خالد أحمد الطراح

بالطبع لا يمكن أن تكون هناك خطة لهيكلة المجهول، فهي معادلة غير منطقية، حيث إنه لا يمكن وضع تصور للمجهول ومستقبل مبهم!
عندنا في «الكويت الجديدة» وأحلام «التنمية المستدامة»، كما ترددها الحكومة، سياسات من السهل أن يتغنى فيها المسؤولون بينما المضمون غير واقعي ويحاكي المجهول، فيما يصر البعض على الإبحار دون سفينة وسط تلاطم الأمواج!
من الملفات الساخنة التي تشغل الساحة منذ سنوات هي قضية التوظيف وربط مخرجات التعليم مع متطلبات سوق العمل. لذا، أنشأت الحكومة جهازا تحت مسمى برنامج إعادة هيكلة القوى العاملة والجهاز التنفيذي للدولة استنادا لقرار مجلس الوزراء 767 لعام 1997 «بهدف تصحيح الاختلالات في سوق العمل والتغيير في مسارات التوظيف، وان القطاع الخاص هو الموظف الأكبر للعمالة الوطنية» بحسب رؤية البرنامج!
إنجازات وتطور القطاع الخاص لا يمكن حصرها في مقال أو مجلد، فما نشهده اليوم من نهضة عمرانية وتجارية ومشاريع ضخمة لا حصر لها هي عائدة للقطاع الخاص على الرغم من روتين بيروقراطي حكومي لا يوفر بيئة عمل مشجعة أو جاذبة للتطوير، فإجراءات الحكومة وفقا لآخر الدراسات الدولية حددت «فترة الإنجاز بـ61 يوما نتيجة 21 إجراء حكومياً»!
بتقديري أن الدراسة ربما بنيت على المشاريع الضخمة جدا، حيث نجد ان 61 يوما للإنجاز أمر مقبول الى حد ما، بينما هناك معاملات روتينية لا أتوقع أنها من الممكن أن تنجز في 61 يوماً إلا في حالة وجود واسطة قوية لتسهيل الإنجاز!
كثير من المواطنين والمقيمين باتوا يصابون بحالات اليأس والبؤس بسبب روتين الحكومة وعدد المستندات المطلوبة التي يفترض أن تكون ضمن شبكة معلومات الدولة في حال إذا كانت الشبكة تعمل بشكل فعلي!
أعود إلى جهاز إعادة الهيكلة، حيث يتبين أن عدد الباحثين عن العمل يفوق «14 ألف باحث» من الجنسين طبعا، بينما «الفرص المتاحة» وفقا للموقع الإلكتروني للجهاز تم تحديدها بـ«788 فرصة» أي بنسبة نحو %5 من إجمالي الباحثين عن العمل لغاية النصف الثاني فقط من شهر مايو 2017!
هل يعقل أن برنامج إعادة الهيكلة لم يستطع منذ 1997 إيجاد حلول حتى تقفز فرص العمل المتاحة إلى نسبة ملموسة ومرضية؟ هل يعقل أن «نافذة العمل في القطاع الخاص»، وهي رؤية البرنامج، لم تستطع معالجة التراجع الحاد في نسبة العاملين من المواطنين في القطاع الخاص، بل يزداد التراجع سنوياً!
بالتأكيد لا يمكن تسجيل هذه القفزات بسبب سياسات ضبابية وشراكة وهمية مع القطاع الخاص تصدرها الحكومة في بياناتها من حين إلى آخر!
في المقابل، هناك معضلة تواجه الحكومة في توظيف أعداد هائلة بانتظار فرص العمل تحت مظلة حنان الحكومة، لم تر حلا سريعا إلى اليوم!
الحل في مثل هذه الظروف بالطريقة الكويتية هو في إنشاء جهاز جديد ضمن الجهاز الحكومي لمعالجة برنامج إعادة الهيكلة ومساعدته على الانتقال من هيكلة المجهول إلى إعادة هيكلة الواقع المعقد الذي خلقته الحكومة وليس سواها!
أما المواطن الباحث عن العمل، فعليه أن يتحلى بالصبر، فالتنمية البشرية تفسيرها مختلف عندنا عن نظرية التنمية البشرية العلمية، وكذلك الحال في التنمية المستدامة!