مباني شركة «ابيس كور» ثلاثية الأبعاد إلى الذراع الروبوتية متعددة الأغراض التي تصنعها شركة «ميت ميديا لاب»، فإن الشركات الجديدة وفرق البحث على حد السواء تهدف إلى إحداث ثورة رقمية في الصناعة التناظرية، والتي أثبتت حتى الآن أنها مقاومة للاضطراب.

في موقف للسيارات في كاليفورنيا في شهر يوليو الماضي، أقيم مبنى يشبه القبة باتساع 50 قدماً وارتفاع 12 قدماً في غضون يومين فقط، حيث أمضت ذراع روبوتية تركب عجلات بجنازير تشبه الدبابة وذاتية القيادة 13.5 ساعة في تثبيت طبقة تلو الأخرى من الفوم البلاستيكي حتى أصبحت خلية نحل صفراء عملاقة. وتأمل شركة «ميت ميديا لاب» أن تتمكن منصتها للبناء الرقمي التي قدمتها في مجلة «ساينس روبوتيكس» في شهر أبريل، من وضع الأساس للمباني المستقبلية.

وقال الكاتب «ستيفين كيتينج»: «لقد رأينا تقدماً كبيراً وهائلاً من خلال العمليات الرقمية للجانب التصميمي. لكننا لم نر حقاً أن هذا تتم ترجمته إلى موقع بناء». وعلى الرغم من الظهور المزعوم للثورة الصناعية الرابعة، ما زال البناؤون يبنون بالطريقة نفسها التي كانوا يستخدمونها قبل الثورة الأولى: رص المستطيلات، وأحياناً باليد.

إن التشييد صناعة هائلة، وتستهلك موارد خام أكثر من أي صناعة أخرى، وتمثل 11% من إجمالي النشاط الاقتصادي العالمي، بيد أن هذا لا يكفي، أيضاً: فالبناء ينتج عنه نصف النفايات الصلبة في الولايات المتحدة، ما يجعله هدفاً رئيساً للدقة التي توفرها الروبوتات. وعلى الرغم من ذلك، فإن مواقع البناء، بعكس خطوط التجميع، تقع تحت رحمة الطبيعة الأم. ونحن نعتمد على المباني لسلامتنا أكثر بكثير من المنتجات الاستهلاكية الأخرى.

وعلى هذا النحو، فإن صناعة البناء والتشييد أثبتت أنها مقاومة للتجديد، وهذا أمر مفهوم، بحسب ما أوضح دكتور كيتينج في مقابلة عبر الهاتف. وقال: «يجب أن يشعروا بالقلق بشأن المباني التي تتراوح أعمارها بين 50 – 100 عام. فالأرواح تكون في خطر». ومع ذلك، فإن بعض الفرق تعتقد أنها حققت تقدماً كبيراً. في شهر فبراير، قامت الذراع الروبوتية لشركة «ابيس كور»، المنشأة حديثاً، ببناء ثلاث طبقات من الخرسانة سريعة الجفاف في جدران ما نسميه أول منزل ثلاثي الأبعاد مصمم في الموقع. واستغرق استكمال المنزل النموذجي الذي بلغت تكلفته 10 آلاف دولار شهراً واحداً، بما في ذلك تركيب الأسلاك والتشطيب، وطلاء الجدران الذي استغرق يوماً واحداً، كما ذكر المتحدث باسم الشركة «كونستانتين نيفيديف».

وبدلاً من الذهاب مباشرة لتشييد مبنى كامل باستخدام مواد جديدة، اختارت شركة «ميت» بناء قالب مناسب لصب الخرسانة العادية كدليل على مفهومها، وهي طريقة متخلفة - تتناسب مع نصف قرن من تاريخ البناء.

ويتفق «ألكسندر شراير»، أستاذ تكنولوجيا البناء في جامعة ماساشوسيتس في أمهرست، أن الطباعة ثلاثية الأبعاد من الممكن أن تجلب مكاسب، لكنه يشك أنها لن تكون حلاً واحداً يناسب الجميع. وهو يقول: «في البناء يكون دائماً لديك مزيج من التقنيات. وبدلاً من قول سأبني منزلاً بالكامل بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد، أعتقد أن المزج بين الأساليب والتقنيات هو في النهاية المطاف نهج جيد حقاً».

* ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»