استيقظت تركيا على حجب إعلامي متعمد لتصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي اتهم فيها قطر بدعم الإرهاب وطالبها بوقف تمويله فوراً، مقابل إبراز قوي لتصريحات الرئيس رجب طيب أردوغان عن دعم قطر وصور للبضائع التركية التي تم شحنها إلى الدوحة.

ويبدو أن أنقرة فوجئت بتصريحات ترامب واتهاماته المباشرة للدوحة، خصوصاً أن أردوغان سبق أن أكد أنه «يرفض اتهام قطر بدعم الإرهاب». علماً أن جميع تصريحات أردوغان جاءت قبل التصريح الأخير لترامب.

وفي محاولات الإعلام لتفسير موقف أردوغان من الأزمة القطرية، ذهب البعض، مثل صحيفة «حرييت» للإشارة إلى الاستثمارات القطرية في تركيا والتي بلغت 9.5 بليون دولار، علماً أن الصحيفة أشارت إلى تضارب أرقام المسؤولين في البلدين حول هذه المسألة، مشيرة إلى أن المسؤولين القطريين يتحدثون عن 18 بليوناً، بينما تعترف وزارة التجارة التركية بوجود بليون ونصف بليون فقط من الاستثمارات، فيما تشير وسائل إعلام أخرى إلى وجود استثمارات قطرية مباشرة لمشاريع يملكها أو يرأسها أفراد من عائلة أردوغان، مثل وقف ترغيف الذي يترأسه ابنه بلال وشريك مع مؤسسات قطرية.

كما ذهبت وسائل إعلام تركية إلى الحديث عن تأثير اللوبي القطري «الإخواني» في تركيا الذي يحاصر أردوغان لإقناعه بأن الحملة ضد قطر تستهدفه شخصياً، وأنها محاولة انقلابية جديدة عليه لكن يتم تنفيذها من بعيد هذه المرة، خصوصاً مع عودة رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو فجأة وبقوة للظهور والدفاع عن قطر وتأكيد «ارتباط المصير معها» على خلفية «قضية واحدة تجمع البلدين».

وسأل الصحافي التركي روشان شاكر المتخصص في شؤون حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في موقعه على الإنترنت: «لقد سرنا وراء قطر في مصر وما حدث مع مرسي وندمنا وتراجعنا، وسرنا مع قطر في سورية وندمنا مرة ثانية، واليوم نقف مرة ثالثة مع قطر من دون أن توضح الحكومة للمواطن سبب هذا التمسك القوي بالدوحة».

ويأتي هذا التساؤل في وقت انقسم الإعلام التركي بين مؤيد بالمطلق لدعم قطر، وهي الصحف الإسلامية التي غيرت فجأة توجهاتها لتبدأ الحديث عن «مؤامرة تحاك لقطر وإيران»، وتحولت إيران على صفحاتها من «مجرم يدعم قتل السوريين والعراقيين» إلى «ضحية مؤامرة أميركية- عربية» على حد وصف رئيس تحرير «يني شفق» إبراهيم قره غول.

وفشلت الخارجية التركية في الرد على أسئلة المعارضة البرلمانية عن سبب إنشاء قاعدة عسكرية في قطر بالتحديد، أو طرح أسباب لوجستية أو جغرافية، واكتفت بالقول إن «قطر وقفت إلى جانب تركيا في أزمة المحاولة الانقلابية الفاشلة» بينما اتفاق بناء القاعدة يسبق تلك المحاولة بكثير.

في المقابل، تحدث محللون سياسيون عن ضرورة عدم الوقوع في مواجهة مع المملكة العربية السعودية، وأن من يحض أردوغان على دعم قطر إنما «يدفعه إلى الوقوع في فخ»، في إشارة إلى الجماعة المحسوبة على داود أوغلو، ومن أجل مصالح خاصة لهذه الجماعة.

وفي ما يتعلق بتفعيل اتفاقية بناء قاعدة عسكرية تركية في قطر، كشفت صحيفة «سوزجو» أن الاتفاقية تنص على إرسال 600 جندي إلى القاعدة على دفعات، وخلال أشهر عدة، وأن جميع مصاريف القاعدة التركية مدفوعة من قطر، فيما ذكرت صحيفة «يني عقد» الإسلامية الموالية «أن اتفاقية القاعدة العسكرية تضم بنداً سرياً بتعهد تركيا حماية أمير قطر»، وهو السر الذي ربما يقف وراء موقف أردوغان من الأزمة القطرية.